IMLebanon

عام على عهد عون… تسوية مهدّدة وإنجازات منقوصة

عام على عهد عون… تسوية مهدّدة وإنجازات منقوصة
«الوطني الحرالحكم بعد الانتخابات… و«الكتائب»: النهج سيؤدي إلى تسليم لبنان لـ«حزب الله»
ينتهي الأسبوع المقبل العام الأول من عهد رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون الذي انتخب نتيجة تسوية سياسية شملت أيضا تولي سعد الحريري رئاسة «حكومة استعادة الثقة»، ليبدأ عام جديد ستكون محطته المفصلية الانتخابات النيابية المقررة في شهر مايو (أيار) المقبل.
العهد الذي انطلق بعد سنتين ونصف السنة من الفراغ الرئاسي، نجح إلى حدّ ما في تحريك عجلة المؤسسات التي كانت متوقفة، من دون أن يخرج عن المنظومة اللبنانية التي تتسم بالفساد والمحاصصة السياسية والطائفية. لكنه بدأ يهتّز مع مرور الأشهر، نتيجة سياسات داخلية وخارجية لاقت انتقادات عدة، وانقسامات بين أطراف التسوية نفسها ليتفاقم الوضع شيئا فشيئا من دون أن يسقط لغاية الآن. وهو ما تجسّد في الفترة الأخيرة بالخلافات التي بدأت تظهر إلى العلن بين رئيس «الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل و«تيار المستقبل» و«حزب القوات اللبنانية» الذّي لوّح بالاستقالة من الحكومة التي كانت قد تعرضت لانتكاسة سابقة إثر لقاء باسيل بوزير الخارجية السوري وليد المعلم في نيويورك، إضافة إلى زيارات لوزراء من «حزب الله» و«حركة أمل» إلى دمشق بغياب قرار حكومي.
وفي حين يؤكد «التيار الوطني الحر» الذي كان يرأسه عون على أن ما تحقّق خلال السنة الأولى من العهد هي إنجازات لا يمكن التقليل من أهميتها، ولا سيّما أنها أتت بعد فترة من الجمود القاتل للدولة ومؤسساتها، معتبرا أن التغيير الفعلي سيكون بعد الانتخابات، يصفها البعض بـ«البديهيات» التي أتت منقوصة في أحيان كثيرة، بينما يحذّر المعارضون، وعلى رأسهم «حزب الكتائب» من نتائج الاستمرار في هذه السياسة التي طبعت السنة الأولى، داعيا إلى عملية إنقاذ شاملة سياسية واقتصادية.
ويرى الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، أن السمة الأساسية لهذا العهد هي بدء الانتظام في عمل المؤسسات وتنفيذ بعض الإنجازات «غير الكاملة»، في وقت لا تزال فيه بعض القضايا على حالها بانتظار بدء معالجتها، أهمها وضع حد للفساد. ويوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كان لافتا منذ البداية ونتيجة التفاهمات السياسية، السرعة في تشكيل الحكومة بعد تكليف سعد الحريري رئيسا لها، خلال 46 يوما، في حين تطلبت حكومة رئيس الحكومة السابق تمام سلام 315 يوما وحكومة نجيب ميقاتي 140 يوما وحكومة الحريري السابقة 135 يوما. وعقدت منذ تشكيلها 42 جلسة أقرّت خلالها 1620 مرسوما بعدما كانت جلسات الحكومات السابقة تتعطّل لخلافات سياسية ويمرّ في بعض الأحيان أشهر من دون أن تجتمع».
كذلك، يسجّل للعهد، بحسب شمس الدين، الموازنة التي أقرت بعد غياب 12 عاما رغم الانقسام حول دستوريتها نتيجة تجاوزها «قطع الحساب»، إضافة إلى التعيينات الدبلوماسية والقضائية والإدارية التي تم إنجازها بعد جمود سنوات، مؤكدا في الوقت عينه، أنها كانت تفتقد إلى الشفافية ولم تخرج عن المحاصصة السياسية والطائفية بعيدا عن معايير الكفاءة. ويضع شمس الدين أيضا «معركة فجر الجرود» التي حسمها الجيش اللبناني بتوافق سياسي في خانة الإنجازات أيضا، رغم أنها كانت محور تشكيك البعض، ولا سيما أنها انتهت باتفاق بين «داعش» و«حزب الله» أدى إلى خروج مقاتلي التنظيم بدل محاسبتهم. وفي حين يصف الوزير السابق والقيادي في «حزب الكتائب» سليم الصايغ ما يعتبره «التيار» «إنجازات بـ«البديهيات» التي قامت بها السلطة نفسها التي عطّلتها لسنوات، متّهما العهد بأنه يؤسس لإحباط وطني، ويمهّد لتسليم البلد إلى «حزب الله»، لا ينفي النائب في «الوطني الحر» آلان عون، أن هذه «الإنجازات» لم تكن كاملة في بعض الأحيان نتيجة مراعاة الواقع اللبناني، لكنه يرفض التقليل من أهميتها، متّهما البعض بالسلبية وإلقاء الشعارات والنظريات، ومكررا ما سبق أن قاله الرئيس عون: «لا نملك عصا سحرية والتغيير سيأتي تباعا».
ويقول عون لـ«الشرق الأوسط»: «ما يمكن التأكيد عليه أن هذا العهد أخرج البلد من جمود المرحلة السابقة وفتح أفق علاقات سياسية مختلفة عن سابقاتها وإيجابية بين الأفرقاء؛ ما أنتج هذه التسوية التي لا تزال مستمرة رغم المشككين بذلك». وفي حين اعتبر أن البعض يحاول إلقاء الاتهامات من غير حق، شدّد على أن العمل سيستمر وبوتيرة أكبر لإنجاز ملفات أساسية تهم البلد والمواطن، معتبرا أن «الانتخابات النيابية هي المحطة الفاصلة وسيتكرس بعدها أكثر دور هذا العهد».
لكن، وإذا كان الصايغ ينتقد ممارسات العهد في عامه الأول، فهو يحذّر من الأسوأ إذا استمرت السياسة على ما هي عليه الآن. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «الدستور اللبناني يفصل رئاسة الجمهورية عن الحكومة وأدائها، وهذا ما حاولنا فعله، لكن الممارسة كانت عكس ذلك، ويصر الطرفان على الالتصاق ببعضها بحيث لم يعد بالإمكان التمييز بينهما بعد صفقة اتسمت بالطابع التجاري على حساب المصلحة العامة». ويضيف «بات هذا العهد يغطي الانتهاكات الدستورية بحجة الضرورة»، ويقول: «التعيينات أتت وفقا لمصالحهم كما قانون الانتخاب الذي باتوا هم أنفسهم يطالبون بتعديله بعد إقراره، بينما أنجزت الموازنة من دون قطع حساب بعد سنة على بدء العهد وأثقلت كاهل المواطن اللبناني بالضرائب».
وفي حين رأى الصايغ «أن لبنان الذي أصبح شبه محاصر اقتصاديا وماليا لم يشهد فسادا وهدرا للمال العام كما هو الواقع اليوم»، رأى أن السير وفق هذه السياسة الخارجية والداخلية التي تتحكّم بها قوى واحدة وترضخ لها البقية، ستؤدي بنا إلى مرحلة تشبه مرحلة ما بعد الحرب، مضيفا: «حينها سلّم لبنان للنظام السوري والآن سيسّلم إلى (حزب الله)». وحذّر الصايغ من الوصول إلى الهاوية إذا لم يتم استدراك الموضوع، قائلا: «المطلوب عملية إنقاذ شاملة وترجمة الحياد عمليا بعدما تحوّلت سياسة النأي بالنفس إلى (سياسة النعامة) وحفلة تكاذب وتنكّر تؤسس لفتنة قد تستعر ظروفها في أي وقت».