مارسيل غانم أمام القضاء على وقع اعتصام سياسي إعلامي
حرب: الأمور عادت إلى المسار السليم بحضور القوى السياسية والنقابية
بيروت: «الشرق الأوسط»
مثل الإعلامي اللبناني مارسيل غانم أمام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور، في الدعوى المقامة ضدّه بتحقير القضاء، والإساءة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون من خلال استضافته محللين سياسيين انتقدا أداء عون وبعض المسؤولين اللبنانيين، ضمن برنامج «كلام الناس» الذي يقدمه غانم على محطة «المؤسسة اللبنانية للإرسال».
ولم تستغرق جلسة مثول غانم أكثر من 5 دقائق، قدّم فيها الأخير بواسطة وكيله القانوني المحامي والنائب بطرس حرب، دفوعاً شكلية إلى قاضي التحقيق الذي تسلّم الدفوع وأرجأ الجلسة إلى 2 فبراير (شباط) المقبل. وستكون جلسة استجواب، إلا في حال أخذ قاضي التحقيق بمضمون الدفوع وأوقف الملاحقة، وهذا مستبعد جداً، أو في حال ردّها وقرر وكيل غانم استئناف قرار قاضي التحقيق أمام الهيئة الاتهامية في جبل لبنان.
ونفّذ اعتصام سياسي إعلامي أمام قصر العدل في بعبدا (جبل لبنان)، تضامناً مع الإعلامي مارسيل غانم، ودفاعاً عن حرية الرأي والحريات الإعلامية، شارك فيه وزير الإعلام ملحم الرياشي، ووزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة، والنواب: غازي العريضي، ونبيل دو فريج، وسامي الجميل، ونديم الجميل، والنائب السابق فارس سعيد، بالإضافة لوفد من «منظمة الشباب» في الحزب التقدمي الاشتراكي، وشخصيات سياسية ونقابية وإعلامية.
وفي تصريح له من أمام قصر العدل أوضح الوزير مروان حمادة، أن «معركة الحريات ليست جديدة في لبنان، فلقد عشت عبر عقود وعايشت صحافيين سجنوا وأفرج عنهم منتصرين على السلطة». وقال: «عندما تحاول السلطة تسييس القضاء فهي الخاسرة، ونحن ثقتنا في القضاء كبيرة، وأتمنى أن يكون تصرف القضاء بمستوى الآمال المعقودة عليه». وأضاف: «أنا بصفتي عضوا في نقابة المحررين وفي نقابة الصحافة، وعضوا سابقا في المجلس الأعلى للثقافة، أستغرب عدم مشاركة نقيبي المحررين والصحافة، وهذا برأيي ثغرة كبيرة في العمل الصحافي. ثانيا، أتمنى ألا يكون هناك تسييس كامل، لأن التسييس ليس فقط في الحريات، بل في النفايات والكهرباء وفي كثير من الأمور».
وعلى أثر انتهاء الجلسة مع غانم، أعلن وزير الإعلام ملحم رياشي، أن «الأجواء إيجابية، وقد جلسنا مع القاضي نقولا منصور، وهو ملتزم وعادل ولا يتأثر بأي تأثيرات خارج إطار منطق العدالة». وقال: «لدينا ثقة بالقضاء والعدالة، ولدينا ثقة بوجود الإعلاميين إلى جانب مارسيل غانم»، مشدداً على «ضرورة حماية العدالة والأصول التي يجب أن تتبع في أي موضوع يحمي الحرية، لأن القضاء إذا لم يصل إلى العدالة، يكون قضاء فساداً، ونحن مع عدالة ضمن القضاء وتحت سقف القانون، ولكن قبل وفوق كل شيء؛ نحن مع قداسة الحرية، لأنها هي ولبنان صنوان».
من جهته، أعلن النائب بطرس حرب أن الجلسة «جرت كما تقتضي الأصول؛ تقدمنا بمذكرة الدفوع الشكلية، وقد قبلها القاضي وأرجأ الجلسة إلى الثاني من شباط (فبراير) المقبل، وسنكون حاضرين، وسنتخذ الموقف الملائم من القرار الذي سيصدر ويتعلق بالدفوع الشكلية». وقال حرب إن «الأمور عادت إلى المسار السليم، وأعتقد أن وجود القوى السياسية والنقابية والإعلامية، هو الذي أوجد هذا الجو، بالإضافة إلى أننا لا نزال نراهن على أن في القضاء قضاة محترمين ونراهن على أخلاقياتهم واستقلاليتهم، وأنهم لا يخضعون لأي ضغط من السلطة السياسية، لكي يبقى الأحرار أحرارا ولبنان دولة الحريات». وعبّر حرب عن تخوفه من أن «يكون ما حصل بداية مرحلة، أو خطة سياسية لِكَمِّ الأفواه و(ضبط) الحريات العامة». وأضاف: «الرسالة وصلت، ونحن متمسكون بالحريات في هذا النظام، وأي شيء يمس بالحريات فسنتصدى له مجتمعين وأفرادا، لأننا لا نرى لبنان إلا توأما مع الحرية».
كما تحدث مارسيل غانم، وتوجه بالشكر إلى «كل من حضر بشكل عفوي من كل لبنان». وقال: «أنا أثق بجميع اللبنانيين، والسياسيون والأصدقاء الذين حضروا رغم الأمطار والعواصف، أتوا لكي يقولوا لا لمحاولة قمع الكلام والكلام الحر… سنكون دائما إلى جانبهم وإلى جانب الكلمة الحرة ولن نخذل ثقتكم بنا».
وإذ جدد مارسيل غانم تأكيده على احترام القضاء وأنه تحت القانون، قال: «ما أرفضه هو التدخل في عمل القضاء، والتدخل السافر لوزير العدل (سليم جريصاتي)، الذي أورد في تصريح له الأسئلة التي كان قاضي التحقيق سيوجهها لي، وهذا دليل على مدى تدخله».
وبعد إرجاء الجلسة، قال وزير العدل: «القانون انتصر في ظل قضاءٍ حيادي ومستقل، وانتصر الإعلام الحر بامتثاله للقانون والقضاء». ورأى أن «التجربة أثبتت مجدداً أن الاستغلال السياسي لا يفيد عندما يتعلق الأمر بالحريات العامة، التي هي بحمى القانون والقضاء وحدهما». فيما قال وزير الخارجية جبران باسيل: «انتصرت الحرية والعدالة معاً، هذا هو القضاء وهذا هو الإعلام، يكونان معاً في أساس بناء الدولة، والإنسان المسؤول فيها».