IMLebanon

الجيش اللبناني ينتشر على الحدود الشرقية… وحصار «أبو طاقية» في عرسال

تشييع العسكريين وسط حداد عام

شيّع لبنان، أمس (الجمعة)، وسط حداد عام، عشرة عسكريين قتلهم تنظيم داعش قبل عامين، بعد خطفهم من بلدة عرسال الحدودية الشرقية، وأُقيمَت صباحاً في وزارة الدفاع مراسم تشييع رسمية بحضور الرؤساء الثلاثة، وخرج عشرات المواطنين إلى الشوارع لملاقاة الجثامين في رحلتها الأخيرة حيث رشوا عليها الأرز وأطلقوا الزغاريد، وهو تقليد لبناني موروث.

ولم يمنع الانشغال بمراسم التشييع انعقاد المجلس الأعلى للدفاع، بدعوة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وبرئاسته. وقد تابع المجلس الإجراءات المتخذة لانطلاق التحقيقات بقضية خطف العسكريين وقتلهم، وفيما شدد عون على أن «قضية أحداث عرسال سُلِّمت إلى القضاء وليس إلى الإعلام والمحللين»، معتبراً أن «توزيع الاتهامات وإصدار الأحكام قبل أن يقول القضاء كلمته مرفوض»، أكد رئيس الحكومة سعد الحريري أن «التحقيق الذي طلب الرئيس عون إجراءه لا خلفيات انتقامية أو كيدية له»، وأبلغ وزير العدل سليم جريصاتي المجلس بأن التحقيقات «سوف تتناول العناصر الجرمية لتفادي أي اتهام سياسي».

وفيما يعول قسم كبير من اللبنانيين كما من أهالي العسكريين على وصول التحقيق إلى نتائج ملموسة تفضي إلى محاكمة المتورطين بالملف، يستبعد القسم الآخر أن تتمكن أي لجنة تحقيق من توجيه أصابع الاتهام إلى مسؤولين ذات مواقع أساسية، خصوصا إذا ما تم حصر التحقيقات بلجنة عسكرية لا صلاحيات لها بالاستماع إلى مسؤولين سياسيين. إلا أن وزير الداخلية السابق زياد بارود يؤكد أن «المسار الذي تسلكه الأمور حالياً هو وفق الأصول تماماً، ولا يمنع في حال توصلت لجنة التحقيق الأولي إلى نتائج معينة، من التوجه إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «تلقف وزير العدل طلب رئيس الجمهورية وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، إجراء التحقيق اللازم بالقضية، من خلال إحالته إلى النيابة العامة التمييزية التي أحالته بدورها للنيابة العامة العسكرية صاحبة الصلاحية في ملف يتعلق بالعسكريين، لا يلغي إمكانية تحويل هذا التحقيق إجرائيّاً إلى مكان آخر إذا استدعى الأمر ذلك». وأضاف: «النيابة العامة قادرة على وضع يدها على الملف من جديد إذا تبين أن ثمة حاجة للاستيضاح أو الاستماع إلى أي شخص ذي مرتبة عالية ومن خارج الهيكلية العسكرية».

وبالتزامن مع سلوك الملف المسار القضائي، لفت إلى إقدام الجيش اللبناني منذ مساء الخميس على تطويق المبنى الخاص بمصطفى الحجيري الملقب بـ«أبو طاقية» في عرسال، الذي توجه إليه أصابع الاتهام بالتورط في هذه القضية. وبحسب الوكالة الوطنية للإعلام، يُعتقد أن الحجيري موجود في المسجد داخل هذا المبنى الذي يضم أيضاً مستوصف الرحمة الميداني والمنزل حيث كان يقيم.

ونفى رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري علمه بإمكانية وجود «أبو طاقية» داخل المبنى المحاصر في وسط البلدة، في وقت تحدث فيه عن وجود عسكري كثيف حوله منذ يومين، مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أهالي عرسال ليسوا في موقع رفع الغطاء عن الحجيري أو غيره أو تحديد من يتم توقيفه أو أي جهاز أمني قد يقوم بالعملية». وأضاف: «أهالي عرسال مواطنون لبنانيون هم تحت سقف الدولة والقانون، لكننا نتمنى عدم تحميلنا أكثر من طاقتنا، فليست مهمة لا الأهالي ولا البلدية توقيف أي شخص بل هي مهمة الأجهزة الأمنية التي تقوم بدورها».

ومن المنتظر أن يباشر الجيش اللبناني قريبا تنفيذ عملية انتشار واسعة على الحدود الشرقية التي كان يحتل القسم الأكبر منها منذ العام 2011 تنظيما «جبهة النصرة» و«داعش».

وقد كلّف المجلس الأعلى للدفاع بالأمس قيادة الجيش «اتخاذ التدابير اللازمة لانتشار أفواج الحدود البرية عند الحدود الشرقية، ورفع الاقتراحات لتأمين كل المستلزمات العسكرية واللوجيستية في أقرب وقت»، وذلك بعد ساعات من تأكيد قائد الجيش العماد جوزيف عون خلال حفل تشييع العسكريين أن عناصره سينتشرون «من الآن وصاعداً على امتداد الحدود الشرقية للدفاع عنها». وقال العماد عون في الكلمة التي ألقاها إن عملية «فجر الجرود»… «ما كانت لتتحقق لولا القرار السيادي اللبناني الذي اتخذته الحكومة اللبنانية».

أما رئيس الجمهورية الذي قلّد العسكريين العشرة أوسمة الحرب والجرحى والتقدير العسكري، فقد اعتبر أن «الشهداء العسكريين الذين خُطِفوا وقُتِلوا على يد التنظيمات الإرهابية في جرود السلسلة الشرقية، وقفوا في العام 2014، على خطوط الدفاع عن لبنان غير آبهين بما ظلل تلك المرحلة من غموض في مواقف المسؤولين، سببت جراحاً في جسم الوطن». وشدد على أن «دماءهم أمانة لدينا حتى تحقيق الأهداف التي استشهدوا من أجلها وجلاء كل الحقائق».