لبنان: الحريري يرشح عون للرئاسة.. وبّري أول المعترضين
خطاب متلفز لإعلان القرار.. ومصادر رئيس البرلمان لـ«الشرق الأوسط»: وصفة تخريبية
ارتفعت حدة التوتر السياسي في لبنان إلى حد غير مسبوق مع اقتراب إعلان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون لرئاسة الجمهورية٬ وتلويح رئيس البرلمان نبيه بّري٬ الذي يتزعم معارضة الترشيح٬ بـ«عواقب وخيمة على صيغة العيش المشترك والطائف» جراء الاتفاق بين من سّمتهما مصادره «حليف إيران وحزب الله الوثيق (عون) وخصمهما اللدود (الحريري)».
وفي حين أكدت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع أن الحريري سيعلن اليوم ترشيح عون٬ كاشفة لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الإعلان سيتم عبر خطاب متلفز يتوجه به إلى اللبنانيين لشرح أبعاد موقفه٬ قالت مصادر أخرى إن الحريري أرجأ إعلان الترشيح بسبب تزامنه مع اغتيال رئيس جهاز المعلومات اللواء وسام الحسن. وفي المقابل رفع رئيس البرلمان من سقف معارضته لترشيح عون بإعلانه صراحة قرار «المواجهة» مع الثنائية «السّنية المسيحية» التي يعتبر أن الحريري و(وزير الخارجية وصهر عون) جبران باسيل يرسيانها.
ومع اقتراب ساعة «الحقيقة» اليوم٬ بدا الانقسام واضًحا في المواقف. فالحريري صارح الجميع برغبته التي لم تعد سًرا بترشيح عون٬ يؤيده في ذلك «حزب الله» المتحالف مع عون و«القوات اللبنانية» التي تحالفت مع عون مؤخرا. وفي المقابل يتزعم بّري حركة الاعتراض منضًما إليه النائب سليمان فرنجية الذي سبق للحريري أن رشحه٬ والأحزاب اليسارية المتحالفة مع سوريا والمستقلون المسيحيون وبعض المستقلين المسلمين. أما النائب وليد جنبلاط٬ فهو يلعب مرة جديدة دور «المرجح» بوقوفه على مسافة من الجانبين٬ وإعلانه أنه ليس من «الغنم» مطالبا بالتشاور معه٬ من دون أن يسقط حسابات الموافقة على أي «تسوية كبرى».
حسب الأرقام فإن عون سينتخب رئيسا في الجلسة البرلمانية المقبلة في حال وافق جنبلاط على تأييده. أما في حال وقف جنبلاط على الحياد٬ أو في موقع الخصومة٬ فإن انتخاب عون سيعتمد على قدرة الحريري تأمين أكثر من 25 صوتا من كتلته المكّونة من نحو 36 نائبا.
وفي المقابل٬ يراهن خصوم عون على عجز الحريري عن تجيير كامل أصوات كتلته بسبب تاريخ العداء بين الحريري وعون٬ ما قد يجعل أي جلسة برلمانية مفتوحة على كل الاحتمالات في حال أصّر فرنجية على ترشحه.
في هذه الأثناء٬ جنبلاط صرح أمس مذّكًرا بوجود «كتلة نيابية متنوعة من حزبيين ومستقلين وأصدقاء لها رأيها إلى جانب رأي رئيسها». وقال: «إن (كتلة) اللقاء الديمقراطي أول من تقدم بترشيح النائب هنري حلو لرئاسة الجمهورية٬ وليس اللقاء الديمقراطي قطيًعا من الغنم رغم محبتي لهذا الحيوان الأليف والمظلوم». وأضاف جنبلاط قائلا:
«لذا٬ وإن كانت الظروف الاستثنائية التي تمّر بها البلاد تقتضي تسوية استثنائية٬ حبذا لو أخذ بعين الاعتبار رأي هذا اللقاء المتنوع والديمقراطي».
ووّزع جنبلاط إشارته بين الطرفين٬ فذهب يرافقه وزير الصحة وائل أبو فاعور للقاء الحريري٬ وأوفد في المقابل نجله تيمور ووزير الزراعة أكرم شهيب والنائب غازي العريضي للقاء بّري.
من جهة ثانية٬ أوفد بّري معاونه السياسي وزير المال علي حسن خليل لزيارة الحريري بعدما تعّذر عليه استقبال الحريري٬ وقال خليل إن «المشكلة لا تحل مع رئيس (تكتل التغيير والإصلاح) العماد ميشال عون بالزيارة». ثم أوضح أنه «في حال تم تأمين النصاب سنصّوت ضد عون وسنذهب إلى المعارضة إلا أن بّري سيكون أول من يهنئه بالفوز». ولفت خليل إلى «نرى أننا أمام ثنائية سّنية مسيحية شبيهة بما كان عليه الأمر عام 1943 وسنواجهها وهذا حقنا».
وفي السياق نفسه٬ ترى مصادر رئيس البرلمان أن مسار الأمور الأخير (ترشيح عون) «أصاب لبنان باختلال كبير وعرضه لخلط أوراق واسع إلى حد التهديد بانزلاق لبنان نحو الفوضى السائدة في المنطقة». واتهمت المصادر الفريقين (الحريري وعون) بـ«الانقلاب على الحوار الوطني والمؤسسات واتفاق الطائف». وقالت: «تواجه الفريقان طوال فترة الحوار ورميا بالفيتو بوجه الآخر٬ وفجأة يخرجان بتفاهم سياسي عريض يتّوج حليف حزب الله الأول ومرشحه لرئاسة الجمهورية». وأكدت المصادر أن بري وفريقه ينظرون إلى الأمر «بريبة كبرى لأن الطرفين (عون والحريري) لا يزالان رأسي حربة٬ الأول (الحريري) بالتصدي لإيران وسوريا والثاني (عون) بدعم إيران والرئيس بشار الأسد». وخلصت المصادر إلى أن الأمر «وصفة لتخريب البلاد».
وفي المقابل٬ نفى النائب السابق والقيادي في «التيار الوطني الحر» سليم عون «وجود عقدة أمام وصول رئيس (تيار المستقبل) سعد الحريري إلى السراي»٬ مشيًرا إلى أن «هناك دائًماَمن يحاول خلق الأعذار والحجج»٬ وأوضح أنه وفق الآلية الدستورية٬ بعد تأييد تكتل «التغيير والإصلاح» يضاف إليه كتلة «المستقبل» وحلفائها٬ سيحصل الحريري على أكثرية الأصوات النيابية في الاستشارات النيابية الملزمة.
أما الوزير السابق سليم الصايغ٬ نائب رئيس حزب الكتائب فقال أمس إن «التيار الوطني الحر أبلغنا أن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري سوف يعلن ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون»٬ معتبًرا أنه «سيكون هناك جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية في 31 أكتوبر (تشرين الأول) ولكن لن يحصل انتخاب». وأوضح الصايغ أن «حزب الكتائب بانتظار الموقف الذي سيعلنه الحريري لنتخذ موقًفا منه»٬ معتبًرا أنه «على الحريري أن يواجه ضميره قبل مواجهة الحالة السياسية»٬ متابًعا: «لن نصوت لرئيس يحمل مشروع غير لبناني وأن نصوت لأي من المرشحين»٬ مضيفا: «يضعوننا أمام خيارين أما عون أو الفراغ٬ وهذا المنطق منطق سيئ»٬ مشيًرا إلى أن «الرصيد الشعبي في لبنان ليس له معنى لأن لا أحد يسأل عن الناس».