وزير خارجية فرنسا في بيروت لحث اللبنانيين على عدم انتظار الحلول الإقليمية
قضية اللاجئين السوريين ودعم الجيش اللبناني يتصدران جدول الزيارة
بدأ وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت٬ زيارة رسمية إلى بيروت٬ التي وصلها ظهر أمس على متن طائرة خاصة٬ للبحث مع القيادات اللبنانية في عدد من الملفات٬ وعلى رأسها ملف رئاسة الجمهورية٬ وحرص باريس على انتخاب رئيس للبلاد بأسرع وقت ممكن٬ بالإضافة إلى سبل دعم الجيش اللبناني الذي يتولى مهام كبيرة٬ أخطرها مكافحة الإرهاب ومنع امتداد النيران السورية إلى الساحة الداخلية٬ بالإضافة إلى أزمة اللاجئين السوريين الموجودين في لبنان.
ومع عدم الإفراط بالتفاؤل حول قدرة المسؤول الفرنسي على إحداث خرق في جدار الأزمة الرئاسية٬ أكدت مصادر متابعة للزيارة أن أيرولت «سيسلّط الضوء على مخاطر استمرار الفراغ الرئاسي٬ وما يسببه للبنان من تداعيات سلبية على صعيد عمل الدولة ومؤسساتها الدستورية٬ ودور لبنان على الخريطة الدولية». وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط»٬ أن الوزير أيرولت «سيحث المسؤولين اللبنانيين على تجاوز الانقسامات حول القضايا الكبرى٬ وعدم انتظار الحلول الإقليمية٬ لأن الوضع في المنطقة لا يوحي بانفراجات قريبة». وقالت: «صحيح أن وزير خارجية فرنسا لا يحمل خريطة طريق للحل٬ إنما ينقل أفكاًرا جديرة بالاهتمام والنقاش٬ بالاستناد إلى ما تمتلكه القيادة الفرنسية من معلومات».
وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس٬ توقع أن يتحّدث أيرولت مع المسؤولين اللبنانيين بكل الملفات٬ بما فيها الملف الرئاسي وقضية النازحين٬ مذكًرا أن أيرولت «أعلن قبل أيام في تصريح له أنه سيحث اللبنانيين على الإسراع في انتخاب رئيس». وقال درباس في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «قبل يومين التقيت باتريك باولي٬ مسؤول شؤون الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية٬ وأبلغني اهتمام بلاده بقضية النازحين٬ وتقديمها مبلغ 100 مليون دولار لهذه الغاية»٬ مضيفا: «نحن في المقابل عّبرنا عن قلقنا للتصريح الصادر عن (الرئيس التركي رجب طّيب) إردوغان٬ الذي أعلن فيه سعيه لمنح اللاجئين السوريين الجنسية التركية٬ وهذا مؤشر إلى أن هؤلاء اللاجئين سيبقون حيث هم موجودون». وأكد درباس أن «السوريين الموجودين في لبنان هم إخوة لنا وضيوف٬ لكن هناك واقًعا لا نحيد عنه٬ فلهم هويتهم ولنا هويتنا٬ ولن نقبل بأي حّل شبيه بالحل التركي في لبنان٬ لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى خلل ديموغرافي في التركيبة اللبنانية».
ورغم غياب المعلومات الدقيقة عن الأفكار التي سيبحثها وزير خارجية فرنسا مع المسؤولين اللبنانيين اعتباًرا من صباح اليوم٬ ذّكر النائب ياسين جابر عضو كتلة التحرير والتنمية التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري٬ أن الزيارة «تأتي من باب النصح للبنانيين بفعل أي شيءُيخرج البلاد من الدوامة التي تتخّبط فيها». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»٬ أن «جدول أعمال زيارة الوزير الفرنسي٬ مبنّية على تقرير أعدته لجنة برلمانية فرنسية زارت بيروت قبل أيام٬ وأكدت أن وضع لبنان صعب وأزماته تضعه على حافة الهاوية».
وقال جابر: «بتقديري هناك تقييم فرنسي للواقع٬ مفاده أن معالجة الأزمات تبدأ بإعادة الروح إلى الحياة الدستورية٬ ومفتاحها يكون بانتخاب رئيس للجمهورية٬ ومن ثّم إقرار وقال جابر: «بتقديري هناك تقييم فرنسي للواقع٬ مفاده أن معالجة الأزمات تبدأ بإعادة الروح إلى الحياة الدستورية٬ ومفتاحها يكون بانتخاب رئيس للجمهورية٬ ومن ثّم إقرار قانون انتخابي٬ وإجراء انتخابات نيابية ليعود لبنان بلًدا طبيعًيا». وعن جدوى نجاح هذه الزيارة في الوقت الذي لم تحقق زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للبنان قبل أشهر أي اخترق في جدار الأزمة٬ لفت النائب ياسين جابر إلى أن «ظروف زيارة أيرولت مختلفة عن ظروف زيارة هولاند». وأضاف: «هناك شيء ما يتغّير على صعيد المنطقة٬ نحن الآن أمام تفاهم أميركي روسي واضح٬ ومنذ أيام حصلت مصالحة تركية روسية٬ وثمة معلومات عن تفاهمات كبرى نأمل أن يكون للبنان حّصة فيها». وكان أيرولت وصل إلى مطار رفيق الحريري الدولي ظهر أمس٬ حيث استقبله ممثل للخارجية اللبنانية والسفير الفرنسي إيمانويل بون وأركان السفارة الفرنسية في لبنان وضباط من القوة الفرنسية العاملة في إطار اليونيفيل٬ ومن المطار انتقل المسؤول الفرنسي إلى الناقورة (جنوب لبنان) على متن طوافة تابعة لليونيفيل لتفقد قوة بلاده٬ وعصًرا عاد إلى مقر السفارة الفرنسية في قصر الصنوبر في بيروت٬ على أن يبدأ اليوم الثلاثاء لقاءاته الرسمية مع المسؤولين اللبنانيين٬ ويختتم زيارته لبيروت بمؤتمر صحافي يعقده مع نظيره اللبناني جبران باسيل مساء بوزارة الخارجية يتحدث خلاله عن نتائج زيارته إلى لبنان.
وفي كلمة له أمام الجنود الفرنسيين المشاركين في قوة الأمم المتحدة في جنوب لبنان٬ أعلن أيرولت أن بلاده ستبذل كل ما بوسعها للحفاظ على السلام في لبنان. وأضاف:
«اليوم هناك أخطار أخرى تهدد لبنان»٬ مشيرا إلى الحرب في سوريا والأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد التي لا تزال من دون رئيس منذ أكثر من سنتين٬ وأكد على ضرورة أن يبقى لبنان بمنأى عن النزاع السوري.