IMLebanon

كبسولة مشعة على شاطئ بيروت… والسلطات تتقصّى مصدرها

كبسولة مشعة على شاطئ بيروت… والسلطات تتقصّى مصدرها

تُستخدم في صناعات بينها «النفطية»

 

تتقصّى السلطات اللبنانية عن مصدر كبسولة معدنية تحوي «مادة مشعة» عثر عليها أول من أمس الأربعاء على الشاطئ الجنوبي لمدينة بيروت، لم تخلّف أي تسرب إشعاعي في المنطقة، بحسب ما أكدت الاختبارات العلمية التي أجريت عليها، ونقلت إلى مستودعات تخزين تابعة للهيئة اللبنانية للطاقة الذرية، وخُزّنت وفق المواصفات الدولية.

 

وكانت السلطات اللبنانية أفادت أول من أمس، الأربعاء، أنه تم العثور على الساحل جنوب بيروت على كبسولة معدنية تحوي «مادة مشعة»، مؤكدة عدم حصول أي تسرب. وانتشرت صور للقارورة مكتوب عليها «صناعات غمّا»، وتظهر أن بلد المنشأ هو الولايات المتحدة، وأنها تتضمن مواد مشعة من نوع A.

 

وأكدت مصادر عسكرية، أمس، أن القارورة ليست قطعة عسكرية، موضحة لـ«الشرق الأوسط»، أن الفحوصات الفورية التي أجراها الخبراء عليها «أثبتت أنها ليست على درجة عالية من الخطورة لكنها تتضمن مواد مشعة وتم تسليمها للهيئة اللبنانية للطاقة الذرية».

 

وقال وزير البيئة طارق الخطيب بأن التحقيق يتركز على مصدرها الآن، وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه منذ العثور على القارورة، طلب من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية التحقيق في مصدرها «لمعرفة ما إذا كانت وصلت عبر البحر أو أن أحداً تخلص منها»، مشيراً إلى أنه لم يوضع بعد بنتيجة التحقيق النهائية. وقال الخطيب بأن «التحقيق جار تحت إشراف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، ويتركز الآن على تقصّي مصدرها».

 

وأكد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن النيابة العامة العسكرية كشفت على القارورة في موقعها وبحضور مختصين، لافتاً إلى أن «المعلومات الأولية أفادت أنها لا تشكل خطراً على السلامة العلامة لكن النيابة العامة العسكرية نظمت محضر معلومات بها، وإحالتها للخبراء والمختصين لمباشرة الكشف عليها وتحديد نوع المواد الموجودة فيها، ومصدرها، الذي لم يحدد حتى الآن».

 

وأكد الأمين العام لـ«المجلس الوطني للبحوث العلمية» معين حمزة لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن القارورة تعتبر من «المصادر اليتيمة للمواد المشعة»، ولا يُعرف حتى الآن من أين أتت، حيث تعمل القوى الأمنية في تحقيقاتها على تقصّي مصدرها. وقال حمزة بأنه لا قارورة مشابهة في لبنان، ولا وجود لشركات نفطية يمكن أن تستخدمها، كما أنه لا مصانع في لبنان تحتاج لأجهزة من هذا النوع. وعما إذا كانت قديمة، قال: «لا تاريخ عليها، باستثناء بلد المنشأ، ولا يمكن معرفة تاريخ إنتاجها لأن الإشعاعات تعيش آلاف السنين».

 

وأشار حمزة إلى أنه بعد العثور عليها، تبين أن أحداً لم يفتحها ولم تتسرب من أي إشعاعات، مشدداً على أنه «تم نقلها وحفظها في مستودع خاص بمنأى عن أي تلوث أو تسرب إشعاعي، بطريقة تراعي المواصفات نفسها التي تفرضها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا».

 

وتصاعدت المخاوف من أن يكون هناك عبوات أخرى من نوعها في البحر، وقال حمزة: «نحن نطرح الأسئلة نفسها، وهو ما تتكفل به تحقيقات الأجهزة الأمنية». وشدد على أن شركات النفط العاملة في المتوسط «لا يمكن أن تتخلى عنها بهذه الطريقة، لأن القانون الدولي يلزمهم بإعادة المواد المستخدمة والتي تتضمن مصدراً إشعاعيا، إلى بلد المنشأ»، علما أن شركات النفط تستخدم هذه العبوات في الحفريات، كونها تعد مصدراً مهماً للطاقة أثناء الحفر، كما قال حمزة.

 

وكانت الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية أكدت أن الكبسولة المجهولة المصدر التي عثر عليها ليل الثلاثاء على شاطئ منطقة الأوزاعي، تحوي مادة مشعة تستخدم في الصناعة النفطية، نافية حصول أي تسرب منها. وأضافت في بيان أن الكبسولة التي «لم تتسبب بأي تلوث» نقلت الأربعاء إلى مختبرات الهيئة بالتنسيق مع الجيش اللبناني «لمعالجتها وتخزينها بطريقة آمنة ومؤمنة وفق المعايير الدولية». وتابعت أن هذه المادة غير المرخص لها في لبنان والمجهولة المصدر «لا تشكل خطرا على صحة المواطنين».

 

وكان وزير البيئة اللبناني طارق الخطيب، قال أول من أمس: «لا نملك حتى الآن معلومات عن مصدر هذه الكبسولة»، مطالبا «النيابة بفتح تحقيق». وأضاف: «إذا كان مصدرها البحر فينبغي التأكد من عدم وجود كبسولات مماثلة».

 

ويعاني لبنان منذ عقود أزمة نفايات تفاقمت في 2015 وأدت إلى إغراق العاصمة وضواحيها بأطنان من النفايات، ما أدى إلى حركة احتجاج غير مسبوقة. وفي ديسمبر (كانون الأول) الفائت، نددت منظمة هيومن رايتس ووتش بعدم تحرك السلطات اللبنانية حيال الإحراق العشوائي للنفايات.

 

وقال الناشط في جمعية «من أجل الجمهورية» عماد بزي، بأن «العثور على هذه الكبسولة هو الجزء الظاهر من جبل الجليد». ورأى أن «الأمر خطير للغاية، لأنه في العادة تكون مغلفة بالرصاص والإسمنت والمواد التي تمتص الصدمات والطاقة والإشعاعات المتسربة، وتكون أصلاً في داخل مستوعب أكبر على شكل برميل أو علبة». وقال: «في حال كانت علبة الاحتواء قد رميت هناك، هذا معناه أن ثمة من أدخل إلى لبنان مستوعب مواد مشعة وفككه ورمى علبة الاحتواء الداخلية متسبباً بتسرب المواد المشعة الخطرة للغاية، خاصة أن هذه المستوعبات لا يتم تصديرها فارغة». وحذر من أنه «في حال أتت العبوة عن طريق البحر، فهذا أمر لا يمكن التكتم عليه، ستظهر نتائجه فوراً باختفاء الحياة البحرية في المنطقة المصابة بالإشعاعات بشكل كلي في كامل البقعة».