IMLebanon

الحريري يعاود حركته السياسية من بيروت وسط إجراءات أمنية مكثفة

الحريري يعاود حركته السياسية من بيروت وسط إجراءات أمنية مكثفة

الأولوية لملمة صفوف 14 آذار بعد توتر العلاقة مع «القوات»

عاود رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري حركته السياسية من بيروت بعد نحو 5 سنوات على وجوده خارج البلاد لأسباب أمنية وتنقله بين الرياض وباريس لمتابعة الملفات اللبنانية. وأوحت الحركة التي قام بها في الساعات الـ48 الماضية والمواقف التي أطلقها أن أولويته الحالية هي لملمة صفوف 14 آذار لتعذر إحداث أي خرقُيذكر في جدار الأزمة الرئاسية التي باتت مرتبطة كليا بالملف السوري.

وبالأمس٬ حاول تيار «المستقبل» وحزب «القوات» استيعاب التوتر الذي نشب بين جماهيرهما على خلفية الرسالة التي وجهها الحريري بشكل مباشر إلى رئيس حزب «القوات» سمير جعجع في ذكرى اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري٬ حين قال له: «كم كنتم ستوفرون على المسيحيين واللبنانيين لو تصالحتم أنتم والعماد ميشال عون منذ زمن بعيد». واعتبر قياديون في «القوات» أن الحريري أحرج جعجع بمخاطبته بهذه الطريقة٬ وهو ما استدعى توضيحا من الحريري نفسه أكد فيه أن كلامه لم يكن موجها بشكل مباشر لجعجع وأن لا مشكلة معه.

كذلك دخلت الأمانة العامة لتيار «المستقبل» على الخط٬ فأصدرت بيانا أكدت فيه أن «العبارة التي توجه بها رئيس التيار النائب سعد الحريري إليه٬ في احتفال الرابع عشر من (فبراير) شباط٬ لم تقصد من قريب أو بعيد٬ تحميل (القوات اللبنانية) مسؤولية تأخير المصالحة المسيحية٬ إنما قصدت التعبير٬ بكل محبة وأمانة٬ عن تمنيات الرئيس بحصولها منذ سنين»٬ آملة أن «يكون موضع تفهم كل المعنيين والحريصين على تفويت الفرص أمام مستغلي المناسبات٬ والمصطادين في المياه العكرة». وقالت مصادر تيار «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط»: «جعجع حليف أساسي بالنسبة لنا٬ ونحن غير مستعدين للتنازل عن تحالفنا معه على الرغم من الخلافات حول الترشيحات لرئاسة الجمهورية». ويدعم الحريري حاليا رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية٬ المقرب من الرئيس السوري بشار الأسد لرئاسة الجمهورية٬ فيما يدعم جعجع ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون.

وأقر الحريري في تصريح له أمس بوجود خلافات داخل فريق 14 آذار٬ وقال: «نعم هناك خلافات بيننا واختلاف في الآراء٬ ولكن عند الأمور الأساسية سنبقى جميعا صفا واحدا في حال التهجم على الدولة وعلى مصالح لبنان٬ ولا يلعبن أحد بماهية علاقتي مع الحكيم (بإشارة إلى جعجع) أو مع الشيخ سامي (بإشارة إلى رئيس حزب الكتائب)».

وكان الحريري استهل حركته يوم أمس بزيارة رئيس الحكومة تمام سلام في السراي الحكومي في بيروت٬ لينتقل بعدها للقاء رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل في مقر الحزب في منطقة الصيفي في وسط بيروت٬ بالتزامن مع إجراءات أمنية مكثفة رافقت حراكه ما استدعى إقفال إحدى الطرقات الرئيسية في العاصمة حتى انتهاء الزيارة.

وفي هذا السياق٬ أكد النائب في تيار «المستقبل» أحمد فتفت أن «المخاوف الأمنية على الرئيس الحريري لا تزال مستمرة٬ وربما اليوم أكثر من الماضي٬ وهو ما يستدعي تكثيف الإجراءات الأمنية التي تواكب تحركاته». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هو ارتأى أن يعود إلى لبنان بعدما شعر أن غيابه ترك أثرا كبيرا على البلد الذي باتت حالته يرثى لها»٬ لافتا إلى أن «جهوده ستتركز حاليا على حل الأزمة الرئاسية٬ معالجة الأزمات المتفاقمة على الأصعدة كافة ولملمة صفوف 14 آذار».

وبعكس الأجواء التي كان مقربون من رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون يحاولون إشاعتها عن تقارب مستجد مع «المستقبل» قد ينتهي لتبني الحريري ترشيح عون لرئاسة البلاد٬ قطع رئيس «المستقبل» الطريق٬ ولو في المرحلة الحالية٬ على «التمنيات العونية» من خلال المواقف التي أطلقها. وهو ما أشار إليه النائب فتفت أيضا٬ مؤكدا عدم استعداد تياره للمشاركة في «عملية تعيين عون رئيسا للبلاد». وأضاف: «نحن لن نخضع لديكتاتورية التعيين٬ وطالما أنهم قادرون على تأمين الأكثرية التي تؤمن انتخاب مرشحهم لماذا لا ينزلون إلى المجلس النيابي للمشاركة في العملية الديمقراطية التي ينص عليها الدستور لانتخاب رئيس للبلاد؟» وأجاب: «لأن ما يريدونه حقيقة هو الفراغ٬ ولأن إيران غير مستعدة عن التخلي عن الورقة الرئاسية اللبنانية٬ كما أن حزب الله سعيد بتصوير نفسه كصاحب القرار الأول والأخير في الداخل اللبناني مستعيدا منطق حزب البعث الشمولي».

وتابعت قوى 8 آذار عن كثب حركة ومواقف الحريري التي من المرتقب أن يرد عليها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في إطلالته المرتقبة مساء. وقالت مصادر في هذه القوى مقربة من حزب الله لـ«الشرق الأوسط» إن «الهم الأساسي الحالي للحريري ترتيب بيته الداخلي عشية الانتخابات البلدية كما بيت 14 آذار لتحصينه لاستعادة دوره بمواجهة حزب الله»٬ لافتة إلى أن ما صدر عنه «ليس إلا استكمالا للتصعيد الذي تشهده المنطقة».

واستقبل الحريري صباح أمس سفير المملكة العربية السعودية في بيروت علي عواض عسيري الذي أمل في أن يشكل خطاب رئيس تيار «المستقبل» في ذكرى اغتيال والده «خطوة أولى في مسيرة حوار ومصارحة تفضي إلى التوصل إلى الحلول المطلوبة٬ وأن تتم ملاقاته من كل القوى السياسية بروح منفتحة تسهم في إطلاق دينامية جديدة تنهي الشغور في موقع رئاسة الجمهورية وتطلق عجلة الاقتصاد وتحصن لبنان من الأخطار الإقليمية المحيطة به».

كما التقى رئيس «المستقبل» القائم بالأعمال الأميركي السفير ريتشارد جونز الذي شدد على أن الانتخابات الرئاسية أمر يعود للبنانيين أن يقرروا فيه٬ وقال: «لكن ألا تظنون أن 21 شهرا من الشغور في موقع الرئاسة تشكل مدة كافية للجميع ليقرروا ذلك٬ إذ إنه كلما أسرعوا بإنجاز الاستحقاق في وقت قريب كان ذلك أفضل».