لبنان: «الوطني الحر» وحيدًا مرة أخرى في الشارع.. واعتصامات للحراك المدني
فتفت: محاولة عون للتبرؤ من الفساد وللمحافظة على حظوظه في الرئاسة
بيروت: كارولين عاكوم
يستعد التيار الوطني الحر للتظاهر بعد ظهر اليوم في ساحة الشهداء بوسط بيروت بناء على الدعوة التي كان وجّهها النائب ميشال عون لمناصريه تحت عنوان «المطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد»، بينما تستمر المجموعات في «حراك طلعت ريحتكم» في تنفيذ «تحركات مباغتة» رافضة الإعلان عنها في وقت مسبق، باستثناء المظاهرة التي حدّدت يوم الأربعاء المقبل في 9 سبتمبر (أيلول)، في رد على طاولة الحوار التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري.
ونفذ يوم أمس مجموعة من الناشطين اعتصامًا أمام وزارة العمل في الضاحية الجنوبية لبيروت، بينما أعلن عدد من الشباب المتظاهرين عن الإضراب عن الطعام أمام وزارة البيئة بوسط بيروت حتى استقالة وزير البيئة محمد المشنوق. وبعد الظهر، دعت مجموعة «بدنا نحاسب» إلى التظاهر أمام وزارة الداخلية حيث نفذت إجراءات أمنية مشددة، للمطالبة بالإفراج عن ناشطين أوقفتهم القوى الأمنية خلال تنفيذهم اعتصاما في منطقة عين المريسة في بيروت احتجاجا على وضع عدادات الوقوف على الكورنيش البحري.
وكانت المجموعة قد عطلت عدادات الوقوف في المحلة ووضعت عليها شعار: «ما تدفع بدنا نحاسب».
وأصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بيانا قالت فيه: «أثناء مرور دورية من مفرزة استقصاء بيروت في وحدة شرطة بيروت في محلة عين المريسة شاهدت أربعة أشخاص يقومون بكتابة شعارات على عدادات الوقوف (البارك ميتر) ومحاولة تعطيلها». وأشارت إلى توقيف اثنين منهم وفرار الآخرين باتجاه مجموعة من المعتصمين بالقرب من المكان.
وكما في التحركات السابقة التي كان قد دعا إليها «الوطني الحر» لم يعلن أي من حلفائه مشاركته رسميا في المظاهرة الشعبية اليوم، وهو ما أكدته مصادر في «تيار المردة» الذي يرأسه النائب سليمان فرنجية، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «تيار المردة ليس مشاركا في المظاهرة الشعبية، لكننا في الموقف نفسه مع عون فيما يتعلّق بالحكومة». كذلك لم يصدر أي موقف رسمي داعم ومشارك في حراك عون الشعبي من قبل حزب الله، ولم يتطرّق بيان كتلة الوفاء للمقاومة في اجتماعها أمس إلى المظاهرة، مكتفية بتأكيدها على أن «صرخة المواطنين في وجه الظلم والعتمة والفساد حق مشروع، وتعبير عن حال البلاد بسبب تخلي الدولة عن مسؤولياتها»، ورأت أنه لا يجوز تعميم اتهام الفاسد على الجميع لأن في ذلك تعمية عن الفاسدين الحقيقيين. كما أعلنت عن مشاركتها بالحوار الذي دعا إليه بري ورأت فيها فرصة ينبغي الاستفادة منها لإيجاد معالجات للأزمات.
وعن دعوة عون للتظاهر، رأى النائب في كتلة المستقبل، أحمد فتفت، أن «عون أسير أسلوبه بالحركة السياسية ما بين موافقته على الحوار من جهة ودعوته إلى التظاهر من جهة أخرى».
وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «عندما شعر عون أن الناس اكتشفت اللعبة السياسية وأنه مثله مثل غيره في الطاقم السياسي يحاول الآن أن يميز نفسه وينفصل عنها بالدعوة إلى التظاهر، ويتبرأ من الفساد في وزاراته وللمحافظة على ما يعتبر أنها حظوظه في رئاسة الجمهورية». واعتبر فتفت أن «ما يقوم به الآن عون وما سبق أنه هدد به نائب أمين عام حزب الله نعيم قاسم يأتي في الإطار نفسه»، في إشارة إلى ما قاله قاسم، «إما انتخاب عون للرئاسة أو الفراغ إلى أجل غير مسمى».
وأضاف فتفت: {لم يثبت التكتل في المظاهرات السابقة أنه يستطيع أن يحشد وأنه (أب الشعارات) كما ادّعى، يحاول اليوم إثبات العكس عبر الحملات الإعلامية والإعلانية في محاولة لفرض واقع على الأرض».
وفي مقاطعة حلفائه للتحركات الشعبية التي يدعو إليها عون، قال فتفت: «حزب الله لديه مشكلة، فهو من جهة لا يريد أن تحصل تطورات داخلية، ومن جهة أخرى يريد المحافظة على عون كحليف، في وقت يحاول الأخير ابتزازه».
وفي وقت أشارت فيه معلومات إلى إمكانية أن تنعكس الانتخابات الأخيرة التي أدّت إلى انتخاب وزير الخارجية جبران باسيل بالتزكية إلى التأثير سلبا على حجم المشاركة، كان تيار عون قد بدأ حملة إعلامية وإعلانية وتكثفت يوم أمس لحث مناصريه على المشاركة حملت شعارا أساسيا هو «وحدا الانتخابات بتنضف»، في إشارة إلى إجراء انتخابات النيابية، وفي ردّ على التظاهرات التي ينظمها المجتمع المدني للمطالبة بحل أزمة النفايات.
وفي هذا الإطار، كرّر النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا، إشارته إلى أن الشعارات المطروحة في الشارع «قديمة – جديدة»، ورأى في حديث تلفزيوني أنه «إذا كان الشعب اللبناني يريد التغيير فعليه أن يستعيد زمام الأمور وانتخاب الرئيس»، لافتًا إلى أن المادة 49 من الدستور اللبناني تم تعديلها أكثر من مرة، وليس صعبا الآن تعديلها وإعطاء الشعب صلاحية انتخاب الرئيس.
وأشار إلى أنه بهذه الطريقة، لا يمكن أن نشهد تدخلات خارجية إذ إن «لا دولة تستطيع الدخول بين 4 ملايين لبناني، وعندها فإن أي رئيس ينتخب نقبل به ونبارك له».
وعما إذا كانت انتخابات «التيار الوطني الحر» ستؤثر على المشاركة في مظاهرة الغد، لفت إلى أن مسألة الانتخابات «انتهت، وما رأيناه من كلام على مواقع التواصل الاجتماعي، سببه أن الناس لم يتعودوا بعد على كلمة ديمقراطية»، مشددًا على أن هذا الأمر لن يؤثر على المظاهرة.
من جهته، توقع مسؤول قطاع الشباب في «التيار» أنطون سعيد أن تضم مظاهرة التيار اليوم حشدا كبيرا غدا، مشيرا في حديثه لـ«وكالة الأنباء المركزية» إلى أن في المرات السابقة كان التحرك عفويا ووليد ساعته. وكان عون قد بدأ قبل أسابيع تحركات شعبية اقتصرت على مواكب سيّارة، كما حصل مساء أمس وأول من أمس.