IMLebanon

استقالة وزير العدل وتشكيك الكتائب يهزان الحكومة.. و«حزب الله» يهدد بالمس بتركيبتها

استقالة وزير العدل وتشكيك الكتائب يهزان الحكومة.. و«حزب الله» يهدد بالمس بتركيبتها

قوى «14 آذار» ترفض تحويل لبنان لضحية سياسية واقتصادية وثقافية لإيران

اهتزت الحكومة اللبنانية أمس٬ باستقالة أحد وزراء تيار «المستقبل» أشرف ريفي منها٬ وبإعلان حزب الكتائب أنها «فقدت شرعيتها» لعدم قدرتها على تأمين انتخاب رئيس للجمهورية٬ كما بسبب تلويح قوى «8 آذار» التي تضم «حزب الله» وحلفاءه بالإطاحة بها رفضا لأي موقف يخالف رغبتها في ملف الأزمة التي تضرب العلاقات اللبنانية مع دول مجلس التعاون الخليجي إثر إعلان السعودية إيقاف مساعداتها العسكرية والأمنية للبنان وإجراء مراجعة للعلاقات معه نتيجة مواقف وزارة خارجيته التي خرجت عن التضامن العربي٬ كما مواقف «حزب الله» وحملاته على المملكة.

وأكدت مصادر قوى 8 آذار أمس أن رئيس الحكومة تمام سلام يعلم أن هناك بيانا وزاريا التزم به الجميع وعلى أساسه نالت الحكومة الثقة من مجلس النواب ولا إمكانية لتغيير البيان الوزاري. وأوضحت المصادر أنه «إذا أصر سلام على تعديل البيان فذلك سيخل بالتركيبة الحكومية»٬ مشددة على أن «إلغاء الهبتين ليس وليد الساعة والتوقيت٬ وهو يستخدم للضغط عن الدولة والتعبير عن الغضب السعودي من التطورات بالمنطقة».

وفي المقابل٬ لفتت قوى 14 آذار في بيان صدر بعد اجتماعها في بيت الوسط٬ إلى أن «السعودية ساعدت الدولة اللبنانية وأعانتها بإعادة الإعمار بعد الحرب الأهلية ومرة أخرى بعد حرب يوليو (تموز) 2006». وأشارت إلى أنه «أمام هذا الواقع وانطلاقا من مسؤولية 14 آذار بالدفاع عن المصلح اللبنانية وحماية علاقة لبنان بالدول العربية والصديقة٬ نؤكد أولا تحميل حزب الله وحلفاءه مسؤولية افتعال هذه المشكلة وغيرها من المشكلات وضرب استقرار لبنان المالي والأمني والمعيشي»٬ داعية الحزب إلى «الانسحاب من القتال في سوريا والمنطقة التزاما بسياسة النأي بالنفس».

وطالبت الحكومة بـ«احترام الدستور وقرارات الشرعية الدولية والاجتماع فورا لاتخاذ موقف واضح يؤكد التزام لبنان بالتضامن والإجماع العربي»٬ معربة عن تأييدها لـ«السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي في رفضهم المس بسيادة واستقلال أي دولة عربية».

وشددت على رفضها لـ«تحويل لبنان إلى قاعدة لمعاداة أي دولة عربية٬ ونرفض أن يتحول لبنان لضحية سياسية واقتصادية وثقافية لدولة تحاول بسط نفوذها على الدول العربية».

وأكد رئيس «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري أن «الهبة السعودية كانت (ماشية) لكن وبفضل ذكاء بعض السياسيين وصلنا إلى هنا»٬ متسائلا: «لماذا يتخذ لبنان موقفا مثل موقف وزير الخارجية جبران باسيل؟». وفي دردشة مع الصحافيين بعد انتهاء اجتماع قوى 14 آذار في بيت الوسط٬ شدد الحريري على أنه «إذا الحكومة لم تتخذ مواقف في جلسة الغد الاستثنائية فسيكون هناك كلام آخر»٬ معتبرا أن «موقف لبنان في الجامعة العربية لم يحترم البيان الوزاري».

وكان وزير العدل أشرف ريفي أعلن أمس استقالته من الحكومة٬ معلنا في رسالة وجهها إلى اللبنانيين أنه لن يقبل بأن يتحول إلى شاهد زور٬ وقال: «لن أكون غطاء لمن يحاولون السيطرة على الدولة والمؤسسات. لذلك أتقدم منكم ومن رئيس الحكومة تمام سلام باستقالتي٬ وأنا على عهد شهيد لبنان الرئيس رفيق الحريري وشهداء ثورة الأرز٬ باق٬ في مواجهة الدويلة٬ والاستمرار معكم أيها اللبنانيون الشرفاء بمعركة إنقاذ لبنان٬ وأنا على ثقة بأن لبنان الدولة سينتصر بكم ولكم٬ مهما كثرت الصعاب».

ونبه إلى أن «وطننا لبنان يمر بواحدة من أصعب المراحل التي عاشها في تاريخه الحديث٬ جراء أزمة وطنية تسببت بها قوى الأمر الواقع٬ التي تكاد تطبق على الدولة ومؤسساتها. وقد أدى سلوك هذه القوى إلى إدخال الدولة في مرحلة التفكك والفراغ٬ وصولا إلى تشويه الهوية الوطنية وتعريض سيادة لبنان واقتصاده ومستقبله وعلاقاته الدولية والعربية لأفدح الأخطار. واليوم وأمام هذا المشهد الصعب الذي نعيشه٬ حيث وصل العبث بالدولة ومؤسساتها إلى مستويات خطيرة٬ أمام التعطيل الذي فرضه حزب الله وحلفاؤه داخل الحكومة وخارجها٬ بدًءا من الفراغ الرئاسي وتعطيل المؤسسات الدستورية اللبنانية وضرب الحياة السياسية٬ مروًرا بعرقلة إحالة ملف ميشال سماحة إلى المجلس العدلي في محاولة سافرة إحكام السيطرة على القضاء عبر المحكمة العسكرية٬ وليس انتهاء بتدمير علاقات

لبنان مع المملكة العربية السعودية٬ وسائر الأشقاء العرب للمرة الأولى في التاريخ اللبناني الحديث». وأضاف: «لقد استعمل حزب الله هذه الحكومة٬ في سياق ترسيخ مشروع الدويلة٬ حيث أراد تحويلها إلى أداة من أدوات بسط سيطرته على الدولة وقرارها. وفي هذا الإطار يأتي ما فعله وزير الخارجية جبران باسيل في جامعة الدول العربية٬ ليعطي مثلاً صارًخا٬ عن ممارسات دويلة حزب الله٬ التي لا تقيم اعتباًرا للبنان ومصلحته. فقد تجرأ بطلب من حزب الله على الإساءة للسعودية٬ وصّوت ضد الإجماع العربي٬ وامتنع عن إدانة الاعتداء على السفارة السعودية في طهران. والمؤسف أن أحدا من المعنيين لم يلجم هذا التصرف المعيب٬ الذي أدى إلى تخريب علاقة لبنان بأقرب الأصدقاء إليه وهي المملكة العربية السعودية وسائر الدول العربية. إنني ومن موقع المسؤولية الوطنية٬ وكمواطن لبناني حريص على بلده٬ أعلن رفضي التام لهذه الإساءة٬ وأطالب الحكومة بالحد الأدنى بتقديم اعتذار للسعودية وقيادتها وشعبها٬ لا بل أدعوها إلى الاستقالة٬ قبل أن تتحول إلى أداة كاملة بيد حزب الله. وأؤكد أننا سنبقى لبنانيين عرًبا٬ وأن المملكة ستبقى بالنسبة لنا٬ البلد الصديق الذي وقف معنا في أحلك الظروف٬ وأن قيادتها ستبقى بالنسبة لنا٬ عنواًنا للوفاء والشهامة العربية الأصيلة».

واعتبر ريفي أن «حزب الله يحاول تحقيق دويلة إيرانية في لبنان٬ ويجب أن نقلب الطاولة بوجهه ولن نكون شهود زور على الدويلة الإيرانية»٬ مؤكدا «أننا جزء من العالم العربي ولن نسمح لحزب الله بالتحكم في الدولة اللبنانية»٬ لافتا إلى «أننا سنواجه سلاح حزب الله بالموقف الواضح وليس المتردد».

وأكد ريفي أنه «لا خلاف مع رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري نهائيا٬ ونحن نسير وفق منهج التيار وهو توجه استراتيجي واحد»٬ معتبرا «أننا أمام لحظة حاسمة لوحدة صف 14 آذار».

وفي الإطار نفسه٬ أكد رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل أننا «على تشاور دائم وتواصل مع فريق 14 آذار لصياغة موقف قوي جدا يعيد الأمور إلى نصابها في الحكومة»٬ طالًبا من الحكومة «أن تتحرك والموقف الحاسم يأتي إذا لم تتجاوب الحكومة مع مطلبنا»٬ داعًيا «رئيس الحكومة تمام سلام إلى أن يتخذ تدابير وإذا لم يتم معالجة هذا المشاكل سنجتمع نحن ورئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري لنتخذ الخطوات اللازمة».

وأوضح الجميل في تصريح أن «لدينا خطوة تحذيرية من قبل 14 آذار٬ وهذه الخطوة ستكون واضحة٬ كما أن هناك موقًفا اليوم وبناء على جلسة الحكومة التي ستحصل غدا (اليوم) سيكون لنا موقف أيًضا»٬ مشيًرا إلى أنه «كان من المفترض أن ننتخب رئيًسا وتشكيل حكومة جديدة لكن وضع حزب الله يده على المؤسسات يمنع انتخاب الرئيس٬ فمن سنتين وهو يمنعنا من انتخاب الرئيس بتعطيل الجلسات وبالتالي هذه الحكومة فقدت كل شرعيتها». ولفت إلى أن «قرار إسقاط الحكومة ليس سهلا إذا ما كنا حريصين على المؤسسات الدستورية»٬ مشدًدا على أننا حذرنا مرارا وتكرارا من محاولة زج لبنان بالصراع السوري٬ فهذا التصعيد بدخول حزب الله في المواجهة الإقليمية وزج اسمه بالصراع اليمني والعراقي والسوري شيء خطير جدا كنا حذرنا منه٬ لذلك توقعنا أن نصل إلى هنا».