IMLebanon

مستشار سابق لجعجع: «حزب الله» يريد دولة لبنانية على مقاسه ويسيطر عليها

مستشار سابق لجعجع: «حزب الله» يريد دولة لبنانية على مقاسه ويسيطر عليها

قال إن لدى عون اتفاقات متعددة وسيتوجب عليه مراعاة جميع الأطراف التي صوتت لصالحه

أغلق القصر الجمهوري اللبناني أبوابه في 26 مايو (أيار) ٬2014 ليبقى الكرسي الرئاسي شاغ ًرا. وخلال عامين ونصف العام٬ عقدت عشرات الجلسات البرلمانية من دون انتخاب رئيس٬ وكان النصاب يتعطل بانسحاب بعض الكتل أثناء التصويت أو بسبب تغّيبها عن الجلسات. وحال الانقسام السياسي الداخلي بين قوى (8 آذار) و(14 آذار)٬ دون انتخاب رئيس أو بالحد الادنى الاتفاق على تسمية رئيس توافقي.

يوم غد قد يصبح للبنان رئيس بعد تبني القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع٬ ترشيح ميشال عون للمنصب٬ ومباركة تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري٬ الأمر الذي يفرض تساؤلات جّدية بشأن مصير لبنان الدولة والكيان وانتمائه العربي.

وإجابة على تساؤلات كثيرة كان لصحيفة «الشرق الأوسط» حديث مع الدكتور توفيق الهندي المستشار السياسي الخاص السابق لجعجع؛ الذي يرى بتسلم عون لرئاسة الجمهورية غًدا الاثنين حالة استكمال لتحول لبنان من سلطة “حزب الله” بالامر الواقع إلى سلطة الحزب بالامر الواقع والدستور.

وأ ّكد الهندي٬ أ ّن لا تغيير في الوضع اللبناني العام بمجيء عون٬ بل سيكون نتاج انتقال قرارات حزب الله من الأمر الواقع إلى الدستور والسلطة الشرعية. موض ًحا أ ّن “لدى عون اتفاقات متعددة وبالتالي ستزداد اتفاقياته وسيتو ّجب عليه مراعاة جميع الأطراف التي صوتت لصالحه٬ فلن يكون كما ُيعتقد٬ الرئيس القوي”. واستطرد قائلا الخوف اليوم ليس أن يزول اتفاق الطائف بقدر ما هو الخوف على زوال لبنان”.

وأشار الهندي إلى أ ّن لعبة السلطة في لبنان أصبحت لعبة صغيرة وان اللاعبين صغار٬ وأن الأهم في هذه العملية قول حزب الله٬ وإن كان في مرحلة سابقة متخوفًا من مجيء عون رئي ًسا كي لا يخسره حليفًا له؛ فقد أعلن أ ّن لا رئيس إلا هو٬ واليوم أذعن جعجع أوًلا لهذا الطلب ومن بعده ُدفع الحريري على القبول به”.

ورًدا على سؤال٬ هل تعتبر أ ّن ما يسمى بـ”حزب الله” استطاع تطويع جميع الاطراف اللبنانية للقبول بعون رئي ًسا؟ قال “أبًدا ليس الجميع٬ فهناك أطراف كلاسيكية لم تطّوع٬ وحزب الكتاب غير معني في عملية الاذعان”٬ وتابع موض ًحا “يعتقد كثيرون وحسبما يروج أ ّن عون وجعجع (التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية)٬ يمثلون النسبة الأكبر من مسيحيي لبنان؛ ولكن الفريقين لا يمثلان أكثر من 20 في المائة من المسيحيين٬ هناك أطراف أخرى تمثلهم٬ وغالبية لا يستهان بها لا يجدون أنفسهم ممثلين بأي طرف من الاطراف السياسية الكلاسيكية٬ بسبب النفور الحاد من الجسم السياسي اللبناني الموجود”.

وعن الرئيس الأنسب لهذه الفترة التي يمّر بها البلد قال “منذ عامين ونصف العام٬ عقد أول اجتماع بين الحريري وعون في العاصمة الفرنسية باريس٬ حاولت حينها إقناع جعجع بترشيح عون والتصويت له. في تلك الفترة كان الوضع مختلفًا٬ وكما هو ظاهر فعون لن يتخلى أبًدا عن ترشيحه٬ وحزب الله لم يكن لديه سوى القول إ ّن عون مرشحه الرئاسي على الرغم من جميع مخاوفه”. وتابع “اليوم اختلف ميزان القوى٬ فقد ظهر الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة٬ ولم يكن هذا التمّدد الإيراني كما هو حالًيا٬ ولم يكن الوجود الروسي في المنطقة لدعم الرئيس بشار الاسد٬ أ ّما اليوم فاختلفت الأمور. كان من المعقول تنصيب عون رئي ًسا وعلى الرغم من أنّه لم يكن ليقف ضّد حزب الله إنّما في المقابل لم يكن ليصبح معه٬ في تلك الفترة كان سيحاول أن يكون وسطًيا؛ ولكن مع قبول جعجع والحريري باقتراح حزب الله٬ مجيء عون قد تغير معناه الآن”.

وفي شأن قول جعجع إ ّن عون صناعة لبنانبة 100 في المائة يرد الهندي “عندما يتحدث بهذا المنطق فهو بالتالي يتكلم ضّد قناعاته٬ لأنه يدرك تماما٬ أ ّن عون ليس هو المفاوض الحقيقي بل حزب الله٬ مقولة صناعة لبنانية تعني اعتبار حزب الله حزًبا لبنانًيا 100%٬ لا ش ّك أن الجنسية اللبنانية موجودة لدى كل أعضائه٬ إنّما المشروع السياسي يرتبط ارتبا طا وثيقا بما يتناسب وولاية الفقيه٬ وجعجع يدرك تما ًما المسألة”.

وعن مصداقية ما يسمى بحزب الله في تبنيه عون٬ أجاب “كنت ككثيرين من الذين اعتقدوا بداية أن حزب الله ضّد عون٬ فهو يريده حليفًا وليس رئي ًسا٬ فعون بالنسبة للحزب يمثل أوًلا :الطرف الذي أراده أن يحول المعادلة اللبنانية من سن ّي_ماروني إلى شيعي_ماروني. وثانًيا فقد عون ج ّر قسم من المسيحيين الذين كانوا ضّد الحزب وإيران وسوريا الاسد ليصبحوا مناصرين٬ والأمر الثالث أ ّن عون قائد مسحيي الشرق المدعومين من جبهة ممانعة بوجه تكفير سني”٬ حسبما يروج له ما يسمى بحزب الله وإيران.

وينتقد موقف جعجع ومن يعتقد أن عون غّير مساره فيقول “جعجع لحق بعون تحت سلطة وتسلط حزب الله٬ إنّها مسألة ميزان قوى وليست خيا ًرا”.

وحول تصوره لمستقبل تعاون حزب الله مع المؤسسات السياسية اللبنانية بعد انتهاء الشغور الرئاسي٬ رّد الهندي “حزب الله يريد دولة لبنانية على مقاسه٬ كما يريد دولة يسيطر عليها٬ كما أنّه يريد عمل المؤسسات؛ ولكن حسب رغباته٬ وأن تكون هذه الدولة حامية لوجوده”.

وعن وضع المنطقة والمد الإيراني أفاد “تخوض إيران اليوم معركة في المنطقة٬ من خلال الميليشيات التابعة لها في جميع العالم العربي٬ من (ميليشيا) الحشد الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان والمتمردين الحوثيين في اليمن وفيلق القدس٬ وتحاول دول الخليج العربي والسعودية صّد هذه الهجمة وهذا المد الايراني”.

وعن رأيه في تعهد الحريري في حال ش ّكل الحكومة المقبلة باقناع جميع الاطراف اللبنانية بالعودة إلى الوطن والكف عن التدخل في النزاعات الخارجية٬ قال “لن يتمكن أبًدا من ذلك٬ فالطرف الأقوى يتحكم بالموازين٬ ولن يقتنع الحزب بالأمر”.

وختم حديثه بقوله إ ّن ما يسمى بـ”حزب الله” هو جزء من جمهورية إيران وبشكل أخص هو خليقة الحرس الثوري وخليقة فيلق القدس٬ وهو يشارك بشكل ولو صغير بتحديد الاولويات. وأكبر دليل على ذلك٬ ولاء الحزب لولاية الفقيه وإعطائه الأولوية لإيران وليس للبنان٬ وانخراطه في النزاع السوري وتدخله في اليمن بدعمه للحوثيين وهجومه على دول الخليج خصو ًصا على السعودية٬ وجميع هذه الخيارات لا تدخل في مصلحة لبنان بل تدخل في مصلحة استراتيجية ايرانية.