Site icon IMLebanon

استنفار أمني للتصدي لمشروع «داعش» باعتماد لبنان «ساحة بديلة»

استنفار أمني للتصدي لمشروع «داعش» باعتماد لبنان «ساحة بديلة»

الفصائل الفلسطينية تلاقي الأجهزة اللبنانية بجهودها في عين الحلوة

بيروت: بولا أسطيح

تستنفر الأجهزة الأمنية اللبنانية كافة منذ أشهر للتصدي لمشروع جديد تعتقد أن تنظيم داعش يحاول من خلاله إيجاد «ساحات بديلة»، بعد انهيار صفوفه في العراق وسوريا على حد سواء. وينسق لبنان مع أجهزة مخابرات دولية، خصوصاً مع الولايات المتحدة الأميركية، لتفعيل وتعزيز المهمة التي يتولاها الجيش اللبناني عند الحدود الشرقية، وقطع الطريق على أي مجموعات تحاول الفرار من سوريا إلى البحر الأبيض المتوسط عن طريق بيروت، أو تسعى لشن عمليات انتقامية داخل لبنان. وتعتمد القوى الأمنية منذ فترة على «العمليات الاستباقية» التي أحبطت عدداً كبيراً من المخططات، كان آخرها توقيف شبكتين تابعتين لـ«داعش» قبل نحو شهر.

وتحدثت مصادر أمنية عن «أصداء دولية كبيرة» للعملية التي نفذها الجيش في عرسال، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أكثر من جهة دولية نوهت بـ«الحرفية العالية للجيش، وقدرته على إحباط مفعول 5 انتحاريين في عملية واحدة، وخلال يوم واحد، من دون سقوط ضحايا مدنيين، أو وقوع خسائر في صفوف العسكريين».

ويشير خبراء أمنيون إلى مجموعة عوامل تؤدي إلى تحقيق الأجهزة اللبنانية إنجازات على الصعيد الأمني، تجعلها تتفوق على كثير من الأجهزة في دول غربية استهدفت أكثر من مرة خلال فترة قصيرة.

وفي هذا الإطار، يتحدث العميد المتقاعد محمد رمال عن عاملين رئيسيين، هما «أولاً، الجهوزية الكبيرة للقوى الأمنية، والتنسيق النوعي الحاصل فيما بينها للمرة الأولى. وثانياً، التوافق السياسي والخطاب الموحد للزعماء اللبنانيين ضد الإرهاب، وضد استهداف الساحة اللبنانية»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى عامل آخر أساسي، هو «التعاون المخابراتي الدولي المشترك، الذي يعتبر لبنان جزءاً منه».

وأضاف: «يسعى الفكر الإرهابي في المرحلة الراهنة للبحث عن ساحات بديلة، بعد تحجيم نفوذه في العراق وسوريا، ومن البديهي أن يفكر في لبنان نتيجة الوجود الكثيف للاجئين، إضافة للمخيمات الفلسطينية الخارجة عن سلطة الدولة، مما يجعله يعتقد أنّه سيجد في مكان ما من يتعاطف مع فكره»، مشيراً إلى أن «المشروع الإرهابي يبقى قائماً، رغم كل الجهود الأمنية التي تبذل، لكن المفارقة أن القوى اللبنانية انتقلت من موقع المتلقي الذي يقوم برد الفعل إلى موقع المبادر، بعكس التنظيمات الإرهابية التي باتت متلقية تقوم برد الفعل».

ويبدو أن الفصائل الفلسطينية العاملة داخل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين لاقت الاستنفار الأمني اللبناني بإسراعها قبل أيام إلى تسليم المطلوب الذي كان يتصدر لائحة المطلوبين للسلطات اللبنانية داخل مخيم عين الحلوة، في الجنوب اللبناني، ويُدعى خالد مسعد (يلقب بخالد السيد)، المتهم بتنسيق العمل بين خليتين تابعتين لـ«داعش» تم توقيف أفرادهما مطلع شهر يونيو (حزيران) الماضي.

وعلى الرغم من أن عملية توقيف السيد، التي تولتها «عصبة الأنصار» بشكل رئيسي بعد استدراجه إلى نوع من الكمين، لاقت استياءً عارماً في صفوف المجموعات المتطرفة الموجودة داخل عين الحلوة، فإن القوة الأمنية المشتركة نجحت حتى الساعة في استيعاب أي تداعيات غير محسوبة. ووصف القيادي في حركة فتح اللواء منير المقدح الوضع الحالي داخل المخيم بـ«الهادئ»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن خالد السيد كان يتصدر لائحة المطلوبين للسلطات اللبنانية، وكان تسليمه أولوية بالنسبة للفصائل التي استعجلت الموضوع كي لا يكون بمثابة لغم يؤدي لتفجير عين الحلوة.

وأضاف المقدح: «هناك عمل دؤوب نقوم به للحفاظ على أمن المخيم، كما أمن الجوار اللبناني، وهناك كثير من ملفات المطلوبين التي تعمل عليها حالياً القوة المشتركة».

ويتولى المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وبشكل أساسي، التنسيق مع القوى الفلسطينية في المخيمات، وكان قد أبلغ وفداً من حركة حماس منتصف الشهر الماضي بوجوب تسليم السيد الذي قال إنّه «الرأس المدبر واللوجيستي لعملية رمضان التي كانت مكلّفة بالقيام بمهام عدّة على مجمل الأراضي اللبنانية، بدءًا من طرابلس وانتهاءً بالنبطية، مروراً بالضاحية».

وأضاف إبراهيم، خلال حديث تلفزيوني: «نحن لاحظنا أنّه خلال عملية رمضان، لأوّل مرّة يخرج حزام ناسف من مخيم عين الحلوة. ومن هنا، أهمية توقيف خالد السيد حتى لا تتكرر هذه العمليات، خصوصاً أنّ الموقوف، وفقاً لمعلوماتنا، يملك أكثر من حزام ناسف».

وساد بعد ظهر أمس توتر في المخيم بعد سلسلة تهديدات وصلت لـ«عصبة الأنصار» على خلفية تسليمها السيد للسلطات اللبنانية. وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن العصبة استنفرت أمنيا وقامت بما هو أشبه بـ«عراضة عسكرية» من خلال نشر مسلحيها في الأحياء التي توجد فيها لتأكيد جهوزيتها للتصدي لأي «عملية انتقامية» بعد تهديدات وصلتها باستهداف قيادييها بعمليات اغتيال.