سمير فرنجية يطوي نصف قرن من النضال ويرحل
عرف بمناهضته للوصاية السورية وكان أحد أبرز أركان «14 آذار»
غّيب الموت النائب السابق سمير فرنجّية٬ عن عمٍر يناهز الـ71 عاماً٬ قضى فيه أكثر من نصف قرن مناضلاً شرساً٬ بالفكر والقلم والموقف دفاعاً عن استقلال لبنان٬ كانت مقاومته الأصعب في حقبة الوصاية السورية على لبنان٬ التي طاردته من ساحة إلى أخرى ومن منبٍر إلى آخر٬ لكنه لم يتراجع وهو يرى رفاق دربه يسقطون بالاغتيال والسيارات المفخخة الواحد تلو الآخر.
سمير فرنجية النائب والسياسي والمف ّكر٬ ولد في مدينة زغرتا ــ شمال لبنان في عام (1946(٬ هو ابن رجل الاستقلال الزعيم السياسي الراحل حميد فرنجية٬ عمه الرئيس اللبناني الراحل سليمان فرنجية. رحل أمس بعد صراع طويل مع مرض عضال٬ طوى آخر أيام حياته وهو يرقد في مستشفى «أوتيل ديو» في الأشرفية٬ ومعه كان يطوي الصفحة في كتاب نضاله الكبير.
خاض الرجل غمار السياسة منذ نعومة أظفاره٬ مستنداً إلى إرث والده وعمه٬ لكن الوصاية السورية التي حكمت لبنان بالحديد والنار تارة٬ والترغيب والترهيب تارة أخرى٬ لم تسمح لسمير فرنجية وأمثاله٬ بالوصول إلى الندوة البرلمانية قبل عام ٬2005 خصوصا أنه كان رأس حربة في مناهضتها بحواراته ومقالاته٬ وعلى المنابر والمنتديات وحتى في المناسبات٬ كان نفوذ المخابرات السورية يخيف القاصي والداني من معارضيه٬ لكن لم يعرف الخوف طريقاً إلى وجدان سمير فرنجية٬ هو الذي عاين سقوط عدد كبير من رفاق دربه «شهداء» على درب مواجهة هذه الهيمنة٬ أولهم الصحافي سمير قصير ثّم جورج حاوي٬ يليهما قافلة زملائه في الندوة البرلمانية جبران تويني٬ وليد عيدو٬ بيار الجميل وأنطوان غانم٬ وصولاً إلى الوزير محمد شطح. كان يدرك أن «الحذر لا يمنع القدر»٬ لذلك مضى في مسار الدفاع عن سيادة لبنان وحريته واستقلاله٬ مع رفاق آخرين ثابروا على هذا النهج٬ ضمن ثوابت الرابع عشر من آذار.
كتب سمير فرنجية كثيرا من المقالات السياسية٬ في الصحف اللبنانية٬ لا سيما في جريدة «النهار»٬ حاكت حقبات لبنان وأوضاع الأقليات فيه. خاض غمار الانتخابات البرلمانية في عام 2000 عندما تر ّشح عن المقعد الماروني في دائرة الشمال الثانية٬ لكنه خسر المعركة أمام جان عبيد٬ ليشارك في عام 2001 بتأسيس «لقاء قرنة شهوان» المناهض للوجود السوري٬ ومضى على هذا النهج حيث كان عضواً لـ«لقاء البريستول»٬ واستمّر على هذا الخط حتى «انتفاضة الاستقلال» في 14 مارس (آذار) 2005 التي نشأت إثر اغتيال رئيس حكومة لبنان الأسبق رفيق الحريري٬ وكان مع جبران تويني وسمير قصير ومئات السياسيين والإعلاميين رأس حربة هذه الانتفاضة٬ ليصبح أبرز أركان قوى «14 آذار».
تر َّشح الراحل للانتخابات النيابية عام ٬2005 وفاز بأحد المقاعد المارونية الثلاثة عن دائرة زغرتا٬ وف ّضل عدم خوض انتخابات عام 2009 .انتخب رئيساً للمجلس الوطني لقوى 14 آذار٬ لك ّن اللقب لم يترجم عملّياً٬ مع التراجع الكبير للحضور السياسي لفريق «14 آذار» نتيجة خلافات في المواقف وبسبب التطورات السياسّية والأحداث الأمنية والاغتيالات التي طالت هذا الفريق٬ إلا أ ّن سمير فرنجّية لم يتراجع يوماً عن المبادئ التي حمل لواءها٬ وهو آثر في الأشهر الأخيرة من عمره أن يمضي محارباً ولو بصمت٬ من دون أن يخفي عتبه على المسار الذي بلغته «14 آذار» بعد مرور أكثر من 10 سنوات على انطلاقتها٬ إذ اعتبرها باتت بلا مشروع.