لبنان: توجه لتمديد ولاية قائد الجيش وسط اعتراض عوني
الفرقاء السياسيون لا يعولون على «ثلاثية الحوار» وينبهون من مخاطر انتخابات نيابية من دون رئيس
تشير كل المعطيات إلى أن الحكومة اللبنانية تتجه لتمديد ولاية قائد الجيش العماد جان قهوجي للمرة الثالثة على التوالي بسبب تعذر التوافق السياسي على قائد جديد للمؤسسة العسكرية وتمسك الدوائر الغربية المعنية بالشأن اللبناني بالاستقرار الأمني القائم في البلاد. ولا يعّول الفرقاء السياسيون على جلسات الحوار الـ3 التي حدد رئيس المجلس النيابي نبيه بري موعدا لها الأسبوع المقبل وبالتحديد في 2 و3 و4 أغسطس (آب) المقبل لحل الأزمة الرئاسية والاتفاق على قانون جديد للانتخاب٬ لاقتناعهم بأن الملف اللبناني ككل بات مرتبطا بالملف السوري وأن واجباتهم تقتصر على تمرير المرحلة بأقل خسائر ممكنة.
وُينتظر أن يطرح وزير الدفاع سمير مقبل قريبا ملف قيادة الجيش على طاولة مجلس الوزراء٬ فيطلب تعيين قائد جديد قبل انتهاء ولاية قهوجي في سبتمبر (أيلول) المقبل أو التمديد له٬ علما بأن الخيار الأول من صلاحية الحكومة حصرا٬ فيما الخيار الثانيُيمكن أن يتخذه مقبل وحيدا كما سبق أن فعل العام الماضي حين أّجل تسريح قهوجي ورئيس مجلس الدفاع الأعلى اللواء محمد خير ورئيس الأركان وليد سلمان٬ ومدد لهم لمدة سنة٬ وذلك بعد تعذر التوافق السياسي على التعيينات الأمنية والعسكرية. علما بأنها لم تكن المرة الأولى التيُتمدد فيها ولاية قهوجي بعدما كان قد تم تأجيل تسريحه لسنتين في عام 2013.
وقال وزير الدفاع يوم أمس في تصريح له إنه «لا مجال للتمديد لرئاسة الأركان أبدا»٬ في إشارة إلى العقبات الدستورية التي تحول دون ذلك٬ لافتا إلى أّنه «من الممكن أن يتم التمديد عاما لرئاسة الجيش». ولفت للموقف الذي أعلنه وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي أّكد أن «لا تعيينات أمنية ولا توقيع لمراسيم النفط قبل انتخاب رئيس الجمهورية».
ولا يبدو أن معظم الفرقاء السياسيين بصدد افتعال مشكلة إذا ما تم تمديد جديد لولاية قهوجي٬ وحده «التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه النائب ميشال عون بدأ برفع الصوت مشددا على وجوب انتخاب قائد جديد للجيش٬ وهو ما عّبر عنه القيادي في التيار٬ الوزير السابق ماريو عون لافتا إلى أن موقفهم «مبدئي ونهائي من موضوع التمديد إن كان لمجلس النواب أو لأي شخصية عسكرية أو سياسية٬ وأيا كانت». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لم نتخذ بعد قرارا بكيفية مواجهة التمديد الجديد المرتقب عبر الاستقالة من الحكومة أو غيرها٬ لكن ما نؤكده أن كل الخيارات واردة٬ ونترك الإفصاح عنها عندما يحين الوقت لذلك».
أما وزير الاتصالات بطرس حرب فأشار إلى أّنه ينتظر أن يطرح وزير الدفاع الموضوع لاتخاذ الموقف المناسب٬ لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أّنه «وفي ظل غياب رئيس الجمهورية الذي عادة ما يكون له رأيا باسم الشخصية التي ستتولى قيادة المؤسسة العسكرية٬ من الصعب إتمام عملية التعيين».
وبحسب النائب في تيار «المستقبل» جان أوغاسبيان٬ فإن قرار تعيين قائد جديد للجيش «قرار سياسي يستلزم موافقة ثلثي أعضاء مجلس الوزراء ووجود شبه إجماع وطني عليه٬ وهي عناصر غير متوافرة في الوقت الحالي»٬ لافتا إلى أّنه «وإلى جانب الصعوبة التقنية بإتمام عملية التعيين٬ فالمخاطر القائمة بالداخل كما المحيطة بنا بالإضافة إلى إصرار الجهات المانحة على وجوب التمسك بالاستقرارين الأمني والسياسي٬ كلها معطيات تدفع باتجاه التمسك بالقائد الحالي».
وُيحّضر أقطاب طاولة الحوار أوراقهم للجلسة المرتقبة في 2 أغسطس رغم اقتناعهم بأنه لا إمكانية لتحقيق أي نتائجُتذكر. وفي هذا الإطار٬ قال حرب إن المعطيات المتوافرة لا توحي بمستجدات قريبة٬ لافتا إلى أن «ثلاثية الحوار» قد تطرح «نفسا جديدا وتخلق جوا معينا إلا أنها على الأرجح غير قادرة على صياغة تفاهمات كبيرة»٬ مشددا على تمسكهم بموقفهم «المبدئي لجهة ربط كل ملفات جدول الأعمال بعضها ببعض مع التشديد على أنه من المستحيل السير بأي إصلاحاتُتذكر قبل انتخاب رئيس جديد للبلاد». وأضاف: «أما الوصول إلى موعد الانتخابات النيابية قبل انتخاب رئيس للبلاد فهو بالنسبة إلينا قفزة للمجهول ودفع باتجاه الانهيار الكامل للنظام».
ويتلاقى موقف حرب مع رؤية أوغاسبيان الذي ينّبه من «مخاطر شتى قد تنتج عن إجراء انتخابات نيابية قبل وضع حد للشغور المتمادي في سدة الرئاسة»٬ لافتا إلى أن ذلك سيعني «بلدا من دون رئيس للجمهورية وبحكومة تصريف أعمال٬ أي سلطة إجرائية غائبة٬ ومجلس النواب قد لا يتمكن من انتخاب رئيس للنواب٬ ويعني بالتالي بلدا من دون مؤسسات في مرحلة نحن الأحوج فيها إلى الاستقرار المؤسساتي في ظل التغييرات الكبرى التي تشهدها المنطقة». واعتبر أوغاسبيان أن المطلوب منا حاليا قد يكون مجرد الإدارة الصحيحة للمرحلة وتمريرها بأقل خسائر ممكنة طالما حزب الله يربط مصير لبنان وملفاته بالأحداث في سوريا».
ورغم كل التعقيدات التي تلوح بالأفق وتوحي باستمرار الجمود السياسي إلى أجل غير مسّمى٬ يتمسك تيار عون بـ«تفاؤل» مجهول المصدر٬ عّبر عنه القيادي ماريو عون قائلا: «نحن في أجواء إيجابية غير مؤكدة٬ ولكن كل المعطيات التي بحوزتنا تقول بأن الأمور تتجه إلى حل لأزمة الرئاسة يقضي بانتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية».