Site icon IMLebanon

«عملية عرسال» تسلك المسار القانوني… وجهود رئاسية لحل قضية النازحين

«عملية عرسال» تسلك المسار القانوني… وجهود رئاسية لحل قضية النازحين

الوزير تويني لا يستبعد تكليف اللواء إبراهيم بالمهمة

بيروت: كارولين عاكوم

سلكت «عملية عرسال» المسار القانوني في قيادة الجيش اللبناني بعد مطالبات سياسية وحقوقية بإجراء تحقيق مستقل في ظل شكوك حول وفاة عدد من الموقوفين تحت التعذيب، في وقت أشارت معلومات إلى توجه الدولة اللبنانية لتكليف مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم لتولي مهمة التفاوض مع الحكومة السورية بشأن عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، وهو الأمر الذي لا يزال يلقى رفضا من الأطراف اللبنانية المناهضة للنظام، متّهمة «حزب الله» بمحاولة تعويم رئيسه بشار الأسد.

وأشارت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط»، يوم أمس، إلى أن قيادة الجيش كلّفت «مكتب القانون الدولي الإنساني» التابع لها، إعداد تقرير حول ما حصل في عرسال حيث فجر خمسة انتحاريين أنفسهم وإيضاح ما حصل بالتفصيل للرأي العام، مؤكدة في الوقت عينه أن تقرير الطبيب الشرعي الذي كشف على الجثث لم يظهر أي آثار للتعذيب. وشدّدت المصادر على أن «الجيش ماض في مهمته في محاربة الإرهاب وتنفيذ العمليات الاستباقية وأن كل الحملات ضدّه لن تثنيه عن ذلك». وكانت الدعوات لإجراء تحقيق في الحادثة توالت، آخرها على لسان وزير حقوق الإنسان اللبناني أيمن شقير، الذي قال في بيان له: «حفاظا على صورة الجيش ومنعا لأي شائعات قد تكون مغرضة، نطلب من القيادة والقضاء المختص فتح تحقيق شفاف في كل ما تم تناوله أخيرا من صور وأخبار حول عملية التوقيف الأخيرة في عرسال، وعن الأسباب التي أدت إلى وفاة عدد من الموقوفين».

وكان الجيش قد أعلن أن أربعة سوريين اعتقلوا الأسبوع الماضي خلال مداهمة في مخيم للاجئين توفوا وهم رهن الاحتجاز بسبب إصابتهم بأمراض مزمنة وتدهورت حالتهم بسبب سوء الطقس، في حين تؤكد منظمات حقوقية والمعارضة السورية أن عدد الموقوفين الذين فارقوا الحياة هو ما بين 10 و19 شخصا، وأنهم ماتوا نتيجة تعرضهم للتعذيب.

وعلى وقع «عملية عرسال» التي فتحت السجال اللبناني حول قضية اللاجئين والانقسام حولها بين ما يعرف بفريق «14 آذار» الرافض للتواصل مع النظام السوري والداعي إلى التنسيق مع الأمم المتحدة وبين «فريق 8 آذار» الذي يدعو إلى الحوار بين الحكومتين السورية واللبنانية، أشارت معلومات إلى توجه لدى الدولة اللبنانية لتكليف مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بالمهمة، وهو ما لم يستبعده وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد، نقولا تويني، المحسوب على رئيس الجمهورية. وقال تويني لـ«الشرق الأوسط»، أن «قضية اللاجئين تسير في الاتجاه الصحيح ولا بد أن تصل الدولة اللبنانية إلى حل بشأنها بعدما سجّل عودة عدد منهم إلى بلادهم، مضيفا: «التواصل مع الحكومة السورية ليس مقطوعا وهناك تبادل دبلوماسي بين البلدين بشكل طبيعي، وبالتالي التنسيق بشأن اللاجئين، ممكن، إن لم يكن عبر الوزارات قد يكون عبر الأمن العام اللبناني وقيادته بشخص اللواء عباس إبراهيم، الذي يتولى مهمة أمن وحماية الحدود اللبنانية السورية».

في المقابل، رفضت مصادر رئاسة الجمهورية نفي أو تأكيد توجّه الرئيس ميشال عون إلى تكليف إبراهيم بالمهمة، وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أنه «لم يؤخذ أي قرار نهائي لغاية الآن بهذا الشأن والقضية لا تزال موضع بحث من قبل الرئيس الذي وعد، يوم أول من أمس، في جلسة الحكومة، بأخذها على عاتقه ومعالجتها بما يتلاءم مع مصلحة لبنان أولا وأخيرا». ولم تنف المصادر، أن هذه القضية دقيقة وخلافية في ظل الانقسام حولها بين الأفرقاء اللبنانيين. وفي حين أكّدت مصادر رئيس الحكومة سعد الحريري لـ«الشرق الأوسط»، أن موقفه ثابت في هذه القضية ويرفض تواصل الحكومة مع النظام السوري، مطالبا بالتنسيق في هذا الأمر مع الأمم المتحدة، قالت مصادر متابعة للقضية، إن «حزب الله» وحلفاءه «يحاولون بهذه الدعوات تعويم النظام السوري كما اعتراف الدولة اللبنانية به، بعدما فشلت المفاوضات التي كان قد بدأ بها لعودة نازحي القلمون، واقتصرت على عودة دفعة واحدة إلى عسال الورد، بعدما أخلّ النظام بوعوده بعدم ملاحقة العائدين، وهو الأمر الذي جعل اللاجئين البقية يرفضون العودة». وهو ما أشارت إليه مصادر في «14 آذار» لـ«وكالة الأنباء المركزية»، قائلة، إن «معظم السوريين الذين عادوا إلى ديارهم في الأسابيع الماضية يتعرضون لضغوط من النظام وقد استدعوا إلى الخدمة العسكرية، وهذا ما يخالف شروط العودة التي كان ضمنها (حزب الله) وسرايا المقاومة، وتشمل عدم إجبار هؤلاء على الخدمة العسكرية، ما يرسم أكثر من علامة استفهام حول حقيقة (احتضان) النظام لـ(مناهضيه)». ورأت المصادر أن هدف «حزب الله» مدّ النظام بجرعة «مشروعية»، وتعزيز الانطباع بأن بشار الأسد باق في السلطة ونظامه قوي، كما تزويده بورقة قوية تساعده في تحسين وتحصين موقعه التفاوضي.

وأمام كل هذا الجدل، تؤكد منظمات حقوق الإنسان، أن عودة اللاجئين إلى بلادهم يجب أن تكون طوعية وفي ظروف تتسم بالسلامة والكرامة. وفي هذا الإطار، يؤكد عبد السلام سيد أحمد الممثل الإقليمي لمفوض الأمم المتحدة، لـ«الشرق الأوسط»، أن اللاجئين هم أصحاب القرار بشأن عودتهم أو عدمها، مشددا أن هذا الأمر لا يجب أن يخضع لأي ضغوط، مضيفا: «في قراءتنا للواقع السوري اليوم نرى أن هناك حالة حرب والمهجرين الذين هربوا من القصف دمرّت منازلهم، وبالتالي لا بد من تقييم الموضوع قبل اتخاذ أي قرار بشأن إعادتهم إلى بلادهم».