IMLebanon

مصادر في الرئاسة اللبنانية لـ «الشرق الأوسط»: لن نكون خارج المنظومة العربية

مصادر في الرئاسة اللبنانية لـ «الشرق الأوسط»: لن نكون خارج المنظومة العربية

المشاركة في قمة عمان أول اختبار للعهد الجديد تجاه الإجماع العربي

تترقب الأوساط اللبنانية المتابعة٬ موقف لبنان الذي سيحمله رئيس الجمهورية ميشال عون إلى الق ّمة العربية التي تستضيفها العاصمة الأردنية ع ّمان الأسبوع المقبل٬ وما إذا كان سيؤكد على التزام الدولة بالإجماع العربي٬ خصوصاً في مقاربة الملفات الشائكة٬ ومنها انخراط «حزب الله» اللبناني في حروب المنطقة٬ والدور السلبي الذي تلعبه إيران فيها٬ في الوقت الذي أكدت مصادر في القصر الجمهوري لـ«الشرق الأوسط»٬ أن الرئيس عون سيخاطب للمرة الأولى القادة العرب مباشرة. وشددت على أن لبنان ملتزم بالإجماع العربي والقضايا العربية.

ولا يختلف اثنان٬ على أن الموقف اللبناني في القمة سيكون دقيقاً للغاية٬ لكن أجواء بعبدا تعمل على تبديد الهواجس٬ حيث أكدت مصادر القصر الجمهوري لـ«الشرق الأوسط»٬ أن مشاركة لبنان هذا العام «ستكون لها رمزية٬ لأن المقعد اللبناني في القمة العربية لم يشغله رئيس الجمهورية منذ ثلاث سنوات بسبب الفراغ في سّدة الرئاسة».

ورأت أن «الواقع الجديد الذي أفضى إلى انتظام عمل المؤسسات الدستورية في لبنان٬ يريح القادة العرب»٬ مشيرة إلى أن «وزارة الخارجية تعكف على إعداد ورقة العمل الخاصة بلبنان٬ التي ستناقش في اجتماع وزراء الخارجية العرب عشية الق ّمة».

ومنذ عام 2014 اقتصر تمثيل لبنان في القمة العربية على رئيس الحكومة (السابق) تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل٬ بسبب الفراغ في رئاسة الجمهورية٬ الذي انتهى بانتخاب عون رئيساً للبلاد في 31 نوفمبر (تشرين الثاني).

وأكدت مصادر قصر بعبدا أن الرئيس عون «سيخاطب للمرة الأولى القادة العرب مباشرة٬ وسيتضمن خطابه موقف لبنان حيال كثير من القضايا». وشددت على أن «لبنان ملتزم بالإجماع العربي والقضايا العربية٬ ولم يخرج يوماً عن هذا الإجماع». وقالت: «كان لبنان ينأى بنفسه عن قضايا المنطقة٬ لكن منذ انتخاب الرئيس عون٬ ألغى النأي بالنفس٬ وبات له رأيه ودوره في كل الملفات التي تطرح والتي تعني لبنان وشعبه». وأضافت: «في كل القضايا التي فيها إجماع عربي٬ لن يخرج لبنان عن هذا الإجماع٬ لكن عندما لا يكون الإجماع متوفراً سيكون له موقف واضح وصريح».

وحول كيفية مقاربة لبنان للموقف العربي تجاه الملفين السوري واليمني وتأثير إيران و«حزب الله» عليها٬ دعت مصادر القصر الجمهوري إلى «عدم استباق الأمور ووضع فرضيات مسبقة٬ لأن المسألة مرتبطة بالمداولات والنقاشات التي ستشهدها الق ّمة٬ ومقاربتها للقضايا العربية برمتها». وشددت على أن الرئيس عون «أول المدافعين عن عروبة لبنان الذي هو جزء أساسي من العالم العربي»٬ وذّكرت بأن عون «استه ّل عهده بزيارات لأربع دول عربية أولها المملكة العربية السعودية٬ لذلك لا مجال للتشكيك بعروبة لبنان٬ ولا مجال لإثارة الغبار ولو تلميحاً حيال موقف الرئيس عون٬ المؤمن بأن لبنان لن يكون يوماً من الأيام خارج المنظومة العربية».

وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي٬ أعلن عدم دعوة النظام السوري إلى القمة العربية المقرر عقدها في الأردن. وأكد على أهمية «العمل المشترك مع الجامعة العربية لضمان قمة ناجحة في ع ّمان٬ وأن تكون منبراً لحوار عربي صريح حول كيفية التعامل مع أزمات المنطقة٬ إضافة إلى تعزيز التعاون والعمل العربي المشترك».

أما عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش٬ فرأى أن «لبنان لا يزال تحت الهيمنة الإيرانية٬ من خلال (حزب الله) الذي يتص ّرف على أساس أن لبنان مستعمرة إيرانية». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»٬ أن «الحكم الذي أتى في لبنان نتيجة توافقات محلية٬ مرهون بالتوازنات القائمة». وقال: «لا شك  أن رئيس الجمهورية يعتبر نفسه سواء عن قناعة٬ أو غير قناعة٬ بأن (لحزب الله) دينا عليه على المستويين الشخصي والوطني٬ ولذلك نرى بعض المواقف التي لا تتناسب مع منطق التضامن العربي٬ عندما يكون الأمر مرتبطاً  بـ(حزب الله)».

ولم يخف وزير خارجية لبنان الأسبق فارس بويز٬ أن رئيس الجمهورية «سيكون في موقف حرج في القمة العربية٬ لأنه رئيس لبنان الممّزق بين حالتين٬ الأولى أهمية الالتزام بالتضامن العربي٬ والرغبة بأن يبقى لبنان دائماً جزءاً من العالم العربي٬ والحالة الثانية٬ دور (حزب الله) وإيران وارتباطاتهما في ملفات المنطقة». وأمل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»٬ بأن «يتف ّهم القادة العرب الواقع اللبناني٬ الذي لا يستطيع إدانة (حزب الله) لما لذلك من تداعيات ستؤدي إلى انقسام داخلي حاد جداً»٬ مشدداً على «عدم تخيير لبنان بين الحرب الأهلية والتضامن العربي٬ لأن الحالتين لهما أسبابهما وحساباتهما». وقال بويز: «هناك رهان على حكمة الرئيس ميشال عون٬ وقدرته على التوفيق بين هذين الاعتبارين٬ والمواءمة بين أن نكون من ضمن الحالة العربية٬ وتجنّب أي خطر على الوحدة الداخلية»٬ متوقعاً أن «يطرح الرئيس عون صيغة توفّق بين الحالتين».

هذه القراءة تتوافق مع رأى القيادي في «المستقبل» مصطفى علوش٬ الذي اعتبر أن «أولوية وجود الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري في القمة٬ هي لشرح الموقف اللبناني بشكل يقنع الدول العربية بحساسية الوضع٬ وبما يجعل القادة العرب يتفهمون الواقع القائم في لبنان»٬ لافتاً إلى أن «التعامل مع سلاح (حزب الله) غير الشرعي٬ ودوره من دون حلول إقليمية لن يؤدي إلى مزيد من التعقيد٬ لذلك فإن لبنان مضطر للتعامل مع الموضوع بما لا يؤدي إلى انفجار الوضع الأمني ولا يضرب الاستقرار٬ وهذا ما يجعل التعاون بين عون والحريري ضرورياً٬ للموازنة بين الوضع الداخلي وحاجة لبنان لأشقائه العرب».