لبنان: حراك رئاسي عشية انطلاق «ثلاثية الحوار» يلاقي التفاهمات الأميركية ـ الروسية في سوريا
سامي الجميل لـ «الشرق الأوسط»: لا انتخابات رئاسية ولا حتى نيابية في الأفق بقرار من «حزب الله»
تتضارب المعطيات السياسية٬ وبالتحديد الرئاسية٬ لدى مختلف القوى الداخلية اللبنانية وذلك عشية انطلاق جلسات الحوار الـ3 التي لا يزال رئيس المجلس النيابي نبيه بّري يعّول على أنُتحدث خرقا ما في جدار الأزمات المتفاقمة التي تتخبط فيها البلاد وأبرزها الأزمة الرئاسية.
ولقد لاقى رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق في الساعات الماضية فريق رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الذي لا ينفك يشيع أجواء من التفاؤل بقرب انتخاب رئيس٬ وبدا لافتا جزم المشنوق بأّنه سيكون هناك رئيسا للبلاد قبل نهاية العام الحالي.
غير أن التفاؤل المستقبلي العوني لا يلقى أي صدى لدى باقي الأفرقاء السياسيين الذي يعتبرون أن الملف اللبناني بات مرتبطا كليا بالتطورات السورية التي لم يتضح المسار الذي ستسلكه عشية الإعلان عن اتفاق أميركي روسي. ففي الوقت الذي تتحدث مصادر مطلعة على أجواء ما يسمى «حزب الله» لـ«الشرق الأوسط» عن «تفاؤل رئاسي غير جدي وغير مفهوم»٬ يذهب رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل أبعد من ذلك مرجحا أن «لا تكون هناك انتخابات رئاسية ولا حتى نيابية في الأفق بقرار من حزب الله».
وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» قال الجميل إنه «وبخلاف كل المواقف العلنية للقوى السياسية التي تؤكد تمسكها بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد٬ لا يبدو أن هناك حقيقة نية وقدرة على إتمام الاستحقاق النيابي٬ كما الرئاسي٬ نظرا لتمسك حزب الله بالوضع القائم وعدم رغبته على الإطلاق بإعادة عجلة الدولة والمؤسسات إلى الدوران». وأضاف رئيس الكتائب «الحزب أي ما يسمى (حزب الله) غير مستعجل للحلول٬ بل هو مرتاح تماما للمعطيات الحالية التي تتيح له الاستمرار بمعاركه خارج الأراضي اللبنانية دون أن يكون هناك من يسائله»٬ ولفت إلى أن «حزب الله» حتى «غير متحمس للسير بحليفيه النائب عون ورئيس تيار (المردة) النائب سليمان فرنجية للرئاسة من منطلق أن انتخاب رئيس سيعني إجراء انتخابات نيابية وتشكيل حكومة جديدة٬ وبالتالي ظروف مختلفة قد لا تناسب حركته». واعتبر الجميل أن «الدولة المنهارة مصلحة لحزب الله حالًيا حتى اتضاح ملامح الحل السوري٬ عندها سيقرر كيف يتعامل مع الأوضاع الداخلية بما يخدم مصالحه ومصالح إيران».
رؤية الجميل هذه تتلاقى مع ما أدلى به رئيس حزب «القوات» سمير جعجع يوم أمس خلال استقباله وفدا شعبًيا بحيث وصف ملف رئاسة الجمهورية بـ«الصعب والمعقد»٬ معتبرا أن رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط «أدرك الوضع على حقيقته وهو يفّضل أي رئيس على الفراغ٬ وبما أن الأكثرية المسيحية اتفقت على عون فهو مستعد للتصويت له٬ بينما التواصل مستمر مع الرئيس سعد الحريري في هذا الإطار». وأكد جعجع أن «حزب الله غير جدي في ترشيح العماد عون إلى الرئاسة٬ فالحزب لا يحتمل خسارة عون والتيار الوطني الحر على صعيد التحالف السياسي ولكن في الوقت نفسه لا يريده رئيسا». وأردف أن «الحزب هو جزء كبير من الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة٬ وإيران لديها مشاغل كثيرة في المنطقة من سوريا إلى العراق وصولا إلى اليمن٬ وهي تحاول إبقاء الرئاسة في لبنان معلقة من أجل مقايضتها بثمن ما٬ ألا وهو إبقاء بشار الأسد في سوريا٬ الأمر الذي ترفضه دول الخليج والغرب». وأضاف جعجع للوفد الشعبي الزائر «حزب الله حاليا أمام خيارين٬ إما جمهورية قوية وحزب ضعيف أو حزب قوي وجمهورية ضعيفة٬ لذلك يفضل بقاء الوضع على ما هو عليه٬ كي يبقى دون محاسبة أو يفضل رئيسا على قياس صغير ويتحكم به».
في المقابل٬ يواصل تيار عون بإشاعة أجواء من التفاؤل لجهة اقتراب موعد انتخابه رئيًسا. وبدا لافتا انضمام تيار «المستقبل» لموجة التفاؤل هذه من دون تحديد المرشح المحظوظ بالوصول لسدة الرئاسة. إذ أعرب الحريري عن أمله بأن تكون هذه السنة «خيرا وبركة على اللبنانيين ويتم انتخاب رئيس»٬ لافتا إلى أن كل ما يقوم به من أجل ذلك. ومن جهة ثانية٬ بدا المشنوق حاسما في إطلالة تلفزيونية بأّنه سيكون هناك رئيسا للبنان قبل نهاية العام الحالي. وتابع: «أنا صديق العماد ميشال عون٬ مرشحنا حّتى ذلك. ومن جهة ثانية٬ بدا المشنوق حاسما في إطلالة تلفزيونية بأّنه سيكون هناك رئيسا للبنان قبل نهاية العام الحالي. وتابع: «أنا صديق العماد ميشال عون٬ مرشحنا حّتى الآن هو النائب سليمان فرنجية٬ لكن لا يكفي أن نكون ملتزمين وجالسين٬ كّل في بيته وننتظر القدر الذي لا نعرف متى يأتي ولا من سيأتي به».
وبدوره٬ حسم النائب فرنجية٬ مرشح تيار «المستقبل» للرئاسة يوم أمس الجدل الذي كان قائما حول إمكانية انسحابه لصالح عون٬ مؤكدا استمراره بالمعركة الرئاسية٬ قائلا بعد لقائه بّري «طالما هناك نائب واحد يقف معنا فنحن مستمرون٬ ولا أحد يمون علينا أن ننسحب»٬ وأضاف: «لن أنسحب من السباق الرئاسي سوى إذا حصل إجماع وطني وتوافق وطني٬ أما أي مناورة أو لعبة أو شد حبال من هنا أو هناك فلا منفعة لها».
وتابع فرنجية: «ليطمئن بال القريب والبعيد أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والرئيس السوري بشار الأسد لن يطلبا مني الانسحاب. حلفائي لن يطلبوا مني أن أنسحب وأخصامي لن يمونوا علّي».
وبحث نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع اللبناني سمير مقبل بعد ظهر أمس٬ في مكتبه٬ مع السفير البريطاني في لبنان هوغو شورتر في الأوضاع الراهنة٬ وفي المساعدات التي قدمتها بلاده للجيش اللبناني.
مصدر رسمي أفاد أمس بأن البحث تطرق «إلى الأوضاع الراهنة على الساحتين المحلية والإقليمية»٬ كما تناول اللقاء البحث٬ وفقا لبيان المكتب الإعلامي في وزارة الدفاع المساعدات التي قدمتها وتقدمها الحكومة البريطانية للجيش اللبناني». ولقد أعرب مقبل عن شكره للسفير شورتر٬ بحسب البيان على «المساعدات سواء لجهة تدريب قوات الجيش أو لجهة إنشاء أبراج للمراقبة عند المناطق الحدودية مع سوريا في جرود عرسال ورأس بعلبك»٬ وعلى ما «نقله عن استعداد بلاده لاستكمال إنشاء هذه الأبراج ومتابعة التدريب دعما للجيش في محاربته للإرهاب وتوفير الأمن والاستقرار».