التحقيق مع الأسير يتشعّب إلى ملفات إرهابية.. ومديرية المخابرات تتسلمه اليوم
الجيش اللبناني يقصف تحركات المسلحين في جرود عرسال ويسحب جثتي قتيلين منهم
بقيت قضية توقيف إمام مسجد بلال بن رباح السابق الشيخ أحمد الأسير، في مقدمة المتابعة الأمنية والقضائية، في لبنان أمس، وترقب الاعترافات التي يدلي بها عن دوره المركزي في أحداث عبرا (منطقة عبرا في صيدا) التي وقعت في 24 و25 يونيو (حزيران) 2013، وأدت إلى مقتل 18 عسكريًا من الجيش اللبناني وإصابة العشرات، بالإضافة إلى مقتل ما يزيد على 30 مسلحًا من أنصار الأسير في المواجهات التي خاضها ضدّ الجيش، في وقت أعلنت فيه قيادة الجيش في بيان لها، أن «قوة من الجيش رصدت مساء (أول من) أمس في منطقة الحصن في جرود عرسال، مجموعة إرهابية كانت تحاول التسلل من الجرود باتجاه بعض المراكز العسكرية، فتصدت لها وأوقعت في صفوفها قتيلين، فيما لاذ الباقون بالفرار، وتم سحب الجثتين وتسليمهما إلى المرجع المختص لإجراء اللازم». كما قام الجيش قبل ظهر أمس، بقصف تحركات مشبوهة للمسلحين بالمدفعية الثقيلة في البقاع الشمالي وتحديدًا في جرود عرسال ورأس بعلبك.
وأجرى جهاز الأمن العام تحقيقات مكثّفة مع الموقوف أحمد الأسير، على مدى ثلاثة أيام متواصلة منذ توقيفه صباح السبت الماضي في مطار رفيق الحريري الدولي أثناء مغادرته بيروت متوجهًا إلى مصر ومنها إلى نيجيريا، ومن المقرر أن تنتهي قبل ظهر اليوم الثلاثاء، على أن يقرر على أثرها مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، إحالة الموقوف مع محاضر الاستجواب إلى مديرية المخابرات في الجيش اللبناني للتوسع بالتحقيق معه في ملف أحداث عبرا وقضايا أمنية طالت الجيش في أكثر من منطقة في لبنان.
وفي ظلّ التكتم الشديد على طبيعة الاعترافات التي أدلى بها الأسير، أوضحت مصادر مطلعة على سير التحقيقات الأولية لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاستجواب أمام الأمن العام تركز على عنصرين أساسيين؛ الأول معرفة الأشخاص والجهات التي ساعدت الشيخ الموقوف على الفرار من مسجد بلال بن رباح في عبرا إثر اندلاع المواجهات المسلحة فيها، والمكان الذي لجأ إليه، والأشخاص الذين أخفوه وخبأوه وساعدوه على التنقل بين منطقة وأخرى، ومكنوه من البقاء خارج قبضة العدالة، بالإضافة إلى محاولة كشف هويات الذين زودوه بالبطاقات والوثائق والمستندات المزورة التي كان يتنقل بها وحاول السفر بواسطتها. والثاني معرفة النشاطات الأمنية التي مارسها منذ سنتين حتى الآن والمجموعات المسلحة التي شكلها وأهدافها والمهام الأمنية التي أسندها إلى هذه المجموعات، ومنها على سبيل المثال مجموعة باب التبانة في طرابلس (شمال لبنان) التي كانت بقيادة المطلوب للعدالة شادي المولوي ورفيقه أسامة منصور الذي قتل في عملية أمنية نفذتها شعبة المعلومات بقوى الأمن الداخلي في طرابلس مطلع العام الحالي».
هذه الوقائع في سير التحقيق أكد صحتها مصدر قضائي بارز، فأشار إلى أن «الأمن العام سينهي تحقيقاته مع الأسير صباح الثلاثاء (اليوم)، وسيطلب مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر إحالة الأسير مع محاضر التحقيق إلى مخابرات الجيش للتوسع بالتحقيق معه، باعتبار أن القضايا التي يلاحق فيها الأسير استهدفت الجيش بشكل مباشر».
وقال المصدر القضائي لـ«الشرق الأوسط» أمس «إن الأسير الآن قيد المحاكمة الغيابية أمام المحكمة العسكرية في ملفين أساسيين؛ الأول ملف أحداث عبرا التي قتل فيها 18 جنديًا من الجيش وأصيب فيها العشرات، والثاني ملف إطلاق النار على دورية للجيش بمنطقة بحنين المنية (شمال لبنان) الذي أدى إلى مقتل أربعة عسكريين، ونفذتها مجموعة الشيخ الموقوف خالد حبلص الذي يعمل بإمرة الأسير».
المصدر القضائي أشار أيضًا إلى أن الأسير «اعترف أمام الأمن العام بأمور مهمة، وهناك أمور أخرى ينكر علاقته بها، لكن التحقيق معه أمام مخابرات الجيش سيتناول بالإضافة إلى أحداث عبرا وقضية المنية، مسائل أمنية أخرى منها ما يرتبط بعلاقته بتنظيمات إرهابية مثل تنظيم داعش وسواه، وتفجيرات حصلت في لبنان، وإدخال سيارات مفخخة، ودوره المحتمل في هذه الأعمال الإرهابية».
وأكد المصدر القضائي أن «الأسير كان يقيم في الأشهر الأخيرة في مخيم عين الحلوة، وقبل توقيفه بخمسة أيام انتقل للإقامة في بلدة جدرا قبل أن يسلّم هناك وثيقة السفر الفلسطينية المزورة».
ومن المقرر أن تتأجل جلسة محاكمة 70 شخصًا موقوفين ومخلى سبيلهم في أحداث عبرا المحددة اليوم الثلاثاء، والمعدة لمتابعة الاستماع إلى مرافعات وكلاء الدفاع عن المتهمين، إلى وقت لاحق، بعد أن تبلّغ المحكمة رسميًا قرار توقيف الأسير، لأن المحطة الأهم في المحاكمة ستكون إلحاق الأسير برفاقه والبدء باستجوابه في جلسات محاكمة علنية يحضرها محامون يتولون الدفاع عنه، ومن ثم تستكمل المرافعات قبل صدور الحكم الذي لن يستغرق وقتًا طويلاً.
وفي ملف قضائي آخر، مثل أمس أمام المحكمة العسكرية برئاسة العميد الركن خليل إبراهيم، مجموعة مؤلفة من 20 متهمًا جميعهم لبنانيون ينتمون إلى تنظيم «داعش»، أبرزهم أحمد سليم ميقاتي الذي كان يتولى تجنيد الشباب في شمال لبنان لصالح هذا التنظيم، وابن شقيقه بلال عمر ميقاتي الذي اعترف بتصوير عملية ذبح الرقيب في الجيش اللبناني الرهينة علي السيّد في الجرود، على يد تنظيم «داعش»، وعبد الرحمن ظهير بازرياشي الملقب بـ«حفيد أبي بكر البغدادي»، والمطلوب الفار من العدالة شادي المولوي.
ويحاكم أفراد هذه المجموعة بجرم «الانتماء إلى تنظيم داعش الإرهابي بهدف القيام بأعمال إرهابية في لبنان، ومهاجمة مراكز الجيش اللبناني ومحاولة قتل عناصره، تمهيدًا لإعلان إمارة إسلامية في شمال لبنان، تكون ملحقة بـ(داعش)، وتحريض جنود الجيش على الانشقاق عنه والالتحاق بالتنظيم الإرهابي». ولم تتمكن المحكمة من استجواب الموقوفين بسبب عدم سوق بازرياشي من السجن إلى المحكمة، ولأن خمسة من الموقوفين ليس لديهم محامون للدفاع عنهم، فطلبت المحكمة من نقابة المحامين تعيين محامين عن هؤلاء وأرجأت الجلسة إلى 12 فبراير (شباط) المقبل.