«ملف اللاجئين» محور المواجهة المقبلة بين «القوات» و«الوطني الحر»
الطرفان يعتبران المصلحة الانتخابية في عدم تحالفهما
يواجه تحالف «حزب القوات» و«التيار الوطني الحر» المعروف بـ«اتفاق معراب»، المرحلة الأصعب منذ التوقيع عليه في شهر يناير (كانون الثاني) عام 2016، بعد تراكم التباينات، وأبرزها اليوم تلك المتعلقة بالخلاف حول مقاربة موضوع اللاجئين السوريين، واعتبار «القوات» أن «التيار» خرج عن مضمون التفاهم.
وما يحاول مسؤولو الطرفين إخفاءه، وعدم إظهاره إلى العلن، تكشفه «المواجهات» بين المناصرين على مواقع التواصل الاجتماعي، التي وصلت إلى حد «نبش قبور الحرب»، بعدما كان هذا الموضوع شبه محظور، وهي التي كانت قد بدأت بتغريدة للنائب في «الوطني الحر» زياد أسود، منتقداً ما اعتبره مبالغة باحتفال «القوات» في الفوز بانتخابات الجامعة اللبنانية الأميركية.
وفي حين يضع رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» شارل جبور، كلام «أسود» في إطار «القصة الداخلية»، لأن الأخير يطلق مواقفه بعد الاستغناء عن خدماته العونية، وإزاحته عن الملف الانتخابي؛ لا ينفي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «العلاقة بين الطرفين تمر بمرحلة من التوتر السياسي، ومن التباينات بملفات عدة». أكثر من ذلك، هو يعتبر أن التيار الوطني الحر خرج عن مضمون التفاهم مع معراب. ثم يستدرك بالقول: «هناك حرص مشترك على أن لا تعود العلاقة إلى ما قبل المصالحة، أي إلى ما قبل تفاهم معراب. العودة إلى القطيعة بين الطرفين غير ممكنة، والعودة إلى ما قبل المصالحة و(اتفاق معراب) غير ممكن».
من جهته يرفض عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ألان عون الحديث عن تقدم للخلاف على حساب «اتفاق معراب»، بل يصف المرحلة بأنها «نوع من الاختبار للعلاقة بين الحزبين»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «كانت هناك توقعات كبيرة من الاتفاق، لكنني شخصياً لا أرى أمراً صادماً فيما يحصل اليوم. هناك تباينات على الملفات. نحن وحزب الله نتباين أيضاً في بعض الملفات. التباينات لا تعني إعادة النظر بكل العلاقة»، واضعاً الكُرة في ملعب الذين توقعوا أن الاتفاق سيكون «سمنة على عسل»، وهو ليس على هذه الحال أبداً.
وفي هذا الإطار، يرى الصحافي مروان المتني العلاقة بين الحزبين المسيحيين، هي اليوم في أدق مراحلها، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «كل الملفات تشير إلى الخلاف، منها الكهرباء وإدارة تلفزيون لبنان والبطاقة البيومترية وقطع الحساب والتعيينات القضائية، حيث تعتبر (القوات) نفسها مغبونة نوعاً ما، فيما يعتبر (التيار) أن (القوات) حصلت على حصة وازنة في الحكومة».
واعتبر المتني أن هذا التفاهم لم يدخل إلى تفاصيل عملية تسهّل عملية مشاركة الحكم بين «القوات» و«التيار»، واقتصر الموضوع على كلمة «شراكة تامة»، من دون أي صيغة تنفيذية، لذلك عند كل استحقاق داخلي تحصل الخلافات.
ويتطابق كلام المتني مع جبور الذي يقول إن الطرفين في مرحلة «تنظيم الخلاف، والتفاهم لا يعني التطابق إطلاقاً»، مضيفاً: «نتقاطع في مكان ونختلف في مكان، أي أن العلاقة عالقِطعة».
ويتابع جبور الذي يشدد على أن العلاقة ستبقى «تحت سقف التفاهم»، قائلاً: «أي ملف نحن ضده لا نساير أحداً فيه على حساب قناعاتنا ومقارباتنا للشأن العام. نريد تكريس مبدأ التعامل وفق الآليات الدستورية من خلال مؤسسات الرقابة».
ومع اشتعال العلاقة حيناً بين الطرفين وهدوئها حيناً آخر، يبدو أن المواجهة المقبلة ستكون على ملف اللاجئين، بعدما فتح رئيس «التيار» وزير الخارجية جبران باسيل باب العلاقة مع النظام السوري من أروقة القرار في نيويورك والتقى «المعلم»، في حين تتجه «القوات» إلى الرد عبر طرح مشروع متكامل لهذا الملف في جلسة مجلس الوزراء اليوم (الاثنين).
وهنا، يرى جبور أن هذا اللقاء «نقطة سلبية جداً، خصوصاً أنه أتى بطلب من الوزير باسيل وليس من المعلم»، مشيراً إلى أن «الجلوس مع نظام يعتبره معظم الشعب اللبناني، عدواً، هو أكبر استفزاز»، رافضاً «تحدي العرب والشرعية العربية».
وتابع جبور: «التنسيق الإداري التقني موجود من 5 سنوات بين البلدين، خصوصاً عند الحدود، ولكن القفز من التقني إلى التنسيق السياسي لا نقبل به إطلاقاً».
وفي هذا الموضوع، سيتقدم وزراء «القوات» بمشروع لإعادة اللاجئين إلى سوريا، يقتضي بخطوة أولى تعيد 25 في المائة منهم من الموالين للنظام، فوراً، إلى بلادهم من دون أي تنسيق، وإعادة الـ75 في المائة الباقين من المعارضين بطريقة أخرى، وهي إما عبر تركيا إلى شمال سوريا، أو عبر الأردن إلى جنوبها، وذلك برعاية الأمم المتحدة.
أما النائب ألان عون فيقول: «لدى (القوات) وجهة نظر مختلفة في موضوع النازحين. أما نحن فمع أي خطوة تعيد النازحين، لأنها تمثل مصلحة لبنان. إذا كان هذا الأمر (التنسيق مع النظام) يفيد فلا مانع لدينا من السير به».
وفي كل الأحوال، إن استقالة وزراء «القوات» مستبعدة «إلا في حال ذهب رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في مشروع التطبيع مع النظام، وحينها طبعا لن نبقى فيها»، يقول جبور.
أمام هذا التأرجح في العلاقة، لا يبدو أن التحالف سينسحب على الانتخابات النيابية، وهو ما يشير إليه الطرفان. إذ ورغم تأكيد النائب عون على عدم وجود «عقبة سياسية أمام التحالف مع القوات»، لا ينفي أن «التحالف في الانتخابات محكوم بالحسابات وليس بالتحالفات السياسية»، حاسماً بالقول: «كلٌّ لديه حساباته سيأخذها بعين الاعتبار». ومن جهته، يعتبر جبور أن «المصلحة الانتخابية هي أن لا نكون متحالفين»، مضيفاً أن «التحالف ليس ضرورة في الانتخابات، وهو لن يكون معياراً للعلاقة، خصوصاً أن كل طرف سيسعى لأن يحصل على كتلة سياسية وازنة وكبيرة من أجل المصلحة العامة».