Site icon IMLebanon

توجه رسمي في لبنان لإقرار خطة جديدة للتعامل مع ملف اللاجئين السوريين مع رصد تراجع أعدادهم

توجه رسمي في لبنان لإقرار خطة جديدة للتعامل مع ملف اللاجئين السوريين مع رصد تراجع أعدادهم

انقسام حكومي بين مؤيد للتنسيق مع نظام دمشق لإعادتهم ومعارض للطرح

بيروت: بولا أسطيح

يحتل ملف النازحين السوريين في لبنان٬ الذين يتخطى عدد المسجلين منهم لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين٬ المليون٬ درجة متقدمة على سلم أولويات العهد الجديد والحكومة التي يرأسها سعد الحريري. ولقد عمدت الحكومة أخيرا لتشكيل لجنة وزارية موسعة ستعمد قريبا لإقرار خطة للتعامل مع الملف٬ على أن تستند بشكل أساسي على حصر المساعدات العربية والدولية بمجلس الوزراء٬ الذي يكون من صلاحياته وحده توزيعها على الوزارات والمناطق.

حسب مصدر مقرب من الحريري «اتُخذ قرار واضح بوجوب وضع حد لسياسة التعاطي بـ(المف ّرق) مع الملف٬ أي أن يكون لكل وزارة سياستها في هذا المجال تبعا للمساعدات التي تتلقاها من أطراف متعددة»٬ مشددا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أنه «من الآن فصاعدا سيتم حصر المساعدات بالحكومة٬ التي ستكون المرجعية الوحيدة التي تحدد مجتمعة كيفية توزيع هذه المساعدات أيا كان نوعها». وأضاف المصدر: «في الحكومات السابقة كان كل وزير يحدد طريقة التوزيع بما يرتئيه هو شخصيا مناسبا٬ أما اليوم فقد اختلف الأمر وسيتم بلورة سياسة حكومية موحدة للتعاطي مع الملف».

ومن المرجح أن يشكل ملف اللاجئين السوريين إشكالية في فترة مقبلة٬ وبخاصة أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والفريق السياسي التابع له٬ بجانب حلفائه٬ قوى 8 آذار٬ يؤيدون التنسيق مع النظام السوري للبت في إعادة النازحين إلى بلدهم٬ وهو ما يعارضه تماما رئيس الحكومة والفريق السياسي التابع له٬ وقوى 14 آذار٬ من منطلق عدم اعترافهم بهذا النظام٬ واعتبارهم أن الأسباب التي أّدت لنزوحهم لا تزال متوافرة٬ وبالتالي٬ ستتعرض حياتهم للخطر في حال إعادتهم من دون وجود ضمانات دولية. وفي هذا الإطار٬ أ ّكدت مصادر وزارية أنّه لم يجر طرح هذا الملف من هذه الزاوية على طاولة مجلس الوزراء بعد٬ لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه مرتبط تماما بسياسة تحددها الحكومة٬ لم تتبلور ملامحها بعد.

وكان عون قد تحدث في وقت سابق عن تطلعه إلى «حل سياسي وعودة النازحين السوريين إلى ديارهم»٬ مشي ًرا إلى «وجود مناطق آمنة في سوريا حالًيا٬ ما يجعل من المناسب إطلاق العمل على عودتهم منذ الآن». كذلك أعلن الرئيس اللبناني أنّه طرح موضوع اللاجئين خلال زيارته الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية وقطر٬ لافتا إلى أنّه قد جرى تناوله من الناحية الاقتصادية والأمنية والحياتية. وأضاف: «لا حوار حالًيا مع السلطات السورية حول إمكان توفير بيئة آمنة لعودة النازحين٬ إنما لا شيء غير ممكن٬ وقد تحل اللحظة المناسبة لإقامة مثل هذا الحوار٬ وبخاصة أننا نلمس منهم وفق تصريحاتهم ومواقفهم٬ رغبة في ذلك٬ علما بأن التنسيق مع الإدارة السورية يجب أن يكون نتيجة قرار على مستوى وطني».

ولا يؤيد معين المرعبي٬ وزير الدولة لشؤون النازحين (من تيار «المستقبل»)٬ التنسيق مع النظام السوري لإعادة اللاجئين٬ لاعتباره أن «هذا النظام هو نفسه من ه ّجرهم وهّدم منازلهم»٬ معتبرا أن الأمم المتحدة هي الكفيلة بتسلم هذا الملف. وقال المرعبي٬ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» خلال لقاء معه: «لا أعتقد أصلا أن هناك من هو جاهز لتحمل مسؤولية إعادتهم إلى بلادهم٬ من دون التأكد من ضمان سلامتهم هناك». وأوضح المرعبي أن وزارته٬ التي تم استحداثها أخيرا: «تعمل حاليا على إعداد كادر بشري يتولى وضع مسودة لسياسة تعاطي الحكومة مع ملف اللاجئين٬ على أن يتم عرضها أمام اللجنة الوزارية التي تم تشكيلها٬ ومن ثم على مجلس الوزراء بهدف إقرارها». وتضم اللجنة التي تم الإعلان عن تشكيلها في الجلسة الأخيرة التي عقدها مجلس الوزراء٬ والتي اجتمعت لأول مرة أمس الجمعة برئاسة الحريري٬ وزراء  الشؤون الاجتماعية والصحة والتربية والأشغال والدولة لشؤون النازحين والداخلية.

وبدا لافتا أخيرا ما أعلنه الوزير المرعبي عن تراجع أعداد اللاجئين السوريين في لبنان٬ وهو ما أكدته المتحدثة باسم المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان٬ ليزا أبو خالد٬ لـ«الشرق الأوسط»٬ لافتة إلى أنه وبعدما كان عدد المسجلين لديهم في عام 2015 مليونًا ومائتي ألف لاجئ٬ تراجع هذا العدد ليبلغ حاليا مليونًا و17 ألفا. وإذ أشارت أبو خالد إلى تعذّر تحديد وجهة اللاجئين الذين تم شطبهم من اللوائح٬ أوضحت أنّه جرى في عام 2015 إعادة توطين 20 ألفا منهم٬ فيما أعيد في عام 2016 توطين 24 ألفا٬ بإشارة إلى توزيعهم على بلدان أخرى. وأضافت: «نحن عادة نشطب أسماء اللاجئين الذين تمر أشهر من دون أن نتمكن من التواصل معهم٬ ما يرجح فرضية مغادرتهم الأراضي اللبنانية».

وتشير لوائح الأمم المتحدة إلى أنه وبإطار سياسة «إعادة التوطين» التي تنتهجها الأمم المتحدة٬ تستقبل الولايات المتحدة الأميركية أكثر من 50 ألف لاجئ سوري٬ فيما تستضيف كندا نحو 48 ألفا٬ وألمانيا نحو 43 ألفا.