المعارضة تخنق النظام في حلب.. والطيران الروسي يكثف القصف خوفا من انهياره
22 جثة لمقاتلين أفغان تصل إلى مشفى حماه الوطني
قلب نجاح الفصائل في فك الحصار عن حلب المعادلة العسكرية على الأرض٬ وجعل المعارضة تعول أكثر على إمكانية انعكاس هذا التقدم على المفاوضات التي من المتوقع أن تستأنف في جنيف الشهر الحالي.
وفي حين استمرت٬ يوم أمس٬ الاشتباكات المتقطعة جنوب المدينة غداة تعرض النظام والموالين له لضربة كبيرة بفك الحصار عن أحياء حلب الشرقية وتطويق أحياء حلب الغربية التي يسيطر عليها النظام٬ وتأكيد «غرفة عمليات حلب» أن الهدف هو «تحرير المدينة»٬ اعتبرت الهيئة العليا للمفاوضات على لسان المتحدث باسمها٬ رياض نعسان آغا٬ أنه لا بد أن تنعكس انتصارات المعارضة على المشهد السياسي كله وليس على طاولة المفاوضات فقط٬ وذلك بعدما أكد رئيس الوفد المفاوض أسعد الزغبي أنه على الوفد الانتظار بعض الوقت حتى تتحرر مدن كبرى في سوريا على أيدي الفصائل قبل العودة إلى التفاوض مع النظام وحلفائه.
وقال آغا لـ«الشرق الأوسط»: «أعادت هذه الانتصارات قناعة المعارضة بأن الاعتماد على الحل السياسي وحده لم يحقق شيئا إلى الآن٬ ولذلك كان لا بد من مواجهة صلبة وقوية لإجرام النظام وحلفائه٬ مثل روسيا وإيران وحزب الله وكل الميليشيات الطائفية٬ الذين أعلنوا أن هدفهم الوحيد هو الحسم العسكري٬ وهذا ما دفع الثوار إلى مواجهة الحسم بحسم».
وأكد أن ما يجري في الميدان العسكري الآن هو الذي يرسم نتائج التفاوض٬ وما حدث في حلب يعيد التوازن في الوقائع. واعتبر آغا «أنه حتى إذا كانت هناك نية لدى النظام للتفاوض٬ فلن تقبل المعارضة غروره وعنجهيته بعدما خسر الشعب الكثير٬ ولم يعد لديه المزيد مما يخسره»٬ مضيفا: «اختار النظام حرب الإبادة للشعب بدعم من روسيا وإيران٬ مما جعل الثوار يخوضون معركة تحرير وطنهم من هذا الاحتلال المتعدد لسوريا٬ وعلى النظام وروسيا وإيران أن يدركوا أن إبادة شعب مقابل أن يبقى رجل في السلطة هي أوهام».
وبينما لم يستبعد آغا أن تضاعف روسيا قصفها وهجومها على حلب٬ أمل أن تحقق الفصائل المزيد من الانتصارات على الأرض ليكون موقف الهيئة العليا التفاوضية أقوى.
ولفت إلى أن الهيئة لم تتلق لغاية الآن دعوة للمشاركة في الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف٬ مضيفا: «عندما تصل الدعوة ستجتمع الهيئة وتدرس موقفها في هذا الإطار».
ميدانيا٬ أعلن «جيش الفتح»٬ أمس٬ عن أسر عدد من عناصر قوات النظام في حلب فيما دارت اشتباكات متقطعة جنوب المدينة غداة ما وصفه المرصد السوري لحقوق الإنسان بـ«الضربة الكبيرة» التي تعرضت لها قوات النظام٬ مشيرا إلى انقلاب المعادلة بحيث بات مقاتلو الفصائل يطوقون عمليا أحياء حلب الغربية التي يسيطر عليها النظام منذ بدء المعارك في مدينة حلب في الشمال السوري في صيف 2012.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «تدور اشتباكات متقطعة يرافقها غارات جوية ولكن بدرجة أقل»٬ غداة خسارة الجيش السوري لمواقع مهمة تتمثل في كليات عسكرية في جنوب غربي مدينة حلب.
وأعلنت فصائل في إطار تحالف «جيش الفتح»٬ وأهمها حركة أحرار الشام وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة)٬ وبعد هجومين عنيفين الجمعة والسبت٬ كسر الحصار الذي يفرضه الجيش السوري منذ 17 يوليو (تموز) على أحياء حلب الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة ويقيم فيها 250 ألف شخص.
وبعد سيطرتها على الكليات العسكرية٬ وأهمها كلية المدفعية٬ التقى مقاتلو الفصائل القادمين من داخل مدينة حلب بآخرين قادمين من منطقة الاشتباكات في حي الراموسة المحاذي٬ الذي تمر منه طريق الإمداد الوحيدة إلى الأحياء الغربية. لكن المرصد السوري أكد٬ أمس٬ أن المدنيين لم يتمكنوا من الخروج من الأحياء الشرقية؛ لأن الطريق التي فتحت لهم من الراموسة لا تزال خطيرة وغير آمنة.
وأكد رامي عبد الرحمن٬ مدير المرصد٬ أن «قوات النظام السوري والمسلحين الموالين لها تعرضوا لخسارة مهمة جدا»٬ مشيرا إلى أنه «برغم أكثر من 600 غارة جوية روسية خلال أسبوع من المعارك٬ لم تتمكن قوات النظام من الثبات في مواقعها». وقالت جبهة فتح الشام بدورها إنها صادرت عددا كبيرا من الأسلحة من الكلية المدفعية٬ ونشرت صورا قالت إنها من داخل الكلية لصناديق أسلحة وآليات عسكرية.
في السياق٬ استقبل مشفى حماه الوطني السبت الماضي 22 جثة لمقاتلين من الجنسية الأفغانية كانوا قد لقوا مصرعهم في معارك مدينة حلب٬ بحسب مصادر طبية ذكرت أن جثث القتلى وصلت فجر السبت وجميعهم ضحايا الهجوم الذي نفذه جيش الفتح على قرى الريف الجنوبي لمدينة حلب خلال معركة فّك الحصار.
وأضافت المصادر لشبكة «الدرر الشامية»٬ أن المشفى قام بتجهيز الجثث ليتم إرسالها٬ أمس٬ إلى معسكر «الشيخ غضبان» غرب المدينة والذي سيقوم بترحيلها إلى الأراضي الإيرانية.
وبدأ الخوف والتوتر واضحا على سكان الأحياء الغربية الذي باتوا يخشون من الحصار٬ فسارع السكان إلى الأسواق لشراء المواد الغذائية والماء للتموين في حال استمر الحصار.
وقال أحد السكان لوكالة الصحافة الفرنسية٬ إن «الأسعار بدأت بالارتفاع»٬ مبديا خشيته من مستقبل «صعب».
وبحسب عبد الرحمن٬» فإن ساعات من الحصار كانت كافية لترتفع أسعار الخضار أربعة أضعاف٬ وقد فقدت الكثير من البضائع في الأسواق».
وبينما تحدثت الأنباء عن وصول أول قافلة مساعدات إلى المناطق المحاصرة في القسم الشرقي للمدينة٬ نفى ناشطون في مدينة حلب تلك الأخبار. وقال مراسل «الدرر الشامية»٬ إن سيارات صغيرة تحمل مؤًنا غذائية إلى حلب قادمة من إدلب وصلت إلى حلب الغربي٬ أمس٬ بينما أفاد مصدر من المعارضة لـ«الشرق الأوسط»٬ أن الطرق لا تزال غير مهيأة لفتحها للمدنيين أو لمرور المساعدات٬ بسبب تعرضها لقصف الطيران الروسي والنظامي من جهة٬ وللحاجة إلى تنظيفها من ركام المعارك الذي يشكل عائقا لمرور المركبات المدنية من جهة ثانية.
وأفادت «سانا» مقتل 10 مدنيين خلال استهداف مقاتلي المعارضة للأحياء الغربية بالقذائف. مع العلم٬ أن «غرفة عمليات فتح حلب» كانت قد أكدت على استمرار الحملة العسكرية لتحرير كامل المدينة٬ مطمئنة أهالي «حلب الشهباء» بأن أمامهم خيارات أربعة حتى يضمنوا لأنفسهم الأمان ولا يصابوا بأذى خلال المعارك المستمرة.
وأشارت الغرفة في بيان رسمي صادر عنها إلى «أنَمن دخل بيته من المدنيين أو دخل مسجدا أو كنيسة أو ألقى السلاح فهو آمن»٬ مشيرة إلى أن «الثوار جاءوا لتحرير المدنيين من إجرام الأسد٬ وهم دعاة حرية وطلاب رحمة لا دعاة جور».