بيروت: يوسف دياب
يبدو أن الأزمة المستجدة بين الرئاستين الأولى والثانية آخذة في التأزم أكثر من ذي قبل، في ظلّ إصرار رئيس الجمهورية ميشال عون على المضي في تطبيق المرسوم الذي يعطي أقدمية سنة واحدة لترقية عدد من الضباط، متجاهلاً توقيع وزير المال علي حسن خليل على المرسوم، وهو ما أثار استياء رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي رأى في إسقاط توقيع وزير المال خللاً، يمسّ جوهر الدستور والميثاق.
وكان رئيسا الجمهورية والحكومة ميشال عون وسعد الحريري، وقّعا مرسوماً يقضي بمنح الضباط الذين تخرّجوا من المدرسة الحربية في العام 1994، الذين اصطلح على تسميتهم بضباط «دورة عون»، من دون أن يحمل المرسوم توقيع وزير المال علي حسن خليل، وهو ما أعاد التوتر إلى العلاقة بين عون وبري.
وأظهر تصريح عون أمس، أن كل المساعي الرامية إلى معالجة الأزمة لم تصل إلى نتيجة، حيث أعلن رئيس الجمهورية خلال حضوره قداساً لمناسبة ذكرى ميلاد السيد المسيح عليه السلام، في بكركي، أن «منح سنة أقدمية لضباط دورة 1994 حقّ، لأنه في 13 أكتوبر (تشرين الأول) 1990. الدورة كانت في المدرسة الحربية وأنا وقعت مرسوم دخولها». ورأى أنه «بسبب كيدية سياسية معينة أرسلوهم إلى منازلهم (إثر الإطاحة به وإخراجه من القصر الجمهوري)، ثم استدعوهم بعد سنتين، ونحن حاولنا أن نرد لهم نصف حقهم». وشدد عون على أن «هذه القضية محقة بالجوهر وبالأساس، والمرسوم يوقّعه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وإذا هناك أحد معترض فليذهب إلى القضاء، وسأفرح إذا كسر القضاء قراري».
ويؤشّر موقف رئيس الجمهورية، إلى قطع الطريق على كل المساعي الهادفة لمعالجة ما حصل، إذ اعتبرت مصادر مواكبة للاتصالات الجارية على خطّ بعبدا – عين التينة، أن كلام الرئيس من بكركي «ينطوي على موقف تصعيدي، خصوصاً لجهة دعوته المعترضين على المرسوم إلى الاحتكام للقضاء». وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الكلام «يردّ عليه بأنه على الفريق المستفيد من مرسوم الأقدمية والذي يصرّ عليه، أن لا يُفاجأ بأن المرسوم الذي لم يصل إلى وزارة المالية لن يمكنهم من قبض مستحقاتهم، عندما يحين موعد ترقيتهم إلى رتبة أعلى، وبالتالي عليهم الاحتكام إلى القضاء حينها».
وأمام تمسّك كل طرف بموقفه، لفتت مصادر قصر بعبدا، إلى أن الرئيس عون «قدّم حلاً للمعترضين على المرسوم، وهو أن يطعنوا به أمام مجلس شورى الدولة، فإذا أبطل المرسوم يكونون أخذوا حقهم، وإذا صادق عليه القضاء، عليهم أن يلتزموا به». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «من يعتقد أن الحلّ يكون بتراجع ميشال عون عن المرسوم يكون مخطئاً، والرئيس لم يوقعه ليتراجع عنه». وعن تداعيات رفض وزير المال علي حسن خليل لصرف المستحقات المالية لهؤلاء الضباط عندما يحين وقتها، قالت مصادر القصر الجمهوري «علينا ألا نستبق الأمور، وإذا رفض وزير المال صرف المستحقات، ستكون هناك معالجات نتحدث عنها في وقتها».
ولم تشهد العلاقة بين عون وبري تطوّراً إيجابياً، منذ عودة عون من منفاه في باريس في العام 2005، وتفاقم الخلاف بينهما أكثر في مرحلة إبرام التسوية بين رئيس الحكومة سعد الحريري وعون، لأن رئيس مجلس النواب بقي من أشد معارضي انتخاب عون رئيساً للبنان، حتى تاريخ جلسة انتخابه في 30 أكتوبر 2016.
في هذا الوقت، أكدت مراجع نيابية لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما يحصل الآن لا يعبّر عن أزمة مرسوم أو توقيع فحسب، بقدر ما تعبّر عن أزمة حساسة جداً تمس جوهر الدستور والميثاق». وقالت إن «ما يحصل ليس مجرّد خلل في ترجمة اتفاق الطائف أو تطبيقه، وإذا كان النظام اللبناني يتميّز بالمرونة، يجب ألا يكون ذلك لمصلحة فريق على حساب فريق أساسي في البلد، لأن لبنان لا يستطيع العيش بهذا النوع من الكيدية».