سليمان لـ«الشرق الأوسط»: السعودية بادلت لبنان كل الخير وفي المقابل تتلقى الإساءة من بعضهم
دعا لتغليب منطق الاعتدال والوقوف إلى جانب الجيش والمؤسسات العسكرية لتقويتها
أعرب الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان عن قناعته بأن ما تمر به العلاقات بين لبنان والمملكة العربية السعودية اليوم أشبه بغيمة صيف عابرة٬ سائلا ماذا كنا نتوقع بعد هذا الكم من التحريض والشتائم بحق السعودية ورموزها من قبل بعض اللبنانيين٬ وهل بهذا الأسلوب نحافظ على أولادنا المنتشرين في دول الخليج؟
وحذر الرئيس سليمان في حوار مع «الشرق الأوسط» من محاولات لتعطيل الانتخابات البلدية عبر التوترات التي تحصل في الشارع٬ منبها إلى أن «الاحتقان والشحن المذهبي يؤديان في نهاية المطاف إلى إيقاظ الفتنة٬ ونحن نعمل على مواجهة هذا الشحن بتغليب منطق الاعتدال٬ والوقوف دائًما إلى جانب الجيش اللبناني والمؤسسات العسكرية كافة لتقويتها٬ كونها صمام أمان في لبنان». وفيما يأتي نص الحوار:
* بدا لافتا كلامكم أخيرا عن ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية بغالبية النصف زائد واحد٬ بدلا من قاعدة الثلثين٬ فماذا تغير؟
أريد الإجابة بسؤال: أيهما أفضل للبنان٬ رئيس بأكثرية عادية أم جمهورية من دون رأس٬ تتأرجح تحت وطأة التعطيل وتصبح على شفير الانهيار الأمني٬ الاقتصادي والاجتماعي في الداخل وتفقد تلقائًيا ثقة الخارج نتيجة للارتباك في السياسة الخارجية التي يعبر عنها رئيس الجمهورية بالتنسيق والتعاون مع رئيس الحكومة بما يتناسب مع المصلحة الوطنية والعربية؟
* هل تتوقعون انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة المقررة غدا؟
نتمنى أنُينتخب الرئيس في 2 مارس (آذار)٬ لكن مع الأسف ما من مؤشر إيجابي حتى اللحظة٬ وهنا أشدد على إلزامية قيام النواب بواجبهم الدستوري لأن سياسة التعطيل هي ترجمة سلبية للديمقراطية في ظل وجود ثلاثة مرشحين معلنين.
* كنتم أول من أشار إلى إمكانية تقسيم سوريا٬ فهل لديكم خشية من هذا التقسيم وماذا سيكون مصير لبنان حينذاك؟
صحيح٬ هناك خشية حقيقية من تفتيت سوريا تمهيًدا لتقسيمها إلى دويلات مذهبية وهذا ما لا نتمناه أبًدا٬ حرًصا منا على وحدة الشعب السوري٬ وحماية للبنان التعددي المحاط بدولة عنصرية عدوة من جهة٬ والبحر من جهة أخرى.. لطالما كانت سوريا بوابة بّرية للبنان ومتنفًسا اقتصاديا.. اليوم شبح التقسيم يتهددها ولبنان من دون رئيس للجمهورية سيكون الخاسر الأكبر من تداعيات الحلول وانعكاساتها في ظل الكلام عن قيام دولة مذهبية على امتداد حدوده مع سوريا.
* ماذا عن تداعيات إلغاء المملكة العربية السعودية للهبة العسكرية المقدمة للجيش اللبناني عبر فخامتكم قبل نهاية عهدكم الرئاسي؟
العلاقة الأخوية التي تربط لبنان بالمملكة العربية السعودية لا يجب أن ترتبط بهبة بل بالمشتركات الكثيرة والثقة المتبادلة٬ فهي قبل الهبة كانت ممتازة ولا يجوز إلا أن تبقى كذلك٬ حتى لو طارت الهبة من أساسها٬ لكن أنا على يقين أن الهبة مجمدة لأسباب باتت معروفة٬ ونحن سنبذل ما نستطيع من جهود لرأب الصدع الحاصل وتغليب الكلمة الجامعة للإبقاء على أفضل العلاقات مع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي كافة.
* هناك كلام لبناني أن المملكة تعاملت بقسوة مع لبنان وما كان يجب أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه٬ ما تعليقكم؟
المملكة لم تبادل لبنان يوًما إلا بالخير وما تأخرت يوًما عن دعم صمود لبنان بوجه إسرائيل والإرهاب٬ وكان لها أياٍد بيضاء منذ الطائف الذي أنهى الحرب٬ مروًرا بإعادة إعمار لبنان بعد انتهاء الحرب٬ وإعمار الجنوب اللبناني بعد حرب تموز٬ ومساعدة الجيش اللبناني في نهر البارد٬ وأكرر يقيني أن ما تمر به العلاقات اليوم أشبه بغيمة صيف عابرة٬ وأسأل: ماذا كنا نتوقع بعد هذا الكم من التحريض والشتائم بحق السعودية ورموزها من قبل بعض اللبنانيين٬ وهل بهذا الأسلوب نحافظ على أولادنا المنتشرين في دول الخليج٬ قطًعا لا.. نحن من دعاة الحوار وبناء الجسور والحد من الانقسامات والبحث عن القواسم المشتركة ولن نعتمد يوًما السياسات الهّدامة تحت أي ظرف.
* رأينا مؤخًرا بعض التوترات المتنقلة بين المناطق٬ ما الهدف منها برأيكم؟
أخشى ما أخشاه أن تكون هذه التوترات مقدمة لتعطيل الاستحقاق البلدي بعد تعطيل الاستحقاق الرئاسي والتمديد مرتين للمجلس النيابي٬ فالاحتقان والشحن المذهبي يؤديان في نهاية المطاف إلى إيقاظ الفتنة٬ ونحن نعمل على مواجهة هذا الشحن بتغليب منطق الاعتدال٬ والوقوف دائًما إلى جانب الجيش اللبناني والمؤسسات العسكرية كافة لتقويتها٬ كونها صمام أمان في لبنان.
* هل طلبتم من وزير العدل أشرف ريفي المستقيل خلال زيارتكم الأخيرة له العودة عن استقالته؟
لا أسمح لنفسي أن أملي على الوزير ريفي ماذا عليه أن يفعل٬ لكن أنا أتمنى رؤيته مجدًدا في مجلس الوزراء٬ ففي الأزمات لا صوت يعلو على صوت الحكمة٬ والكلمة الطيبة غالًبا ما تكون مفتاح الحلول. اللواء ريفي استقال بنتيجة الحكم المخفف على (مستشار الرئيس السوري السابق) ميشال سماحة وأنا أؤيده لناحية رفضه هذه الفترة السجنية لناقل متفجرات٬ ولطالما تمنيت على أي محكمة تحكم باسم الشعب عدم الالتفات أو الخضوع لـ«الملاءمة السياسية» بخاصة عندما يكون المرتكب مسؤولا٬ لإقناع المواطن بأننا ما زلنا نعيش في دولة القانون٬ والفرصة لا تزال متاحة أمام محكمة التمييز العسكرية للنظر بهذا الحكم غير الرادع