«المستقبل» يعيد اقتراح رئاسة الجمهورية إلى ملعب نصر الله
مصادر «8 آذار» لـ «الشرق الأوسط» : عدم تلقف المبادرة بمثابة تفويت «فرصة ذهبية»
لم يستمر النقاش في الطرح الذي تقدم به أمين عام ما يسمى «حزب الله» حسن نصر الله لحل الأزمة السياسية في إطلالته الأخيرة طويلا٬ بعدما توالت ردود الفعل الرافضة للتجاوب معه٬ رغم إصرار قوى «8 آذار» على التعاطي معه بوصفها مبادرة أشبه بـ«فرصة ذهبية تتوجب اقتناصها».
وأّكد نصر الله الذي جدد تمسكه بترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح٬ النائب ميشال عون٬ أن حزبه «سيكون منفتحا وإيجابيا حيال ما يتعلق برئاسة الحكومة بعد انتخاب الرئيس٬ ولن يصّعب الأمور»٬ في إشارة إلى دعوة مبطنة لتيار المستقبل٬ للسير بعون رئيسا للجمهورية مقابل السير بالنائب سعد الحريري رئيسا للحكومة٬ والإبقاء على نبيه بري رئيسا للمجلس النيابي.
وفي حين أّكد عضو كتلة تيار المستقبل٬ النائب سمير الجسر٬ أن «الحريري ليس مستقتلا على رئاسة الحكومة»٬ مستهجنا «إدارة الأمور بهذه الطريقة٬ وكأننا نسقط كل المؤسسات بهذا العمل٬ من خلال التمادي بتجاوز الدستور»٬ شّدد القيادي في تيار المستقبل٬ النائب السابق مصطفى علوش٬ على أن «لا مصلحة لتيار المستقبل في أن تكون رئاسة الوزراء أو أي مؤسسة دستورية أخرى تحت سلطة حسن نصر الله». وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»٬ قال علوش: «بغض النظر عن أحاديث نصر الله وإيحاءاته ووعوده غير الواضحة٬ وانطلاًقا من تجربتنا معه٬ لا يمكننا الركون إلى العهود التي يوقع عليها»٬ مذكًرا بأن «الرئيس (الشهيد) رفيق الحريري كان يلتقي نصر الله بشكل دائم٬ ثم اكتشفنا بأن المتهمين باغتياله هم من كوادر (حزب الله) وقادته الأمنيين».
وفي تأكيده على عدم جدوى أي اتفاق مع الحزب٬ أعاد علوش التذكير بأن «ما اتفق عليه في طاولة الحوار الوطني عام ٬2006 انقلب عليه نصر الله٬ كما انقلب على الحكومة التي أرساها اتفاق الدوحة٬ وأطاح بحكومة الرئيس سعد الحريري٬ كما انقلب على إعلان بعبدا الذي يحّيد لبنان عن صراعات المنطقة وذهب إلى القتال في سوريا٬ رغم إرادة كل اللبنانيين». ولفت القيادي في تيار المستقبل إلى أن نصر الله «يتصرف وفق موازين القوى العسكرية لا الاتفاقات السياسية»٬ معتبًرا أن «دور (حزب الله) سيستمر كما هو عليه الآن٬ إلى أن تتضح ما هي حّصة إيران في المنطقة٬ خصوًصا في الجزء الغربي من الهلال الشيعي٬ أي في سوريا٬ حيث يقاتل عسكرًيا٬ وفي لبنان أيًضا٬ لذلك فإن شكل لبنان في المستقبل القريب غير واضح بعد».
وأشار علوش إلى أن «اتفاق الطائف بالنسبة لـ(حزب الله) منته وغير موجود٬ هو لم يعترف به أصلاً٬ وسبق لنصر الله أن قال في خطاب مسّجل بالصوت والصورة٬ إن اتفاق الطائف هو مؤامرة هدفها استمرار هيمنة المارونية السياسية على لبنان»٬ مستبعًدا أن تحدث زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري للبنان أي خرق في جدار الأزمة الرئاسية٬ وقال: «الدور الآن هو للقوى القادرة على استعمال الطائرات والمقاتلين٬ ومصر بعيدة الآن عن القتال٬ لذلك فإن دورها يبقى معنوًيا وثانوًيا حتى إشعار آخر».
في المقابل٬ نبهت مصادر في قوى «8 آذار» في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من إسقاط المبادرة التي طرحها نصر الله٬ مشددة على أن «عدم تلقفها بمثابة تفويت فرصة ذهبية قد لا تكون هناك فرصة أخرى قريبة من بعدها».
ونقل النواب عن رئيس مجلس النواب نبيه بري٬ بعد لقاء أمس (الأربعاء): «إن الوضع لا يحتمل استمرار المراوحة والاهتراء في المؤسسات٬ خصوصا أن ذلك ينعكس على المواطنين ويزيد من معاناتهم اليومية٬ كما ينعكس على الوضع والانتظام العام في البلاد». وأضاف: «قلنا وما زلنا نقول: إن المطلوب الإسراع في الاتفاق على الحل الشامل بدءا من رئيس الجمهورية٬ وإن عامل الوقت ليس لصالح الجميع».
وإذ جدد بري تأكيده «أن الانتخابات حاصلة في موعدها٬ ولا عودة للتمديد تحت أي ظرف كان٬ وهذا يقتضي منا جميعا الإسراع في الاتفاق على قانون الانتخابات الذي يشكل العمود الفقري للحل»٬ أشار إلى «أن الوضع في البلاد في نهاية العام الحالي سيكون على مفترق طرق إذا لم نتفق على الحلول المناسبة للملفات العالقة».
في هذا الوقت٬ استكمل وزير خارجية مصر سامح شكري يوم أمس٬ جولته على المسؤولين اللبنانيين٬ فالتقى وفدا من تيار «المستقبل»٬ ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع٬ ورئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان. وقال شكري في تصريح: «نتطلع لأن يكون لنا هذا الإسهام٬ وفًقا لرؤية جامعة٬ والتوافق الذي تتم صياغته بين الأطراف السياسية اللبنانية٬ ليبقى لبنان عنصًرا فاعلاً في إطار الأمن القومي العربي والهوية العربية٬ وفي إطار العلاقة الخاصة التي تربط مصر بلبنان». وأضاف: «نحن على ثقة بأن هذه الأزمة وهذا الفراغ سُيحلان بمسؤولية لمسناها لدى الأطراف كافة٬ الأمر الذي سيؤدي إلى تحقيق الرخاء والاستقرار للشعب اللبناني».