حملة لبنانية لتشجيع المغتربين على المشاركة في الانتخابات المقبلة
«التيار الحر» يخوض معركة استمالة أصواتهم
خصصت وزارة الخارجية والمغتربين في لبنان منذ مطلع الشهر الحالي موقعاً إلكترونياً وتطبيقاً على الهواتف الذكية يتيحان للمغتربين اللبنانيين الراغبين بالمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، في مايو (أيار) المقبل، تسجيل أسمائهم، بعدما أقر قانون الانتخاب الجديد حقهم بالاقتراع في البلدان حيث يوجدون، على أن تتم زيادة عدد مقاعد المجلس النيابي 6 مقاعد في عام 2022، تكون مخصصة لهؤلاء المغتربين.
ويخوض «التيار الوطني الحر»، الذي كان يتزعمه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ويرأسه حالياً وزير الخارجية جبران باسيل، معركة «انتخاب المغتربين» منذ سنوات، سعياً – كما يقول «التيار» – إلى رفع عدد المقترعين المسيحيين، واستعادة «التوازن الطائفي» في البلد، بحيث تشير الإحصاءات إلى أن نسبة عدد المسلمين في لبنان تبلغ 64 في المائة من مجمل عدد السكان، مقابل 36 في المائة من المسيحيين.
إلا أن عدم حماسة المتحدرين من أصل لبناني لاستعادة جنسيتهم، بعد إقرار البرلمان عام 2015 قانوناً يسمح لكل من حرموا منها، طوعاً أو قسراً، نتيجة هجرتهم الطويلة منذ أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن الماضي، بالحصول عليها، تطرح أكثر من علامة استفهام حول إذا ما كان حاملو الجنسية اللبنانية الذين يعيشون في الخارج سيتحمسون للاقتراع في الاستحقاق النيابي المقبل.
ويشير الباحث في مركز «الدولية للمعلومات»، محمد شمس الدين، إلى أن 29 شخصاً فقط من أصل أكثر من 10 ملايين يُعتقد أنهم متحدرون من أصول لبنانية حصلوا على الجنسية، بعدما تقدموا بطلبها خلال السنتين الماضيتين، لافتاً إلى أن المجال لا يزال متاحاً أمام البقية للقيام بالمثل خلال السنوات الـ8 المقبلة، باعتبار أن القانون الذي أقره البرلمان حدد مدة زمنية تنتهي عام 2025 لاستعادة الجنسية، وهو ما استدعى إسراع وزير الخارجية لإطلاق ما عُرف بـ«الحملة الوطنية» لاستعادة الجنسية اللبنانية، والطلب من المعنيين في لبنان وخارجه «المساعدة في دعوة المتحدرين من أصل لبناني إلى الاستفادة من هذا القانون».
ويعتبر شمس الدين أنّه في حال استمر هذا المسار الخجول بالتقدم للحصول على الجنسية، فإن العدد الإجمالي للمستفيدين من القانون قد لا يتخطى في عام 2025 الآلاف فقط، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الهدف الأساسي لخوض «التيار الوطني الحر» غمار المعركة من خلال هذا القانون هو استعادة بعض التوازن الطائفي، من خلال السعي إلى تسجيل العدد الأكبر من المسيحيين المنتشرين في العالم. ولا يختلف هدف «التيار» من الدفع باتجاه إشراك أكبر عدد ممكن من المغتربين في العملية الانتخابية المقبلة عن هدفه من حث المتحدرين من أصول لبنانية لاستعادة جنسيتهم، إذ يتوقع أن يصوّت قسم من هؤلاء المغتربين لصالحه، بحسب شمس الدين، إضافة إلى كونه يتعاطى مع عملية السماح باقتراع المغتربين كبند إصلاحي تضمنه القانون الانتخابي الجديد، وبالتالي كأحد إنجازات العهد الجديد.
ويرفض النائب في تكتل «التغيير والإصلاح»، نعمة الله أبي نصر، الربط بين دفع «التيار الوطني الحر» للسماح باقتراع المغتربين، وإعادة الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني، وبين محاولته استعادة «التوازن الطائفي» بين المسلمين والمسيحيين، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هاتين العمليتين لا تستهدفان المسيحيين في الخارج، بل اللبنانيين ككل، لأي طائفة انتموا، وأضاف: «لهؤلاء المغتربين حقوق تكفلها لهم القوانين، كما أنه من الطبيعي والمنطقي السعي لإشراكهم بالحياة السياسية اللبنانية». وإذ تحدث عن 500 شخص تقدموا لاستعادة الجنسية (وليس 29)، حثّ على وجوب السعي إلى تكثيف الجهود لزيادة حماسة المغتربين على الاقتراع، واللبنانيين المنتشرين في أصقاع العالم على استعادة جنسيتهم.
وترجح مراكز أبحاث أن يكون عدد المغتربين المخولين بالاقتراع في مايو المقبل ما بين 600 ألف و700 ألف. فبحسب تقديرات «الدولية للمعلومات»، يبلغ عدد اللبنانيّين المسجلين، أي كل من يحمل جنسيّة لبنانيّة، سواء كان مقيماً في لبنان أو في الخارج، حتى نهاية عام 2014، نحو 5.227.000 نسمة. وفي حين لا تتوافر إحصاءات دقيقة حول عدد اللبنانيّين الذين يحملون الجنسيّة اللبنانيّة ويقيمون في لبنان، فإن الدراسات الأخيرة تتوقع أن يكون العدد 3.9 مليون لبناني مقيم، أي ما يشكّل نسبة 74.6 من اللبنانيّين الحائزين على الجنسيّة اللبنانيّة، ما يعني أن عدد المغتربين يصل إلى نحو 1.327 مليون نسمة، أي ما يشكّل نسبة 25.4 في المائة من اللبنانيين.