أزمة استقالة الحريري تنهي فريق 14 آذار… وجهود لـ {حركة جديدة}
سعيد لـ «الشرق الأوسط»: نسعى لإنشاء حالة وطنية لمواجهة الهيمنة الإيرانية
وضعت الأزمة السياسية الأخيرة التي نشأت بعيد إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته قبل الرجوع عنها مطلع الأسبوع الحالي، فريق 14 آذار في طور الانتهاء، خاصة مع تنامي الخلاف بين تيار «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية»، واتساع الشرخ بين هذا الأخير وحزب «الكتائب اللبنانية». غير أن هناك توجها لإنشاء حالة وطنية جامعة لمواجهة الهيمنة الإيرانية من خارج التسوية الرئاسية التي أعيد إحياؤها مؤخرا.
فيما تركز سياسة «المستقبل» حاليا على «ربط النزاع» مع «حزب الله»، تسعى مكونات أخرى فيما كان يُعرف بفريق 14 آذار الذي نشأ بعيد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في العام 2005، إلى إنشاء حركة جديدة يكون هدفها مواجهة ما تقول إنها «هيمنة إيرانية» على البلد، لتخوض بهذا الشعار الانتخابات النيابية المقبلة في شهر مايو (أيار) المقبل.
ويؤكد منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد أن ما تبقى من هذه القوى هو «فكرة لبنان المرتكزة على العيش المشترك والوحدة الداخلية»، موضحا أن «فريق 14 آذار لم يكن يوما تنظيما سياسيا ولا تحالفا بين أحزاب وشخصيات سياسية، بل فكرة قائمة على السيادة والاستقلال ومواجهة الهيمنة السورية، وهي قائمة حاليا على مواجهة الهيمنة الإيرانية».
وأعلن سعيد إلى جانب شخصيات أخرى في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، عن قيام حركة سياسية جديدة باسم «حركة المبادرة الوطنية»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنهم ينتظرون «اللحظة المناسبة لتنظيم المؤتمر التأسيسي لهذه الحركة، التي سيكون هدفها الرئيسي مواجهة الهيمنة الإيرانية على لبنان من خلال (حزب الله) والسعي المتواصل للاستقلال والتحرر». وكشف عن «مفاوضات ونقاشات واجتماعات دورية» مع حزب «الكتائب» الذي يرأسه النائب سامي الجميل لإنشاء «حالة وطنية جامعة لمواجهة الهيمنة الإيرانية من خارج التسوية الرئاسية التي أعيد إحياؤها مؤخرا». وأضاف سعيد «إيران تنظر إلى الانتخابات النيابية المقبلة كما كانت تنظر سوريا إلى انتخابات عام 1992. فهي تتوقع أن يتم تشكيل برلمان جديد قادر على إبرام اتفاقات تثبّت النفوذ الإيراني في لبنان على أن يكون أول قانون يقره قانون يشرّع سلاح (حزب الله)»، لافتا إلى أن الحركة التي يعملون على تشكيلها «ستخوض هذه الانتخابات للتصدي لهذا المشروع لإيمانها بأن رفع الهيمنة الإيرانية عن لبنان مسؤولية وطنية جامعة وليس مسؤولية مذهبية أو طائفية».
ويأخذ سعيد على الرئيس الحريري «استسلامه وإقراره بأنّه غير قادر على مواجهة مشروع (حزب الله) بانتظار ظروف أفضل»، ويؤكد أنه يحترم وجهة نظر رئيس الحكومة، لكنّه يطالبه بالمقابل باحترام وجهة نظره التي تقول بأن «الرضوخ لشروط (حزب الله) لا يصب في خانة الاستقرار». ويضيف: «أما حزب القوات فيحاول من داخل المؤسسات أن يطرح وجهة نظره لكنّها برأينا محاولة لن تؤدي النتائج المرجوة منها، وإن كنا نقر بأن موقف القوات ليس كسواه مهادنا ومسالما مع الهيمنة الإيرانية». وكانت قوى 14 آذار تضم إلى جانب تيار «المستقبل» و«القوات» «الكتائب» والحزب «التقدمي الاشتراكي» وحزب «الوطنيين الأحرار» وقوى وشخصيات سياسية مختلفة، وهي خاضت انتخابات عام 2009 بمواجهة فريق 8 آذار القريب من دمشق والذي يضم «حزب الله» وحركة «أمل» و«القومي السوري» وتيار «المردة»، وقد أصر «التيار الوطني الحر» على أنه ليس جزءا من هذا الفريق لكنّه متحالف معه.
وبمقابل تشتت فريق 14 آذار نتيجة الاختلافات الكبيرة في وجهات النظر حول «السياسة الفضلى الواجب انتهاجها لمواجهة مشروع (حزب الله)»، يبدو فريق 8 آذار أكثر تماسكا خاصة أن الأزمة السياسية الأخيرة أعادت بعض الحرارة إلى علاقة رئيس المجلس النيابي نبيه بري برئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كما أدّت لتجاوز الخلاف الكبير الذي نشأ بين عون ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية على خلفية الانتخابات الرئاسية.
ويؤكد النائب في تيار «المستقبل» محمد قباني أن الانقسام السابق ما بين 8 و14 آذار لم يعد موجودا، مشددا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن كل جهة حرة اليوم في أن تنضم للاصطفاف الذي تريد: «أما نحن في (المستقبل) فنسعى لعلاقات جيدة مع معظم الفرقاء، ومنفتحون على الجميع». ويشير قباني إلى أن تياره حاليا في مرحلة «ربط نزاع» مع «حزب الله» الذي نختلف معه على عدد من الأمور. وأضاف: «ما نسعى إليه هو تفادي أن تؤدي الاختلافات بوجهات النظر إلى صدام نرفضه».
ويستعد تيار «المستقبل»، بحسب قباني لخوض الاستحقاق النيابي بشعار «لبنان أولا»، قائلا: «لدينا توجه سياسي بات معروفا من قبل الجميع، كما أن لا موقف مسبقا لنا من أي من الفرقاء وبالتالي من أراد الانضمام إلينا على هذا المسار، نقول له أهلا وسهلا».