الحكومة اللبنانية تعقد جلستها اليوم بغياب وزراء عون.. وتسحب بند التعيينات الأمنية
مكوناتها يرفضون وضعها كرهينة لأي فريق.. ويؤكدون توّفر ميثاقية التمثيل المسيحي
تفاعل قرار التيار الوطني الحر الذي يتزعمه النائب ميشال عون٬ القاضي بمقاطعة جلسة مجلس الوزراء المقررة اليوم٬ على المستويين السياسي والحكومي٬ لكنه لم يلغ حتمية انعقاد هذه الجلسة٬ وسط إصرار غالبية مكوناتها على رفض تعطيلها٬ أو جعلها رهينة فريق معّين٬ وعدم الخضوع لإرادة تعطيل الحكومة التي تشّكل آخر مؤسسة دستورية بعد الفراغ الرئاسي وشّل مجلس النواب٬ وسط تأكيد المكونات بأن ميثاقية التمثيل المسيحي متوفرة في الجلسة٬ وبالتالي «لا داعي لتحويل هذه المؤسسة إلى ساحة لاستعراض القوة». لكن حتى مساء أمس٬ بدا أن الجميع آثر سحب البند المتعلّق بالتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي وتعيين رئيس للأركان٬ كي لا يشّكل ذلك استفزاًزا للفريق المقاطع.
وأكد رئيس مجلس الوزراء تمام سلام أمس استمراره في «تحمل المسؤولية الوطنية في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد». وقال: «سنبقى في موقع المحافظة على الأمانة بكل ما أعطانا الله من قوة٬ ولن نتراجع ولن نضعف ولن نسقط أمام التحدي٬ لأننا وسط أزمة سياسية مستفحلة٬ تتجسد في عجز القوى السياسية عن التوصل إلى إحقاق الحق في دستورنا الديمقراطي٬ أي انتخاب رئيس للجمهورية». وسأل سلام: «كيف للحكومة أن تعمل وتنجز إذا لم يكن هناك مجلس نيابي يحاسبها ويتابعها؟».
وفي رفض قاطع لتعطيل الحكومة٬ أجرى رئيس مجلس النواب نبيه بري اتصالاً بالرئيس سلام٬ أبلغه فيه قرار كتلة «التحرير والتنمية» التي يترأسها بري٬ حضور جلسة مجلس الوزراء اليوم. وقال بري خلال لقاء الأربعاء النيابي «تم الاتفاق (مع سلام) على استئخار أي قرار يتسم بالأهمية في هذه الجلسة٬ على أن يهدينا الله جميًعا للجلسة المقبلة».
من جهته٬ أعلن وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس المحسوب على فريق رئيس الحكومة٬ أن جلسة مجلس الوزراء قائمة في موعدها٬ وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»٬ إن «الجلسة ليست مخصصة لطرح التمديد لقائد الجيش أو تعيينات أمنية أخرى». وقال: «نحن لا نبحث عن مشكلة٬ لكن في نفس الوقت لسنا تلاميذ مدرسة نأتمر بأمر فلان وفلان»٬ مؤكًدا أن «مجلس الوزراء ليس رهينة طرف معين٬ كما أننا لسنا بصدد استعداء أي طرف٬ نحن نريد للعمل الحكومي الاستمرار٬ ونرفض جعل الحكومة ساحة لاستعراض القوة». وسأل: «هل مقبول الكلام الطائفي البغيض الذي أطلق»٬ وّذكر بأن «الميثاقية موجودة في مجلس الوزراء٬ فهناك 8 وزراء مسيحيين لهم وزنهم وتمثيلهم٬ وبالتالي لا يهددنا أحد بالميثاقية».
أضاف الوزير درباس: «لسنا بصدد الاستغناء عن وزراء التيار الوطني الحر٬ لكن لا يستطيعون أن يستغنوا عن الحكومة بغيابهم»٬ محذًرا من الاصطفافات السياسية٬ ومحاولة فرض واقع سياسي جديد عبرها». مستشهًدا بكلام الرئيس نبيه بري الذي قال: «نحن مع الحكومة ومع انعقاد جلساتها وليس تعطيلها».
أما وزير العمل سجعان قّزي٬ فرفض أن «يرهن التيار الوطني الحّر الميثاقية الحكومية بحضوره فقط». وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «أنا وحدي أوفر الميثاقية٬ ومن له تاريخ نضالي في سبيل الحفاظ على المسيحيين٬ لا يستطيع أحد أن يتهمه بمسيحيته». وأشار إلى أن «الميثاقية الفعلية تبدأ بانتخاب رئيس الجمهورية٬ وليس بتعطيل المؤسسة العسكرية».
وأكد قزي أن «التعيينات العسكرية غير مطروحة في جلسة الغد (اليوم)٬ لكن التطورات التي حصلت في الساعات الأخيرة قد تجعل طرح التعيينات أمًرا وارًدا٬ وهذا الأمر متروك لوزير الدفاع». وجدد قّزي رفضه لـ«تعطيل جلسات مجلس الوزراء٬ من قبل أي مكّون سياسي ومهما كان حجمه». وقال: «لا يظنن أحد أنه يمثل الميثاقية وحده»٬
لكنه رأى أنه «إذا تغّيب (حزب الله) وتضامن مع التيار الوطني الحّر وامتنع عن الحضور٬ عندها لا يتم النصاب وترجأ الجلسة».
وكان رئيس الحكومة تمام سلام٬ التقى في السراي الحكومية أمس٬ وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش (وزير «حزب الله» في الحكومة)٬ الذي قال بعد اللقاء:
«بحثت مع الرئيس سلام التطور الذي حصل بعد موقف (تكتل التغيير والإصلاح)٬ ووجدنا أنه من المناسب ومطلبنا وموقفنا هو أن يتم تأجيل جلسة مجلس الوزراء المقررة غًدا (اليوم) الخميس لإعطاء فرصة للاتصالات٬ ومحاولة لإيجاد مخارج كيلا نأخذ الوضع في البلد إلى التحدي والتصادم».
وأعلن أن سلام «يدعم انعقاد الجلسة وسيكون حريًصا في إدارتها٬ لئلا تذهب الأمور في اتجاه تجاوز غياب وزراء تكتل التغيير والإصلاح». لافًتا إلى أن «مشاركة الحزب في الجلسة أو عدمها رهن بالاتصالات التيُتجرى». لكنه أوضح أن الحزب «لم يتخذ بعد قراًرا بالمقاطعة»