توتر في عرسال بعد تجدد عمليات الاغتيال.. ودعوات لتسلم البلدية مهمات أمنية
رئيسها يلتقي الاثنين قائد الجيش لبحث إمكانية تعديل الخطط العسكرية المعتمدة
توتر الوضع الأمني في بلدة عرسال الواقعة عند الحدود الشرقية للبنان٬ بعد إقدام مسلحين على اغتيال أحد أبناء البلدة في عطلة عيد الفطر٬ ليتجدد بذلك مسلسل عمليات الاغتيال المستمر منذ أكثر من 4 سنوات٬ في البلدة التي تستضيف أكثر من 120 ألف لاجئ سوري يتوزعون على نحو مائة مخيم٬ معظمها مخيمات عشوائية.
وفي حين وّجه عدد من أهالي البلدة أصابع الاتهام باغتيال الشاب قتيبة الحجيري لتنظيم داعش من دون تحديد خلفيات العملية٬ وما إذا كان ابن عرسال على علاقة بالتنظيم٬ أعادت هذه المستجدات فتح ملف غياب مراكز الجيش وقوى الأمن الداخلي وعدم تواجد عناصرهما بشكل دائم في عرسال بعيد العمليات الأمنية التي تعرضوا لها٬ إن كان في صيف العام 2014 حين تم اختطاف أعداد منهم٬ أو في الفترة التي تلتها حين كانت تتعرض دورياتهم لعبوات ناسفة أّدت إلى مقتل وجرح العشرات.
وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن السبب الرئيسي لسحب عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي من داخل عرسال هو «كثافة التواجد السوري»٬ لافتة إلى أن إعادة العناصر إلى مراكز محددة قد يؤدي للانقضاض عليهم بشكل مفاجئ كما حصل في أغسطس (آب) 2014 حين تمت مهاجمة موقع الجيش في مهنية عرسال». وإذ أّكدت المصادر أن عرسال «غير مهملة أمنيا» مشيرة إلى أن العمليات العسكرية فيها «تتخذ الطابع الاستباقي والفجائي بحيث تتم مهاجمة قياديين للتنظيمات الإرهابية داخل البلدة ومراكز تواجدهم فور الحصول على معلومات دقيقة ومؤكدة في هذا المجال»٬ لفتت إلى أن «التواجد فيها بشكل دائم دونه محاذير ويحتاج إلى دراسة معّمقة وتحضيرات كبيرة».
وفي سياق العمليات الاستباقية التي ينتهجها الجيش للتعاطي مع المجموعات المسلحة المتمركزة داخل عرسال٬ هاجم في أبريل (نيسان) الماضي مركزا لـ«داعش» في البلدة وقتل أمير التنظيم في المنطقة وعددا من عناصره. وكان قد سبق هذه العملية هجوم آخر في فبراير (شباط) الماضي قتل الجيش على إثره ستة من «داعش» وألقى القبض على 16 آخرين.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن رئيس بلدية عرسال٬ باسل الحجيري٬ سيلتقي يوم الاثنين المقبل قائد الجيش العماد جان قهوجي ليناقش معه التطورات الأمنية الأخيرة ويحّثه على اتخاذ تدابير جديدة٬ وبالتحديد تجاه «تواجد الأجهزة الأمنية الفعلي والدائم في البلدة٬ ووضع حد للجرائم المتكررة»٬ كما ورد في بيان صدر عن البلدية مؤخرا.
وبحسب المصادر الأمنية٬ فإنه «وعلى ضوء هذا الاجتماع المرتقب بين العماد قهوجي والحجيري٬ قد يتم إدخال تعديلات ما على الخطة الأمنية المعتمدة في البلدة٬ لجهة زيادة انتشار عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي أم لا».
وحّث رئيس البلدية٬ في تصريح لـ«الشرق الأوسط»٬ الجيش على «استكمال العمليات العسكرية التي تم تنفيذها في الأشهر الماضية حتى إنهاء وجود التنظيمات الإرهابية بشكل كامل داخل عرسال٬ خصوصا أن التواجد العسكري لهذه التنظيمات حاليا ضعيف والمطلوب مهاجمتها قبل أن تعيد ترتيب صفوفها». وقال باسل الحجيري: «هذه المجموعات وبالقدرات التي لديها لا يمكن أن تشكل خطرا على الجيش ومراكزه٬ لكن الخطر الرئيسي الذي تشكله هو على المواطن الأعزل».
وشّدد الحجيري على وجوب «حسم موضوع هذه المجموعات إن كان داخل البلدة أو في الجرود حتى لو كان التعاطي العسكري مع الملفين سيكون مختلفا تماما». وأضاف:
«المسلحون السوريون كما عناصر (حزب الله) يحتلون جرود بلدتنا ويقضون على 70 في المائة من الموسم الزراعي٬ والمطلوب أن يخرجوا من أرضنا ويذهبوا إلى ميدان القتال والمواجهة الحقيقية في الداخل السوري٬ فقد اكتفينا من انعكاسات هذا الصراع على بلدتنا أمنيا واقتصاديا».
وتصف مصادر ميدانية في عرسال الوضع الحالي بـ«المتوتر»٬ لافتة إلى أن أهالي البلدة منزعجين كثيرا مما آلت إليه الأوضاع الأمنية٬ خصوصا بعد اغتيال قتيبة الحجيري. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «كل ماُيطالب به أهالي البلدة حفظ أمن عرسال٬ لكن للأسف لم يعد لديهم ثقة في الدولة وأجهزتها٬ لذلك يتوجهون للمطالبة بتسلم البلدية زمام الأمور٬ فيتم مثلا الاعتماد على عناصر شرطة محليين يتم تسليحهم بغطاء من وزارة الداخلية لحفظ أمن البلدة وملاحقة القتلة والمعتدين على أبنائنا».
وبحسب هذه المصادر٬ فإن عناصر «(داعش) و(جبهة النصرة) يتواجدون بأعداد غير كبيرة داخل عرسال وفي مواقع غير معروفة٬ خصوصا أنهم يتنقلون باستمرار لكنهم يتمركزون بشكل رئيسي داخل المخيمات المنتشرة في البلدة».
والى جانب التطورات الأمنية الأخيرة٬ ترزح عرسال أيضا تحت وضع إنساني صعب٬ نظرا للأعداد الهائلة للاجئين مقابل الموارد المحدودة في البلدة. وهو ما أشار إليه الناشط السوري داخل عرسالـ٬ أبو الهدى الحمصي٬ الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن «حالات فوضى كبيرة داخل المخيمات نتيجة التوزيع العشوائي للمساعدات والسلال الغذائية»٬ لافتا إلى أن «ذلك يؤدي إلى خلافات كبيرة بين النازحين٬ خصوصا أنه تم مثلا في الأيام الماضية توزيع 4 سلال غذائية على مخيمات محددة مقابل سلة أو 2 فقط لباقي المخيمات».