لبنان: قانون الانتخابات يسابق انتهاء ولاية البرلمان… وحظوظ «المختلط» تتقدم
«المستقبل» يرفض إحياء المشروع الأرثوذكسي في أي صيغة جديدة
دخل لبنان مرحلة حاسمة٬ وضعت القوى السياسية أمام حتمية الاتفاق على قانون جديد للانتخابات٬ يجنّب البلاد محاذير الوصول إلى تمديد ثالث للبرلمان الحالي٬ أو الانزلاق نحو أتون الفراغ النيابي غير المسبوق.
وبينما عكست مواقف بعض الوزراء والنواب أجواء إيجابية تب ّشر بقرب التوصل إلى قانون يحظى بقبول كل الأطراف٬ لم تتضح الصيغة التي سيرسو عليها القانون العتيد بعد٬ في وقت أجمعت الآراء فيه على أن النسبية ستكون موجودة في أي قانون٬ وهي أعطت الأرجحية للقانون المختلط الذي يجمع بين النسبي والنظام الأكثري.
وتتم ّسك كل الأطراف بمبدأ التحفّظ٬ وتجنّب الحديث عن فحوى المداولات القائمة٬ حيث أوضح وزير الزراعة٬ غازي زعيتر٬ لـ«الشرق الأوسط»٬ أن «النقاشات حول قانون الانتخاب مستمّرة بزخم كبير». وقال: «المهم أن الجميع متفق على ضرورة إجراء الانتخابات٬ وأن يختار الشعب من يمثله». وإذ رأى أن «التمديد التقني بات يفرض نفسه»٬ ذّكر بأن «أمد هذا التمديد مرتبط بالقانون الانتخابي الجديد».
وكان البرلمان اللبناني مّدد لنفسه مرتين٬ الأولى في عام ٬2013 بذريعة أن الظروف الأمنية تحول دون إجراء الانتخابات٬ والمرة الثانية في عام ٬2015 إفساحا في المجال أمام إنضاج قانون انتخابي جديد.
وتتفق الكتل النيابية على أن الوقت بات داهماً٬ ويح ّمل كل الأطراف مسؤولية الوصول إلى قانون يوفّر الحد الأدنى من التمثيل الحقيقي. وشدد وزير الدولة لشؤون التخطيط٬ ميشال فرعون٬ في تصريح لـ«الشرق الأوسط»٬ على أن «كل القوى السياسية باتت أمام حتمية الاتفاق على قانون الانتخابات٬ خلال شهر أبريل (نيسان) المقبل». وأكد أن «القانون المختلط تتقدم حظوظه على غيره من الطروحات٬ لكن حتى الآن لم يتفق المتحاورون نهائيا على الدوائر وحجمها وتقسيماتها». وقال فرعون: «بالتأكيد بتنا أمام حتمية التمديد التقني للمجلس النيابي لبضعة أشهر٬ لأن أي قانون فيه شيء من النسبية٬ يحتاج إلى مكننة هي غير متوفرة الآن٬ وتحتاج إلى أشهر لإنجازها».
وتش ّكلت مطلع العام الحالي لجنة رباعية٬ تضم ممثلين عن تيار «المستقبل» و«حزب الله» وحركة «أمل» والتيار الوطني الحر٬ عكفت على دراسة مشاريع القوانين الانتخابية٬ والوصول إلى صيغة موحدة.
وأكد عضو كتلة «المستقبل» النيابية٬ النائب سمير الجسر٬ أن «اللقاءات والاتصالات متواصلة٬ للوصول إلى صيغة لقانون انتخابي يراعي هواجس الجميع٬ ولا تستثني أي مكّون في البلد». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»٬ أن «النسبية باتت القاعدة الأساسية لأي قانون جديد٬ لكن النقاشات تتناول أي نسبية ستعتمد». وقال: «نحن في تيار (المستقبل) لم نرفض يوما النسبية بالمطلق٬ لكن لدينا هواجس معينة٬ منها هيمنة السلاح على العملية الانتخابية في عدد من المناطق»٬ مشيرا إلى أن «المشروع الذي قّدمه الوزير جبران باسيل٬ يخضع للنقاش٬ وث ّمة بنود في هذا المشروع تثير المخاوف٬ ولا نذيع سرا إذا قلنا إننا نرفض إعادة إحياء المشروع الأرثوذكسي٬ وإدخاله إلى القانون الجديد٬ من خلال التأهيل على أساس طائفي أو مذهبي»٬ معتبرا أن «هذه الهواجس نلتقي بها حتى مع خصومنا».
وشدد الجسر على أن «تيار (المستقبل) معني بالبحث عن مخرج لأزمات البلد٬ فبعد سنتين ونصف السنة من الفراغ في رئاسة الجمهورية٬ لا مصلحة لأحد بإدخال البلاد في فراغ نيابي٬ وهذا يعطي صورة سلبية جدا للخارج٬ ويظهر كأن اللبنانيين قاصرون عن حكم أنفسهم». ولم يخف الجسر أن قانون الانتخابات يأخذ حيزا من جلسات الحوار القائمة بين «المستقبل» و«حزب الله». وقال: «بالتأكيد هناك نقاط نتفق عليها٬ ونقاط أخرى لا تزال الرؤى متباعدة بشأنها». بدوره٬ أعلن النائب عن كتلة «المستقبل»٬ محمد الحجار٬ أن اقتراح رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل «ليس الوحيد المطروح على بساط البحث٬ وإنما هناك طروحات أخرى قيد النقاش أيضا»٬
مشيرا إلى أن «(حزب الله) لا يزال عند موقفه في النسبية الكاملة٬ وهناك مجموعة صيغ مطروحة». وقال: «أي قانون لا يوجد عليه توافق لا يمكن إقراره بالشكل المطلوب»٬ كاشفا أن «تيار المستقبل لديه ملاحظات على اقتراح الوزير باسيل٬ لكن هذه الملاحظات لن نطرحها في الإعلام». وأضاف الحجار: «أصبحنا على مقربة من الوصول إلى قانون انتخاب جديد في موعد يحدده القانون الجديد».