القضاء اللبناني يحكم بإعدام سماحة.. ويخفف العقوبة إلى الأشغال الشاقة 13 عاًما
أدانه بالتخطيط لتفجير إفطارات رمضانية وقتل أبرياء ومحاولة اغتيال نواب ورجال دين
جّرمت محكمة التمييز العسكرية في لبنان٬ مستشار رئيس النظام السوري٬ الوزير اللبناني الأسبق ميشال سماحة٬ بجرائم «تأليف عصابة إرهابية بهدف ارتكاب الجنايات على الناس٬ ومحاولة قتل سياسيين ورجال دين والقيام بأعمال إرهابية في منطقة عكار (شمال لبنان) وتلغيم معابر غير شرعية على الحدود اللبنانية السورية٬ بهدف قتل المارين عليها٬ ومحاولة تفجير موائد إفطارات رمضانية٬ وقتل مواطنين ورجال دين وسياسيين ونواب ومعارضين سوريين».
وقضت المحكمة في حكم مشدد وهو الأقسى بحق رجل سياسة٬ بإنزال عقوبة الإعدام بحق سماحة وتخفيضها إلى الأشغال الشاقة مدة 13 سنة٬ وتجريده من حقوقه المدنية ومصادرة مبلغ 170 ألف دولار كان سلّمها المحكوم عليه إلى المخبر ميلاد كفوري لقاء تنفيذه عمليات التفجير المذكورة لصالح خزينة الجيش اللبناني ومصادرة المتفجرات والأسلحة التي استخدمت كأداة للجرائم التي كان ينوي تنفيذها. وبهذا الحكم سيمضي سماحة في السجن ثماني سنوات ونصف السنة٬ بعد احتساب مدة الأربع سنوات ونصف السنة التي قضاها٬ وهي مّدة الحكم صدر بحقه عن المحكمة العسكرية الدائمة٬ والذي طعنت به النيابة العامة العسكرية٬ ومع احتساب السنة السجنية في لبنان تسعة أشهر بدل 12 شهًرا٬ فإنه سيمكث في السجن 6 سنوات وأربعة أشهر.
الحكم تلاه رئيس محكمة التمييز القاضي طاني لطوف في حضور المستشارين الأربعة العمداء في الجيش: غبریال خليفة٬ منير مخللاتي٬ سهيل نجيم وحسين أبي حيدر٬ وممثل النيابة العامة التمييزية القاضي شربل أبي سمرا٬ وسماحة الذي وضع في قفص الاتهام ووكلاء الدفاع عنه٬ ومراسلين لعدد كبير من وسائل الإعلام اللبنانية والعربية والدولية.
وقد فّند الحكم كل مادة على حده٬ وعلّل أسباب العقوبات التي أدان سماحة على أساسها٬ كما رّد بالتفصيل على كل النقاط التي أثارها فريق الدفاع في مرافعاته٬ واعتبر أنها كانت سببا للزج بموكلهم في السجن٬ لا سيما ما أثاروه عن استدراجه من قبل المخبر ميلاد كفوري٬ فأكد الحكم أنه «لم يثبت من أقوال المتهم أن كفوري هو من اختلق فكرة تلغيم المعابر على الحدود الشمالية من أجل منع المسلحين من الدخول من سوريا إلى لبنان وبالعكس٬ بل كانت وليدة أفكاره٬ وهو (سماحة) فّوض نفسه أن يكون مسؤولاً عن حماية هذه الحدود بدلاً من الدولة اللبنانية». وأشار إلى أن كفوري «وبعد أن اطلع على نوايا سماحة ومشروعه الجرمي٬ قام بإخبار السلطات الأمنية واستحصل على صفة مخبر سري من النائب العام التمييزي٬ ومن ثم قام بمجاراة المتهم من أجل ضبطه متلبًسا بالجرم المشهود».
وتطرق الحكم إلى واقعة محاولة تفجير الإفطارات من أجل قتل مواطنين وسياسيين ورجال دين٬ فأوضح أن كفوري «كان مجرد مخبر سري٬ وإذا كان سماحة بالفع لُمستدَرًجا إلى هذا المشروع الإجرامي٬ كان بإمكانه عدم الاستجابة لرغبة الُمستدِرج٬ لا أن يكون مسهلاً للجريمة». وقال: «إن ما يدحض فكرة الاستدراج هي الفوارق العلمية والثقافية والشخصية٬ لكون المتهم رجل سياسة تبوأ مناصب وزراية ونيابية وشارك في لقاءات وحوارات في لبنان والخارج٬ فكيف يمكن لكفوري صاحب الخلفية الأمنية أن يستدرج مثل هذا الشخص؟».
الحكم رّد بالوقائع على قول الدفاع إن عمل سماحة لم يتعّد المحاولة٬ فذّكر بأن «كل محاولة لارتكاب جناية تبدأ بالشروع في العمل الجرمي٬ تكون بمثابة وقوع الجرم٬ وهذا ما ينطبق على حالة المتهم٬ الذي شرع بالعمل الجرمي إذ أحضر المتفجرات من سوريا إلى لبنان٬ واتفق مع المخبر كفوري على الأهداف التي سُتضرب ووافق عليها وسلّمه المتفجرات٬ لكن الجرم لم يتحقق لأسباب خارجة عن إرادته٬ إذ أنه بدل أن ينصرف كفوري إلى التنفيذ سلّم المتفجرات إلى الأجهزة الأمنية».
أضافت وقائع الحكم: «لقد ثبت بالأدلة أن المتهم «أبرم اتفاًقا شفهًيا مع آخرين بمن فيهم ميلاد كفوري٬ على تلغيم معابر غير شرعية في عكار وتلغيم الطرقات التي يمّر عليها مدنيون٬ ما يشكل الركن المادي لتأليف مجموعة إرهابية٬ وما أقدم عليه مع أشخاص آخرين تتم محاكمتهم بملف على حده (مدير مكتب الأمن القومي في النظام السوري اللواء علي مملوك ومسؤول مكتبه العقيد عدنان) يشكل الركن المعنوي لهذه الجريمة٬ وبذلك يصبح الجرم مكتملاً ويخرج عن طور المحاولة إلى مرحلة التنفيذ».
وخلال تلاوة الحكم ساد الوجوم وجوه وكلاء سماحة٬ بينما كان الأخير جالًسا على كرسي في قفص الاتهام مطأطئ الرأس وشاحب الوجه٬ وقد وقف معه داخل القفص ضابطان واحد على يمينه والآخر على يساره٬ وهي المرة الأولى التي يقف أحد معه في القفص٬ وذلك تحسًبا لأي عارض صحي قد يتعّرض له٬ كما حضر خلال تلاوة الحكم طبيب سماحة الخاص٬ الذي انصرف لمعاينته بعد أنتهاء تلاوة الحكم ورفع الجلسة٬ وفي وقت لاحق أحضرت سيارة إسعاف تابعة للطبابة العسكرية للجيش اللبناني.
عائلة سماحة التي لم يسمح لها للمرة الأولى حضور الجلسة٬ تمكنت من مقابلته بعد إخراجه من قاعة المحكمة إلى مكتب جانبي٬ وعملت زوجته وبناته الثلاث على تهدئته٬ وعلم أنه جرى نقله إلى سجن الريحانية قرب وزارة الدفاع الواقع تحت حراسة الجيش اللبناني. ولاقى الحكم ارتياحا واسعا في صفوف قوى 14آذار» التي رحبت به٬ فيما ساد الصمت جانب قوى «8 آذار» المتحالفة مع النظام السوري. ورأى الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري٬ أن «صدور حكم التمييز بحق الإرهابي ميشال سماحة يصحح الحكم السابق المخفف الذي رفضناه وأعلنا أننا لن نسكت عنه». وقال إن «الإرهابي سماحة يعود اليوم إلى السجن وهو المكان الطبيعي لكل من يخطط لقتل الأبرياء وجر لبنان إلى الفتنة والاقتتال الأهلي»٬ لافتا إلى أن «الحكم على سماحة يثبت أن المتابعة القضائية والشفافية مع الرأي العام هي الطريق الصحيح للعدالة بعيدا عن المزايدات والتصرفات السياسية الهوجاء».
ورأى وزير الداخلية نهاد المشنوق٬ أن «حكم محكمة التمييز العسكرية يؤكد صحة ثقتنا برئيس المحكمة والأعضاء». وأضاف: «رحم الله دائما وأبدا (رئيس شعبة المعلومات الذي قتل اغتيالا) وسام الحسن: الحق الوطني٬ ولو تحت التراب»٬ فيما قال وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور٬ إن «الحكم العادل في حق ميشال سماحة يعيد للقضاء الثقة به وللدولة احترام المواطن ويوجه صفعة لإرهاب نظام الإجرام في دمشق»