لبنان: القصر الجمهوري الوجهة المقبلة لأنصار عون.. والقوى الأمنية تبدأ استعداداتها لحمايته
مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط»: الجيش سيتولى مهمة منع تقدم المتظاهرين من طريق الشام الدولي
بيروت: بولا أسطيح
تتجه الأنظار في الأيام القليلة المقبلة إلى القصر الجمهوري الواقع في منطقة بعبدا شرق بيروت، بعد دعوة رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل أنصار تياره للتظاهر في باحات القصر في 11 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل للدفع باتجاه انتخاب رئيس للبلاد مباشرة من الشعب، أو استباق الانتخابات الرئاسية بإجراء انتخابات نيابية على أساس قانون يعتمد النسبية.
وتتركز معظم المظاهرات التي تنظمها الأحزاب عادة في منطقة وسط بيروت حيث يوجد السراي الحكومي ومبنى البرلمان. وقد تحولت هذه المنطقة أخيرًا إلى الوجهة الوحيدة لناشطي المجتمع المدني الذين خاضوا مواجهات مع القوى الأمنية على خلفية محاولاتهم اقتحام المقرين الرسميين.
ويتخذ قرار «التيار الوطني الحر» التوجه هذه المرة إلى قصر بعبدا بعد مظاهرة حاشدة أعد لها مطلع الشهر الحالي في وسط بيروت، أبعادًا مختلفة نظرًا لرمزية الموقع وعدم تردد البعض في التعبير عن مخاوف من أن يكون يتم الإعداد لـ«انقلاب أبيض يؤدي لاحتلال القصر وفرض النائب ميشال عون رئيسا للبلاد».
وقد بدأت القوى الأمنية استعداداتها للتعامل مع أكثر من سيناريو محتمل خلال المظاهرة المرتقبة مطلع الشهر المقبل. وأشار مصدر أمني إلى أن «التحرك العوني المنتظر يكتسب دلالات غير إيجابية ويستدعي التعامل معه بكثير من الجدية»، لافتا إلى أن «الحرس الجمهوري هو من يتولى حماية القصر، كما تنص مهامه الرسمية نظرا لأنه مولج بحماية الرئيس وعائلته كما القصر وموقع تمركز لواء الحرس في المنطقة عينها».
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «الجيش سيعمد لقطع الطريقين الرئيسيين اللذين يوصلان إلى القصر من نقطة طريق الشام الدولية، وبالتالي سيمنع المتظاهرين حتى من الاقتراب إلى الطرقات الداخلية في منطقة بعبدا المؤدية إلى القصر».
وأوضح المصدر أن «هناك استحالة ميدانية وجغرافية للوصول إلى باحات القصر، علما بأن التعليمات التي تطبّق بالتعاطي مع مسألة أمن السراي الحكومي والبرلمان هي نفسها تطبّق مع أمن القصر الجمهوري، حتى ولو كان شاغرا، لا بل أكثر من ذلك؛ فإن رمزية بعبدا تتخطى ساحة (النجمة) و(رياض الصلح)».
ويؤكد «العونيون» (أنصار عون) أنّهم لا يخططون لاحتلال القصر الجمهوري أو القيام بأي انقلاب من أي نوع كان، وهو ما شدد عليه حكمت ديب، النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» الذي يتزعمه النائب ميشال عون، لافتا إلى أن الدعوة للتظاهر في باحات قصر بعبدا هي «خطوة رمزية تأتي ضمن إطار استكمال النشاط العوني في الشارع للدفع باتجاه إعادة التوازن إلى السلطة السياسية وفرض مبدأ الشراكة الحقيقية بعد ربع قرن من التعدي على حقوق المسيحيين».
وقال ديب لـ«الشرق الأوسط»: «لا عودة من الشارع قبل تحقيق مطالبنا. ونحن نعتبر أن للقصر دلالة كبيرة لأن الشخص الذي كان موجودا فيه لم يكن يستحق موقعه لأنه لا يمثل المسيحيين ولا قاعدة شعبية له، وما نسعى إليه حاليا هو انتخاب رئيس ذي حيثية شعبية يعيد التوازن المطلوب مع الرئاسات الثانية والثالثة»، في إشارة لرئاستي مجلس النواب والحكومة.
وعدّ ديب أن «من يروّج لسيناريو اقتحام مناصري التيار للقصر الجمهوري، يمتلك خيالا بوليسيا، فتاريخنا يشهد ومنذ عهد الوصاية السورية أن تحركاتنا سليمة وحضارية، وستبقى كذلك».
وتربط مصادر متابعة للحراك العوني بين تحديد 11 أكتوبر المقبل موعدا للمظاهرة، وتاريخ 15 أكتوبر وهو تاريخ انتهاء خدمة قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز، صهر العماد عون الذي يسعى الأخير لترقيته لرتبة لواء مما يمكّنه من استكمال مسيرته في المؤسسة العسكرية ويتيح إمكانية انتخابه قائدًا للجيش بعد انتهاء ولاية القائد الحالي جان قهوجي الذي تم تمديد ولايته مرتين على التوالي.
وتقول المصادر في هذا الإطار: «تحديد موعد المظاهرة قبل 4 أيام فقط من انتهاء خدمة العميد روكز، فيه رسالة تهديدية واضحة مفادها: إمّا تتم ترقيته، أو أن التحركات العونية ستتجه إلى مزيد من التصعيد».
ويرد ديب على هذه المصادر بالقول: «لا شك أن كل الاستحقاقات تصب في خانة واحدة وبإطار العنوان الأكبر القائل بإعادة التوازن المسيحي.. هذا التوازن نعيده بانتخاب الرئيس الممثل الحقيقي للمسيحيين وبإتمام التعيينات العسكرية والأخذ برأي التكتل الأكبر الذي يمثل المسيحيين في البرلمان تماما كما يؤخذ برأي باقي قادة الكتل والطوائف».
ولا تزال المعطيات في الأزمة الرئاسية تراوح مكانها، وهو ما أشارت إليه مصادر في قوى «8 آذار»، لافتة إلى «عدم إمكانية الحديث عن تقدم أسهم أحد المرشحين مقابل تراجع أسهم آخرين، لأن موعد الامتحان لم يُحدد بعد».
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حاليا لا انتخابات رئاسية بالأفق، وعندما يحين الموعد، عندها يتوجب النظر بالظروف الداخلية والإقليمية كما الدولية التي ستُرجّح كفة مرشح على آخر».
أما الأسماء الأكثر تداولا لرئاسة الجمهورية فتبقى، بحسب المصادر، النائب ميشال عون، والوزير السابق جان عبيد، ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، وقائد الجيش جان قهوجي، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لافتة إلى أن بعض هذه الأسماء لا تزال تعترضها فيتوات دولية أو إقليمية تؤدي إلى تراجع حظوظها.