لبنان: الحكومة تعّبد الطريق أمام «البيان الوزاري» قبل الانتقال إلى قانون الانتخاب
أجواء إيجابية أحاطت الجلسة الأولى * تأكيد من عون والحريري على أهمية الأمن ومحاربة الفساد
انطلق عمل الحكومة اللبنانية أمس بعقد أولى جلساتها برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون٬ وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري٬ وجميع الوزراء بعد التقاط الصورة التذكارية الرسمية. وفي حين عكست كل التصريحات إيجابية لافتة من مختلف الأطراف لبدء العمل في الحكومة الأولى للعهد الجديد٬ والتي تتر ّكز مهّمتها الأساسية على إنجاز الانتخابات النيابية٬ يبدو أن الطريق بات معّبًدا أمام البيان الوزاري الذي سيجمع بين «خطاب القسم الرئاسي» و«بيان الحكومة السابقة»٬ في حين ستكون مهّمة التوافق على قانون انتخابي جديد أكثر صعوبة في ظل الانقسام حوله٬ وهو ما قد يؤدي إلى تأجيل تقني للانتخابات التي يفترض أن تجرى في شهر مايو (أيار) المقبل.
أتى ذلك في وقت وصل فيه ليلاً وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت إلى لبنان في زيارة رسمية هي الأولى لمسؤول فرنسي رفيع بعد انتخاب عون رئيًسا للجمهورية وتشكيل الحكومة. وفي بيان وزعته السفارة الفرنسية في بيروت أشارت إلى أن إيرولت الذي من المتوقع أن يقدم دعوة من الرئيس فرنسوا هولاند إلى عون لزيارة فرنسا٬ سيركز على أهمية التحضير للانتخابات التشريعية الجديدة في عام ٬2017 التي ستؤمن تمثيلاً عادلاً للجميع٬ وأن إطلاق عجلة المؤسسات وحده سيسمح للبنان بمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والإنسانية٬ وسُيعيد تأكيد التزام فرنسا بلبنان٬ خصو ًصا في ما يتعلق بتقوية الأمن في البلد وتحسين أوضاع اللاجئين.
وأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن «من مهام حكومة الوفاق الوطني إجراء انتخابات نيابية٬ وصياغة قانون انتخابي٬ والمحافظة على الاستقرار الأمني٬ وإعطاء الأفضلية في كل وزارة لما ينتظره المواطنون منها٬ إضافة إلى ضرورة الإسراع في إقرار مشروع الموازنة٬ وبت التعيينات الملحة في الشواغر».
وشدد على ضرورة إيلاء أهمية لمكافحة الفساد في الوزارات٬ معتب ًرا أن «الوزراء يعتبرون مسؤولين عن إهمال عدم التعامل مع الفساد في وزاراتهم».
من جهته٬ دعا رئيس الحكومة سعد الحريري الأجهزة الأمنية إلى الاستعداد للمحافظة على الأمن في كل لبنان٬ ولا سيما في الأماكن السياحية في فترة الأعياد.
وجاءت مواقف الرئيسين خلال الجلسة الأولى لمجلس الوزراء التي عقدت ظهر اليوم في قصر بعبدا٬ وجرى خلالها تشكيل لجنة صياغة البيان الوزاري.
وحّدد الرئيس عون٬ بحسب ما أعلن وزير الإعلام ملحم رياشي٬ موعًدا ثابتًا لجلسات الحكومة يوم الأربعاء من كل أسبوع٬ لافتًا إلى تشكيل لجنة صياغة البيان الوزاري٬ برئاسة الحريري٬ وعضوية الوزراء مروان حمادة ومحمد فنيش وعلي حسن خليل وسليم جريصاتي ونهاد المشنوق بيار بوعاصي ويوسف فنيانوس.
ولفت رياشي إلى أن «كل مكونات مجلس الوزراء ممثلة في لجنة صياغة البيان الوزاري٬ ومن لديه ملاحظات من الوزراء الآخرين فيمكنه رفعها إلى اللجنة٬ وليس هناك من إهمال لرأي أحد».
وكما سبق للحريري أن شّدد على أنه لا مشكلة ستعيق البيان الوزاري أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري يوم أمس٬ أن «الأولوية أولاً وثانًيا وثالثا وعاشًرا هي لإنجاز قانون الانتخابات الجديد في أسرع وقت ممكن»٬ منب ًها إلى أهمية الوصول إلى صيغة تعتمد على النسبية «بدل قانون الستين الذي خبرنا جميًعا سيئاته»٬ آملاً «أن تنجز الحكومة بيانها الوزاري قبل نهاية العام»٬ مؤكًدا الاستعداد لعقد جلسة الثقة فور وروده إلى المجلس٬ وهو الأمر الذي يعارضه بشّدة كل من «تيار المستقبل» و«رئيس اللقاء الديمقراطي» النائب ميشال عون و«حزب القوات اللبنانية»٬ التي تدعو جميعها إلى اعتماد الصيغة المختلطة بين النسبية والأكثرية.
من جهته٬ أبدى وزير العمل محمد كبارة تفاؤله لجهة الانتهاء قريًبا من البيان الوزاري٬ ومن ثم نيله ثقة مجلس النواب٬ وهو ما سينسحب بدوره على عمل الحكومة بشكل عام. وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كانت النيات صادقة سيتم الانتهاء من البيان الوزاري في وقت قريب٬ مشيًرا إلى أن التوّجه يبدو لاعتماد القانون المختلط في الانتخابات الذي يراعي كل المكونات اللبنانية».
ووصف كبارة الأجواء السياسية المحيطة بعمل الحكومة والعهد الجديد بـ«الجيدة»٬ مؤكًدا «أن التركيز على إجراء الانتخابات لا يعني تجاهل الوزراء لعملهم ومهماتهم في وزاراتهم٬ لا سيما في ما يتعلق بهموم الناس٬ ومحاربة الفساد المستشري في المؤسسات والإدارات الرسمية٬ وكل ذلك بتوجهات من الرئيسين عون والحريري».
وفي حين بدأت اللجنة أولى جلساتها بعد ظهر أمس٬ قال رياشي: «ستفاجئون بمدى الإيجابية التي سترونها في نشاط مجلس الوزراء في خدمة المواطن٬ من أجل الإسراع في كل الأمور المطلوبة».
وقبل مشاركته في الجلسة الأولى للجنة البيان الوزاري٬ قال وزير الداخلية نهاد المشنوق إن «مسودة البيان الوزاري لا تتجاوز الأربع صفحات وليس مستبعًدا إنجازه قبل عيد الميلاد»٬ وأشار إلى أنه «سيتم ذكر النسبية في البيان الوزاري لكن سننظر في أي صيغة»٬ وقال رّدًا على سؤال حول «ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة»: «لماذا ذكرها طالما أننا سنعتمد خطاب القسم والبيان الوزاري للحكومة السابقة».
وفي ظل رفض جنبلاط القاطع لقانون النسبية في الانتخابات النيابية٬ ومهاجمته للمطالبين به٬ قال عضو اللقاء الديمقراطي النائب أنطوان سعد لـ«المركزية»: «لن نقبل بقانون انتخاب الغائي أو على قياس منظومة الممانعة وقوى ٬8 ولا يزايد أحد في بلد محكوم بقبضة السلاح من خلال سيطرة (حزب الله) على قرار الناس بفرض نفوذه في الجنوب والبقاع الشمالي وفي الضاحية وغيرها من المناطق»٬ مشي ًرا إلى «أن قانون النسبية وفق ما يطرحه (حزب الله) وحلفاؤه إن كان على أساس لبنان دائرة واحدة أو على أساس المحافظات لا ينسجم مع الصيغة اللبنانية٬ ولا مع التوازنات القائمة٬ ولا مع النهج الاستقلالي الذي دفعنا ثمنه عشرات الشهداء».