موسكو تنزل قوات بحرية في سوريا.. وإيران وحزب الله ينتظران إشارة التدخل «برياً»
الكرملين ردًا على استهداف المعارضة المدعومة أميركيا: روسيا تنسق أهداف هجماتها مع القوات السورية
استمر لليوم الثاني على التوالي استهداف الطيران الروسي مواقع مدنية وأخرى تابعة لـ«الجيش الحر» ومدعومة من الولايات المتحدة الأميركية، وفق ما أعلنت المعارضة السورية ومسؤولون أميركيون. في المقابل، لا تزال موسكو التي أنزلت أمس، قوات بحرية بسوريا لحماية منشآتها العسكرية، تقول: إن قصفها استهدف مراكز تابعة لـ«تنظيم داعش»، معلنة أنّ الجماعات التي استهدفت تمّ اختيارها بالتنسيق مع النظام السوري وأنه لا خطة للانضمام للتحالف الدولي ضدّ «داعش»، ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المعلومات التي أشارت إلى سقوط قتلى مدنيين بـ«الحرب الإعلامية».
ويوم أمس، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنّ الطيران الروسي استهدف مناطق خاضعة لفصائل المعارضة في أحراج كفرنبل وجسر الشغور وريف إدلب الجنوبي وعدة مناطق بسهل الغاب في ريف حمص الشمالي الغربي، ومناطق في ريف حمص الشمالي، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى بينهم مدنيون، بينما قالت مواقع معارضة بأن الفصائل العاملة في محافظتي درعا والقنيطرة جنوبي سوريا، بدأت باتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية، تخوفًا من استهداف الطائرات الروسية لمواقعها.
وفيما يجتمع الأميركيون والروس بشكل طارئ للتنسيق غداة الغارات الأولى للطيران الروسي لتجنب الحوادث بين الطائرات المقاتلة، لاقت الضربات الجوية التي تشنّها موسكو، دعما إيرانيا بلا تحفظ، واعتبرتها الناطقة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم «أنّها مرحلة في مكافحة الإرهاب وتسوية الأزمة الحالية في المنطقة».
وبات المجال الجوي السوري مكتظا، بين المهام الجوية لدول التحالف بقيادة أميركية وغارات الطيران السوري وأخيرا سلاح الجو الروسي.
وأعلن الجيش الروسي الخميس شن ضربات ليلية جديدة في سوريا على أربعة مواقع لتنظيم داعش في محافظات إدلب وحماه وحمص معلنا تدمير «مقر قيادة مجموعات إرهابية ومخزن أسلحة في منطقة إدلب»، وكذلك تدمير مشغل لصنع سيارات مفخخة في شمال حمص.
وأفادت مصادر أميركية أن الروس نشروا 32 طائرة مقاتلة من بينها قاذفات قنابل ومطاردات سوخوي في مطار تم تحويله إلى قاعدة عسكرية قرب اللاذقية غرب البلاد.
وفيما كانت المعارضة أكدت مقتل ما لا يقل عن 35 مدنيا نتيجة القصف الروسي يوم الأربعاء، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها نفذت 20 طلعة جوية لتدمير ثمانية أهداف الأربعاء لمواقع «داعش» بموجب الاستراتيجية التي حددها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والقائمة على «التحرك بشكل استباقي ضد الإرهابيين وتدمير مواقعهم في سوريا قبل وصولهم إلى بلادنا».
ورد الرئيس الروسي، أمس، قائلا: «فيما يتعلق بالمعلومات الصحافية التي أشارت إلى ضحايا في صفوف السكان المدنيين، نحن مستعدون لهذه الحرب الإعلامية»، مؤكدا أن هذه الاتهامات أعدت حتى قبل أن تقلع الطائرات الروسية في الأجواء السورية.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس، عن نشر كتيبة من قوات مشاة البحرية (المارينز) لحراسة قاعدة جوية يستخدمها سلاح الجو التابع لها بالقرب من مدينة اللاذقية السورية. وتحدثت موسكو، أمس، استعدادها للتفكير في توسيع حملتها العسكرية الحالية في سوريا لتشمل شن ضربات جوية في العراق إذا طلبت منها بغداد ذلك.
وصرح إيليا روغاشيف، المسؤول البارز في وزارة الخارجية الروسية، لوكالة «ريا نوفوستي»: «إذا تلقينا مثل هذا الطلب من الحكومة العراقية، أو إذا صدر قرار من مجلس الأمن يستند بشكل حاسم إلى إرادة الحكومة العراقية»، فإن موسكو ستفكر في شن ضربات في العراق.
وعندما سئل رئيس وزراء العراق حيدر العبادي، أمس، عما إذا كان قد ناقش مع روسيا الضربات الجوية في بلاده، قال لتلفزيون «فرانس 24»: «ليس بعد. إنما هذا احتمال، وإذا قُدم لنا اقتراح فسندرسه».
إلى ذلك، قال أمين سر الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري أنس العبدة، بأن «قوى الثورة السورية ستعيد النظر بقواعد التعامل بعد العدوان الروسي المباشر»، موضحا أن الهيئة السياسية تلتقي اليوم مع وفد من الفصائل العسكرية «بهدف التحضير لخطوات مشتركة من شأنها مواجهة التطورات الراهنة».
من جهة ثانية، قال مدير عام مركز الشرق، د. سمير التقي: «الروس يعرفون في سوريا أكثر مما يعرف النظام نفسه، بعدما بات الجنود الروس يقفون على الحواجز في العاصمة دمشق»، معتبرا في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن القصف الذي يستهدف مواقع للمعارضة يتم بشكل واضح مقصود. وأضاف التقي: «الروس لا يرون فرقا بين المعارضة المعتدلة وتنظيم داعش، بل يعتبرون كل معارض لهم إرهابيا، وهو ما عبّر عنه الرئيس الروسي بشكل صريح، ووصفته الكنيسة الروسية بـ(الحرب المقدسة)، محوّلة إياها إلى حرب صليبية». ورأى التقي أنّ ما يقال: إنه «تنسيق أميركي – روسي»، ليس تنسيقا على الأهداف، إنما تكتيكيا يحصل بين أي طرفين في حالة الحرب.
ورأى التقي أن الدول الإقليمية التي كانت تتنازع بالواسطة عبر ميليشيات، لم تعد قادرة على الحسم، من أجل قضية النفوذ، بدأت اليوم بالمواجهة المباشرة.
في المقابل، أكّد رئيس المكتب السياسي لجيش التوحيد، رامي دالاتي, لـ«الشرق الأوسط»: «لا نرى في هذا الاستهداف إلا رسالة سياسية روسية إلى أميركا للقول: إن أي حلّ سياسي لا يمكن إلا أن يمرّ عبرها».
وأوضح «بعدما قصفوا أول من أمس (تجمّع العز)، قصفوا الخميس (صقور جبل الزاوية) و(فصائل الفرقة الوسطى) في كفرزيتا بريف حماه، وكلّها فصائل محسوبة على أميركا وتتلقى دعما منها»، وكانت الطائرات شنّت غاراتها مساء الأربعاء، على قرية المكرمية في ريف حمص الشمالي، حيث يسكنها عائلات ومدنيون بعيدا عن تواجد أي فصيل عسكري معارض أو «داعش».
وقال حسن الحاج قائد «لواء صقور الجبل» السوري المعارض لـ«وكالة رويترز» بأن غارتين روسيتين استهدفتا أمس، الخميس معسكر تدريب تابعا لهم. وتلقى «لواء صقور الجبل» تدريبا عسكريا أشرفت عليه المخابرات المركزية الأميركية. وقال الحاج، بأن المعسكر الواقع في محافظة إدلب قصف بنحو 20 صاروخا خلال الغارتين.
من جهتها، قالت جماعة تركمانية معارضة بأن أولى الضربات الجوية الروسية على سوريا، قصفت مواقع للجيش السوري الحر وقتلت عشرات المدنيين. وقال المجلس التركماني السوري ومقره تركيا في بيان، بأن مناطق يعيش فيها التركمان في حمص وحماه تعرضت للهجوم يوم الأربعاء. وأضاف أن 40 مدنيا قتلوا في قرية تلبيسة وحدها قرب حمص وأن من بين القتلى تركمان.