تدهور علاقة الحريري بجعجع على خلفية التراكمات الرئاسية والبلدية اللبنانية
رئيس «القوات» يعمم على محازبيه: عدم التعرض لـ«المستقبل» ولو تعرض لنا
تشهد العلاقة بين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري مستويات غير مسبوقة من التوتر بعد تحول الخلاف بينهما إلى سجال علني على خلفية انتقاد جعجع وقوف الحريري٬ حسبما قال٬ ضد التفاهم المسيحي مع رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون٬ واتهام رئيس «المستقبل» حليفه رئيس «القوات» بتعطيل مبادرته لحل الأزمة الرئاسية التي تقضي بانتخاب رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية.
حزب «القوات» حاول التخفيف من وطأة الأزمة مع «المستقبل» عبر إصدار رئيسه سمير جعجع٬ أمس٬ مذكرة داخلية أوعز فيها إلى جميع نواب ومسؤولي وقيادات وكادرات ووسائل الإعلام التابعة للحزب «عدم التعرض لتيار المستقبل بأي شكل٬ حتى لو صدرت تصريحات ومواقف مضادة من جانبه»٬ مشددا في مقدمة المذكرة على أن العلاقة مع تيار «المستقبل» سعد الحريري «أبعد وأعمق من تفاصيل تكتيكية». إلا أن مصادر ترى٬ أن «سوء التفاهم القائم» بين الطرفين٬ كما وصفه بيان سابق لـ«القوات»٬ يتسع٬ خاصة في ظل تنامي امتعاض تيار «المستقبل» من تفاهم جعجع مع عون الذي بات يتخذ إطارا تحالفيا. ولعل ما قد يتردد «القواتيون» بالإقرار به٬
يشرحه النائب في تيار «المستقبل» عمار حوري متحدثا عن «شوائب» تعتري العلاقة مع «القوات» منذ قرار جعجع دعم مشروع قانون «اللقاء الأرثوذكسي»٬ وهو قانون الانتخاب الذي يقضي بأن تنتخب كل طائفة نوابها. ولفت حوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الملف الرئاسي جاء ليعقد الأمور أكثر وصولا للانتخابات البلدية الأخيرة حين لم تلتزم ماكينة (القوات) بدعم لائحة (البيارتة) في العاصمة؛ ما أدى لشيء من (البرودة) بيننا».
ما يجدر ذكره٬ أن الحريري ذّكر أخيرا جعجع بأنه كان أول من رشحه لرئاسة الجمهورية٬ متهما إياه و(ما يسمى) «حزب الله» بتعطيل مبادرته الرئاسية٬ وهو ما لم يتقبله حزب «القوات»٬ وعبر عنه العميد المتقاعد وهبة قاطيشا٬ مستشار جعجع٬ قائلا لـ«الشرق الأوسط» في لقاء معه «ليس للدكتور جعجع من يقال له هذا الكلام٬ وكأنهم يقولون نحن نقرر وأنتم تنفذون.. نحن لسنا تابعين لأحد ولا نقبل بأنُيفرض شيء علينا. أصلا لا أحد يمكنه أن يتفرد بتسمية رئيس لبنان». مع هذا٬ يصر قاطيشا على القول: إنه رغم من «الخلافات الثانوية» بين «القوات» و«المستقبل»: «فنحن لا نزال على خط استراتيجي واحد»٬ ويضيف «خلال الحرب العالمية الثانية كان تشرتشل يقول: إن حليفه ديغول يرهقه أكثر من عدوه هتلر٬ لكنهما في النهاية انتصرا معا».
هذا٬ وبدأت العلاقة بين «القوات» و«المستقبل» تتدهور على خلفية إعلان الحريري تبنيه ترشيح فرنجية٬ الصديق المقرب لرئيس النظام السوري بشار الأسد لرئاسة الجمهورية من دون العودة إلى جعجع وأخذ رأيه بالموضوع٬ وتفاقم الحال عندما تبنى جعجع ترشيح عون٬ منافسه السابق على الرئاسة٬ وبالتالي حصرت الترشيحات الأساسية بقوى الثامن من آذار.
واستمر التباعد بين الحزبين الحليفين: «القوات» و«المستقبل» على وقع التقارب المستمر بين الخصمين اللدودين السابقين عون وجعجع٬ ثم ساهمت الانتخابات البلدية الأخيرة والتحالفات التي عقدت في أكثر من منطقة بترسيخ المشهد المستجد من خلال اصطفاف «القواتيين» و«العونيين» جنبا إلى جنب في أكثر من منطقة٬ واتهام المستقبل» حلفاءه المسيحيين (تحديدا «القوات») في بيروت بعدم الالتزام باللائحة التوافقية التي تم تشكيلها ما أدى إلى فروقات بسيطة بالأصوات عن اللائحة المنافسة في دائرة بيروت الثالثة.