مساعد وزير الخزانة الأميركية في بيروت… رسائل سياسية ومصرفية
تطبيق العقوبات على «حزب الله» وتجفيف منابع تمويله بين موضوعات البحث
بيروت: يوسف دياب
تترقّب الأوساط السياسية والمالية في لبنان، النتائج التي ستخلص إليها زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلّينغسلي إلى بيروت، واللقاءات المكثّفة التي يجريها مع المرجعيات السياسية ومسؤولي القطاع المصرفي، والتي تندرج في سياق تشديد الرقابة الأميركية، على حركة أموال «حزب الله»، للتثبّت من مدى التزام لبنان تطبيق العقوبات المالية على الحزب، بهدف تجفيف منابع تمويله، التي تبقى جزءاً من السياسة الأميركية لمكافحة تمويل الإرهاب.
وكان المسؤول الأميركي استهلّ زيارته للبنان، بلقاء مطوّل عقده مع رئيس الجمهورية ميشال عون، قبل ساعات قليلة من مغادرة الأخير إلى الكويت، وأطلعه على أهداف زيارته، وقد أبلغه عون أن لبنان «يشارك بفاعلية في الجهود العالمية الهادفة إلى مكافحة تمويل الإرهاب وتبييض الأموال، من خلال مصرفه المركزي والسلطات المالية المختصة، وفق المعايير والقوانين الدولية المعتمدة»، ونبّه عون إلى أن «الإرهاب والمال مصدران أساسيان للحروب، الإرهاب يوفر الحافز والمال يؤمن الوسائل». وشكر الولايات المتحدة الأميركية على «الدعم الذي قدمته للجيش اللبناني خلال مواجهته الإرهابيين»، معربا عن أمله في أن «يستمر هذا الدعم للمحافظة على الاستقرار والأمن في لبنان».
اللقاء الثاني للمسؤول الأميركي، كان مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، في حضور السفيرة الأميركية في لبنان إليزابيث ريتشارد، وقد أكد بري لضيفه، أن «القوانين التي أقرها المجلس النيابي اللبناني جعلت لبنان دولة تتطابق مع أعلى المعايير القانونية الدولية، لجهة نقل الأموال والحركة المالية ومحاربة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب». ولفت إلى أن اللبنانيين «بانتشارهم الواسع وتجارتهم حيث هم ومع لبنان، يحرصون بأدائهم على تطبيق هذه المعايير»، في حين نوّه بيلّينغسلي بأداء المصرف المركزي اللبناني والمصارف اللبنانية في هذا الصدد.
وأثار بري مع مساعد وزير الخزانة الأميركية «إمكانية تطبيق الأنموذج المتبع في بعض الولايات الأميركية والدول الأوروبية، لجهة تشريع زراعة الحشيشة للصناعات الطبية».
وتحمل زيارة الوفد الأميركي رسائل سياسية ومالية على حدّ سواء، حيث لفت مدير معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية سامي نادر، إلى أن الزيارة «تأتي تنفيذاً لسياسة الإدارة الأميركية الشرق أوسطية الجديدة، والتي تتجلّى أبرز فصولها في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، خصوصاً في سوريا ولبنان». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «العقوبات التي تطال (حزب الله) تندرج في سياق المواجهة مع إيران، خصوصا أنها ترافقت مع عقوبات طالت (فيلق القدس) في الحرس الثوري، ورئيس مجلس القضاء الإيراني، تحت عناوين ثلاثة، الأول مرتبط بضرب حقوق الإنسان على خلفية حملة القمع والاعتقالات والتصفية التي تطال المتظاهرين في إيران، والثاني يتعلّق بالصواريخ الباليستية والثالث بمكافحة الإرهاب». وتوقف سامي نادر عند التعديل الذي أدخلته واشنطن على تصنيفها لـ«حزب الله»، وقال: «الإدارة الأميركية السابقة كانت تصنفه تنظيماً إرهابياً، لكن إدارة ترمب، تصنفه الآن كـ(منظمة إرهابية إجرامية)، يتصل دورها بغسل الأموال وتجارة المخدرات، ونسج شبكات في دول العالم»، مؤكداً أن «زيارة المسؤولين الأميركيين تركّز بالدرجة الأولى على زيادة العقوبات على (حزب الله) وتوسيع نطاق التفتيش». وبدا أن وجود الوفد الأميركي لا يتوقف على توجيه رسالة سياسية، إنما لديه رسالة تحذير شديدة إلى القطاع المصرفي، وتوقّف سامي نادر وهو خبير اقتصادي أيضاً عند «أبعاد المعلومات التي جرى تداولها مؤخراً، عن توجيه إنذار أميركي لأربعة مصارف لبنانية، بضرورة اتخاذ تدابير سريعة تتعلّق بحركة أموال وتحويلات تدور حولها علامات استفهام، ودعوتها إلى شرح ملابسات هذه الحركة، حتى لا تلاقي المصير الذي لقيه البنك اللبناني الكندي، الذي جرى إقفاله قبل أربع سنوات».
في هذا الوقت، كشف مصدر مصرفي لـ«الشرق الأوسط»، أن المصارف اللبنانية «كثّفت إجراءات المراقبة والتدقيق في عمليات فتح الحسابات الجديدة، منذ أن أدخلت الخزانة الأميركية تعديلات جديدة على العقوبات المالية التي تطال (حزب الله)». وأكد المصدر أن «أي عملية تحويل مالي تحوم حولها شبهات ولو بسيطة جداً، تحال إلى هيئة التحقيق الخاصة بالمصرف، التي تتبادل المعلومات بشأنها مع مصرف لبنان، حتى تبقى التعاملات المذكورة في الـ(safe zone)، أو ما يعرف بالمنطقة الآمنة».
وفي إطار لقاءاته زار بيلّينغسلي، وزير المالية علي حسن خليل، على أن يلتقي لاحقاً حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وممثلين عن المصارف والهيئات الاقتصادية اللبنانية.