Site icon IMLebanon

الإبداع اللغوي ينقذ الحكومة اللبنانية من الانهيار

الإبداع اللغوي ينقذ الحكومة اللبنانية من الانهيار

وزراء «حزب الله» اشترطوا إشادة بإيران بموازاة الإشادة بالمملكة

مرة جديدة ينقذ «الإبداع اللغوي» الحكومة اللبنانية من السقوط على خلفية الانقسام الداخلي بين أعضائها فيما خص السياسة الخارجية بعد الموقف السعودي والخليجي الأخير القاضي بـ«إجراء مراجعة» للعلاقات مع لبنان في أعقاب مواقفه الأخيرة «الخارجة عن الإجماع العربي».

وخاض الوزراء أمس نقاشا «لغويا» دام نحو سبع ساعات من أجل التوصل إلى صيغة ترضي جميع الفرقاء في البيان الذي صدر بعد الجلسة. وقال وزير رفض ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» أن العقدة الأساسية كانت في «المواءمة بين المصلحة الوطنية والإجماع العربي»٬ حيث استند وزراء «حزب الله» إلى طرح سؤال عما سيفعل لبنان إذا كان الإجماع العربي متعارضا مع المصلحة الوطنية.

وقال مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط» بأن منازلة وقعت بين وزراء الحزب من جهة ووزراء تيار «المستقبل» الذي يرأسه الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري ووزراء كتلة النائب وليد جنبلاط من جهة أخرى حول الموقف من الخلاف العربي الإيراني وموقع لبنان فيه. وقال المصدر بأن وزراء الحزب رفضوا بداية القبول بعبارة «الإجماع العربي» أو بموقف إيجابي من المملكة العربية السعودية من دون موقف إيجابي من إيران. وأشار المصدر إلى أن هؤلاء طرحوا تضمين فقرة تستنكر مقتل الحجاج الإيرانيين مقابل استنكار الاعتداء على السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد.

ونقل المصدر عن وزير «حزب الله» محمد فنيش قوله: «نحن لم نخطئ لنعتذر ولن نغير مواقفنا»٬ فرد عليه الوزير وائل أبو فاعور قائلا: «عروبة لبنان ليست للنقاش مع أحد والعرب في موقع دفاعي بمواجهة إيران التي تتدخل في الشؤون العربية. ولماذا تريدون تحميلنا عبء مواقفكم ساعة مع الحوثيين وساعة مع العراقيين وساعة القتال مع بشار الأسد ضد الشعب السوري».

وأوضح أكثر من وزير أن نقاشا حادا تلا ذلك٬ هدد فيه وزراء المستقبل وجنبلاط بتعطيل الحكومة كليا في حال استمروا على موقفهم٬ فكان أن عاد هؤلاء عن مطالبهم٬ وانطلقت رحلة البحث عن مخرج لغوي شارك فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري عبر مساعده وزير المال علي حسن خليل الذي شارك في مساعي لتوافق.

وبعد التوصل إلى الصيغة اللغوية٬ خرج رئيس الحكومة تمام سلام ليعلن أن مجلس الوزراء شّدد على «ضرورة تصويب العلاقة بين لبنان وأشقائه وإزالة أي شوائب قد تكون ظهرت مؤخًرا».

وخلص المجلس إلى بيان ختامي تلاه الرئيس تمام سلام وجاء فيه: أولاً: انطلاًقا من نص الدستور القائل إّن لبنان عربي الهوّية والانتماء٬ وعضو مؤّسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزٌم مواثيقها٬ وانطلاًقا من العلاقات الأخوّية التاريخّية التي تربطه بالإخوة العرب ومن الحرص على المصلحة العليا للجمهورية  اللبنانية بما يصون الوحدة الوطنية اللبنانية؛ فإّننا نؤكد وقوفنا الدائم إلى جانب إخواننا العرب٬ وتمّسكنا بالإجماع العربي في القضايا المشتركة الذي حرص عليه لبنان دائًما.

وأعلن مجلس الوزراء تمسكه بما ورد في البيان الوزاري للحكومة من أن علينا٬ في هذه الأوقات العصيبة التي تمّر بها منطقتنا٬ أن نسعى إلى تقليل خسائرنا قدر المستطاع٬ فنلتزم سياسة النأي بالنفس ونحّصن بلدنا تجاه الأزمات المجاورة ولا نعّرضِسلَمه الأهلي وأماَنُه ولقمة عيش أبنائه للخطر.

وأكد البيان إّن لبنان لن ينسى للمملكة رعاية مؤتمر الطائف الذي أنهى الحرب في لبنان٬ ومساهمَتها الكبيرة في عملية إعمار ما هدمته الحرب٬ ودعَمها الدائم في أوقات السلم لمؤسساته النقدّية والاقتصادية والعسكرية والأمنية. كما لن ينسى أّن المملكة٬ وباقي دول الخليج العربي والدول الشقيقة والصديقة٬ احتضنت ولا تزال مئات الآلاف من اللبنانيين من كل الطوائف والمذاهب٬ الذين يساهمون بجهودهم في نهضة هذه المنطقة العزيزة من عالمنا العربي وينعمون بالأمان والاستقرار في ربوعها.

وخلص المجلس إلى أنه من الضروري تصويب العلاقة بين لبنان وأشقائه وإزالة أي شوائب قد تكون ظهرت في الآونة الأخيرة. وتمّنى مجلس الوزراء على رئيسه إجراء الاتصالات اللازمة مع قادة المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي تمهيًدا للقيام بجولة خليجية على رأس وفد وزاري لبناني لهذه الغاية.

وفي وقت لاحق٬ عقد لقاء ثلاثي بين رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان والرئيس السابق للحكومة سعد الحريري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط. وفيما أكد الرئيس سليمان أن «إعلان بعبدا (الذي ينص على النأي بالنفس) يصلح لأي زمان ومكان٬ بمعزل عمن أيده بالأمس ومن يطالب بتطبيقه اليوم٬ ومن يعود إليه غدا»٬ أكد جنبلاط بعد لقائه الرئيس سليمان «أننا لا نريد أن نكون في أي محور ضد أي محور٬ ونريد أن نكون مع سياسة النأي بالنفس التي رسمها الرئيس السابق ميشال سليمان».