ظريف في بيروت قبل دمشق.. وزيارة تركيا مؤجلة
مصادر متابعة ترجّح ربط ملف الرئاسة اللبنانية بالرئاسة السورية بعد التسوية المرتقبة
وصل يوم أمس وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى لبنان، حيث سيلتقي عددا من المسؤولين، أبرزهم، رئيس الحكومة تمام سلام، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ووزير الخارجية جبران باسيل، إضافة إلى أمين عام حزب الله حسن نصر الله، فيما أعلن عن تأجيل زيارته التي كانت مقررة إلى تركيا، على أن تكون دمشق محطته التالية بعد بيروت.
ولدى وصوله إلى المطار قال ظريف في تصريح مقتضب: «إن مجيئي إلى لبنان فرصة تاريخية، فأنا أرى أن هناك لعبة خطرة تجري ميدانيا، من هنا فإن التعاون والتشاور ضروريان لمواجهة التحديات»، وهو ما اعتبرته بعض المصادر تحذيرا لما يتم العمل عليه على الحدود السورية التركية لجهة إنشاء منطقة آمنة، وهو الأمر نفسه الذي قد يكون وراء تأجيل زيارته إلى تركيا.
وفي حين بات من المؤكد أن الأزمة السورية ستكون الحاضر الأبرز في جولة ظريف بعد أسابيع قليلة من الاتفاق النووي، رجّحت مصادر في قوى «14 آذار» استبعاد الملف اللبناني في الوقت الحالي من هذه المباحثات، لا سيما رئاسة الجمهورية بانتظار اللقاء السعودي الإيراني، مشيرة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى احتمال ربطها في مرحلة لاحقة بمصير الرئاسة السورية بعد التسوية المرتقبة، بحيث يبحث في اسم توافقي وغير صدامي.
وحول هذه الزيارة، نقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية عن الناطقة باسم وزارة الخارجية مرضية أفخم، قولها «إن بيروت ستكون المحطة الأولى من الجولة الإقليمية الثانية لوزير الخارجية محمد جواد ظريف، والتي سيبحث خلالها المواضيع الثنائية والإقليمية والمبادرة الإيرانية لحل الأزمة السورية، وكذلك نتائج المباحثات النووية». وأضافت أفخم أن السياسة الإيرانية كانت «منذ البداية ترتكز على ثلاثة أسس منطقية، تتمثل في احترام الحقوق المشروعة للشعب السوري، ودعوته للإصلاح، وتحديد مصيره بنفسه، وعدم تدخل الأجانب في شؤون سوريا، وعدم استخدام الإرهاب كأداة لتحقيق الأهداف السياسية». وأوضحت أن المبادرة الإيرانية المكونة من أربعة بنود لحل الأزمة السورية تأتي في الإطار نفسه، ويجري تحديثها حاليا، وسيتم طرحها بعد التشاور مع الحكومة السورية وسائر اللاعبين المؤثرين.
إلى ذلك، قالت مصادر مطلعة على زيارة ظريف إلى لبنان «سيحمل وزير الخارجية الإيراني رسالة تأكيد على دعم إيران لحزب الله الذي لا يزال لاعبا أساسيا كما غيره من اللاعبين الأساسيين، إنما مع تغير في الأدوار في ظل الحديث عن التسوية المرتقبة في سوريا والتي ستنص على خروج الميليشيات الشيعية من المعركة». وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مباحثات ظريف لن تكون بعيدة عما سبق أن تم التداول به حول المرحلة الانتقالية التي سيكون للأسد «دور شكلي فيها»، أي رئيس من دون صلاحيات، وتشكيل حكومة تقرّ اتفاقًا سوريًا على غرار «اتفاق الطائف اللبناني» بما يتضمّنه من توزيع صريح للرئاسات والمناصب على الطوائف والمذاهب، ومن ثم انتخاب رئيس سوري جديد، مضيفة «أما البحث في الموضوع اللبناني فلن يتخطى في الوقت الحالي (المحافظة على الاستقرار) في البلاد».
وأعلنت العلاقات الإعلامية في حزب الله عن «إلغاء زيارة ظريف إلى ضريح القائد عماد مغنية التي كانت مقررة عصر أمس، وذلك نظرا لكثافة مواعيده وبرنامجه الحافل باللقاءات خلال زيارته للبنان؛ وتأخر وصول الطائرة عن موعدها؛ على أن تؤجل تلك الزيارة إلى فرصة لاحقة».
ويوم أمس، أصدرت الخارجية الإيرانية بيانا قالت فيه إن زيارة ظريف أرجئت إلى موعد لاحق، ولم يكشف البيان عن سبب التأجيل أو الموعد الجديد لهذه الزيارة. وكان من المقرر أن يلتقي وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو نظيره الإيراني ظريف يوم أمس على المستويين الثنائي والوفود، لبحث عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
لكن مصدرا في وزارة الخارجية الإيرانية أكد أن «الزيارة مدرجة على جدول الأعمال إلا أنها تم تأجيلها لوقت آخر بسبب مشكلة في برنامج العمل». وأضاف أن الزيارة «ستجرى في أول فرصة».
من جهته، أعلن مصدر دبلوماسي تركي أن ظريف أرجأ زيارة كان من المقرر أن يبدأها اليوم إلى تركيا من دون توضيح أسباب هذا التأجيل الذي تقرر في اللحظة الأخيرة في ظل وضع أمني وسياسي معقد في تركيا.
وكان من المتوقع أن تبحث خلال الزيارة الأزمة السورية التي سببت خلافات عميقة بين طهران وأنقرة.
وقال المصدر الدبلوماسي التركي إنه «طرأ تغيير على البرنامج»، من دون أن يذكر أي سبب لتأجيل زيارة ظريف الذي كان يفترض أن يلتقي القادة الأتراك في أنقرة.
وبينما ربطت بعض المصادر تأجيل زيارة ظريف إلى تركيا باعتراض إيران على ما يحكى عن «إنشاء منطقة آمنة على الحدود التركية السورية»، فقد تزامن إعلان هذا التأجيل مع نشر صحيفة «جمهورييت» المعارضة مقالا لظريف مستبقا زيارته على ما يبدو. وصحيفة «جمهورييت» معروفة بمعارضتها لحزب العدالة والتنمية الحاكم، ويصطدم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان باستمرار مع رئيس تحريرها جان دوندار.
وفي الإطار نفسه، قال مصدر دبلوماسي في السفارة الإيرانية في دمشق، يوم أمس، إن ظريف سيصل مساء الأربعاء (اليوم) إلى دمشق لإجراء محادثات حول آخر تطورات الأزمة السورية وأوضاع المنطقة. وأشار المصدر في حديث لوكالة الأنباء الألمانية إلى أن «برنامج ظريف يشمل لقاء الرئيس السوري بشار الأسد، الخميس، حيث سيقدم له المبادرة الإيرانية حول الوضع في سوريا ويتم إجراء محادثات بهذا الخصوص والمستجدات الراهنة».