الحريري: لبنان لن يكون ولايًة إيرانية.. ولن نسمح بجرنا إلى خانة العداء مع السعودية
قال: لم نرشح عون.. وترشيح فرنجية أعاد ملف الرئاسة إلى الأولوية
أكد رئيس تيار «المستقبل»٬ رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري أمس٬ أّن «لبنان لن يكون تحت أي ظرف من الظروف ولاية إيرانية»٬ مؤّكًدا «عدم السماح لأحد بجر لبنان إلى خانة العداء مع السعودية والخليج»٬ مرحًبا في الوقت نفسه بمصالحة » حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع٬ والنائب ميشال عون٬ ومؤكًدا أن ترشيحه الوزير الأسبق سليمان فرنجية للانتخابات الرئاسية٬ «جرأة من منطلق يتجاوز مصالحنا الخاصة لإنهاء الشغور الرئاسي» مؤكًدا «إننا نملك الشجاعة لاتخاذ الموقف والإعلان بأننا لن نخشى وصول أي شريك في الوطن إلى رأس السلطة»٬ وذلك بهدف وضع حد للفراغ الرئاسي.
كلام الحريري٬ جاء في خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري مساء أمس في مجمع «البيال» في وسط بيروت٬ بحضور حشد من الرسميين والشخصيات السياسية والدينية وممثلي الأحزاب والجمعيات. وتلا الحريري كلمته مباشرة بعدما وصل إلى بيروت فجر أمس في زيارة نادرة للبلاد٬ هي الثالثة لبنان منذ أن غادر لبنان عام 2011 بعد أن أطاح تحالف 8 آذار الذي يضم حزب الله بحكومته.
واستهل الحريري كلمته بالتأكيد أن «زمن الوصاية السورية٬ لم يستطع أن يفبرك أشخاًصا أكبر من لبنان. وزمن الاستقواء الإيراني٬ لن يستطيع أن يصنع قادًة أكبر من لبنان. وكل أشكال الإرهاب لن تتمّكن من وحدة لبنان. وكل عمليات الاغتيال لن تكسر أحلامنا بقيام لبنان». وقال: «عندما يجعلون من لبنان ساحًة لفلتان السلاح٬ والفرز الطائفي ومخالفة القوانين وحماية المجرمين والهاربين من العدالة٬ سيهون عليهم تعطيل المؤسسات وتبرير الشغور في رئاسة الجمهورية وإسقاط إعلان بعبدا والاستخفاف بدماء الشهداء وتجنيد آلاف الشبان للتوّرط في الحرب السورية والّتباهي بتقّمص ادوار الدول العظمى».
وانتقد الحريري تدخل حزب الله في سوريا٬ قائلاً: «هناك من قّرر أن يقاتل في الأماكن الخاطئة وتحت شعاراٍت خاطئة. وإذا كانت الدولة٬ ومن خلفها القوى المشاركة في طاولة الحوار٬ قاصرًة عن وضع حٍد لهذا الخلل٬ فإّن هذا القصور يستدعي رفع مستوى الاعتراض السياسي على إقحام لبنان في الصراعات العسكرية٬ ومناشدة أهل العقل والحكمة والوطنية في الطائفة الشيعية٬ المبادرة لتفكيك أخطر الألغام التي تهدد سلامة العيش المشترك».
وقال الحريري إن «لبنان يدفع يومًيا من تقّدمه واستقراره٬ ضريبة الارتجال السياسي٬ والاستقواء العسكري٬ والتذاكي الدبلوماسي٬ والارتباك الاقتصادي والاجتماعي٬ والاندفاع غير المسؤول في تعريض مصالح لبنان للخطر والتحامل على الدول الشقيقة٬ وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي التي لم تبادرنا يوًما بأي أذى»٬ متسائلاً: «أي عقٍل متهّور يحّرك هذه السياسات في مقاربة العلاقات الأخوية؟ هل نحن أمام أحزاب تعمل ٬ أم أمام أحزاب تعمل للفتنة؟» وأكد «إننا عرب على رأس السطح.
ولن نسمح لأحد بجر لبنان إلى خانة العداء للسعودية ولأشقائه العرب. لن يكون لبنان تحت أي ظرٍف من الظروف ولايًة إيرانية. نحن عرب٬ وعرًبا سنبقى». ورأى أنه «من الأفضل أن يهدأ الّصراخ٬ وأن يلتزم الجميع حدود المسؤولية في الكلام٬ وأن تستريح بعض القيادات عن استخدام المنابر لإثارة الغرائز المذهبية٬ وأن نتفّرغ لمعالجة مشكلاتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية٬ بروح التعاون على إنقاذ لبنان».
وفي ملف رئاسة الجمهورية٬ أكد الحريري أّن «الرئاسة أولى بالاهتمام وبذل الجهد من رئاسة الجمهورية السورية أو العراقية أو اليمنية»٬ مشدًدا على أن «مصلحة الوطن في فك الحصار عن الرئاسة والحكومة ومجلس النواب٬ لا في المشاركة بمحاصرة مضايا وحلب والمدن السورية».
وتطرق إلى مبادرته الإنقاذية على مستوى ترشيح سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية٬ قائلاً: «نحن في هذا المجال٬ كانت لدينا جرأة المبادرة٬ وتحريك المياه السياسية الراكدة٬ من منطلٍق يتجاوز المصالح الخاصة لتيار المستقبل٬ إلى مصلحة لبنان بإنهاء الشغور الرئاسي»٬ مؤكًدا أن «مصير رئاسة الجمهورية في يد اللبنانيين». وأضاف: «نحن من جانبنا٬ نملك الشجاعة لاتخاذ الموقف٬ والإعلان بأننا لن نخشى وصول أي شريٍك في الوطن إلى رأس السلطة٬ طالما يلتزم اتفاق الطائف حدود الدستور والقانون٬ وحماية العيش المشترك٬ وتقديم المصلحة الوطنية وسلامة لبنان على سلامة المشاريع الإقليمية».
وأشار الحريري إلى «أننا انطلقنا من أن الفراغ كارثة»٬ وأكد: «نريد أن نضع حًدا للفراغ. في هذا الوقت»٬ شارًحا أن «أربعة من الزعماء المسيحيين٬ اجتمعوا في بكركي٬ في البطريركية المارونية٬ واتفقوا٬ فيما بينهم٬ وبرعاية بكركي٬ أنه ما من مرّشح مقبول لرئاسة الجمهورية إلا أحد هؤلاء الأربعة».
وأوضح الحريري أنه «بدأنا بمحاولة إنهاء الفراغ بالدكتور سمير جعجع٬ مرّشحنا ومرشح 14 آذار. نزلنا إلى الجلسة وكل جلسة35 ٬ مرة٬ من دون نتيجة٬ وبقي الفراغ. في هذه الأثناء٬ طرحت داخل 14 آذار٬ فكرة أنه إذا لاقى الرئيس أمين الجميل قبولا من قوى 8 آذار أو من أي طرف في 8 آذار٬ يسحب الدكتور جعجع ترشيحه لمصلحته. هذا الأمر لم يحصل وبقي الفراغ». ولفت إلى أنه «قبل ذلك٬ كنا قد فتحنا حوارا مع العماد ميشال عون٬ وكانت نتيجته تشكيل حكومة جديدة. لكننا لم نتوّصل لنتيجة بملف رئاسة الجمهورية٬ ولم نرشح العماد عون٬ بعكس ما يقول البعض اليوم٬ ولا حّتى وعدناه بتأييد ترشيحه٬ وبقي الفراغ».
وأضاف: «من الأربعة٬ لم يبق إلا الوزير سليمان فرنجية. وبعدما رفض كل الأطراف٬ الحلفاء والخصوم٬ تبّني مرشح توافقي من خارج الأربعة الذين تعاهدوا فيما بينهم في بكركي٬ فتحنا حوارا مع الوزير فرنجية بعدما أقفل كل مجال».
ولفت الحريري إلى أنه التقى فرنجية في باريس٬ «وتوّصلنا معه لتفاهم»٬ موضًحا أن «الهدف هو إنهاء الفراغ٬ ووضع حّد للتدهور٬ والعمل على تحسين وضع لبنان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني والمعيشي٬ وحماية النظام والسلم الأهلي».
ولم ينف الحريري أن ترشيح فرنجية هو «خطوة خلطت الأوراق»٬ قائلاً إنها «أرغمت الجميع على إعادة وضع إنهاء الفراغ الرئاسي٬ الذي كان الجميع قد نسيه٬ في واجهة المشهد السياسي وعلى رأس الأولويات السياسية بالبلد»٬ مشدًدا على «إننا فخورون بهذه النتيجة»٬ ذلك أنها «خطوة أّدت بحلفائنا القوات اللبنانية لأن يتوصلوا بعد 28 سنة٬ لمصالحة تاريخية مع التيار الوطني الحر».
وعن المصالحة بين عون وجعجع٬ قال: «نحن كّنا أول الداعين وأكثر المرحبين بهذه المصالحة». وعن انسحاب جعجع لصالح عون٬ قال: «هذا من حقه وحق الجنرال عون في نظامنا الديمقراطي ودستورنا».
وبالنظر إلى وجود 3 مرشحين لرئاسة الجمهورية٬ هم عون وفرنجية والنائب هنري حلو٬ دعا الحريري للنزول إلى مجلس النواب وانتخاب رئيس٬ «إلا إذا كان مرشحكم الحقيقي هو الفراغ»٬ مؤكًدا «إننا كما في كل مّرة٬ من 21 شهرا٬ من 35 جلسة٬ سنكون أول الحاضرين»٬ رافًضا تحميله مسؤولية الفراغ الرئاسي.
ورد على الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بالقول: «لا نقبل من أحد أن يقول لنا إنه من حّقنا الدستوري أن نقاطع الجلسات٬ ليبرر هو مقاطعته غير الدستورية للجلسات»٬ مؤكًدا إنه «ليس حّقي ولا حّقك الدستوري٬ فرض الفراغ على رأس البلاد والعباد»٬ مشيًرا إلى أنه «إذا كانوا يريدون تعييرنا بأننا لا نلعب أي دور إقليمي٬ فنعم٬ نحن لا نلعب أي دور إقليمي. وليس لدينا أي دور بالدم السوري والعراقي واليمني»٬ وأكد الحريري «إننا باقون على التزامنا»٬ قائلاً: «نحن مشروع وطني٬ وتيار المستقبل يرفض أن يتحّول إلى مشروع طائفي أو مذهبي».