مزاعم إسرائيلية عن تخطيط «حماس» لإقامة قاعدة صواريخ في جنوب لبنان
محاولة اغتيال شقيق أسامة حمدان في صيدا «كشفت الخطة»
زعمت دوائر أمنية إسرائيل أن حركة «حماس» الفلسطينية كانت تخطط لإقامة قاعدة صواريخ في جنوب لبنان، لاستخدامها في حال نشوب حرب جديدة على قطاع غزة، بهدف استدراج رد إسرائيلي في لبنان يخفف الضغط عن القطاع.
وبحسب مصادر أمنية في تل أبيب، فإن الكشف عن الخطة جرى في 14 يناير (كانون الثاني) الماضي، إثر محاولة لاغتيال محمد أبو حمزة حمدان، شقيق ممثل «حماس» في لبنان أسامة حمدان، بتفجير سيارته في مدينة صيدا جنوب لبنان.
وتحطمت سيارة حمدان وتضررت منازل في محيطها من شدة الانفجار، لكن حمدان تمكن من فتح الباب والقفز إلى خارج السيارة فنجا بحياته، وإن اضطر الأطباء إلى بتر ساقه. وساد وقتها إجماع على أن إسرائيل هي التي تقف وراء العملية، أولاً بسبب طريقة التنفيذ وثانياً بسبب تحليق طائرات سلاح الجو الإسرائيلي في أجواء صيدا وقت الانفجار.
وعلى أثر تحقيق أجراه «حزب الله» في الحادث، تبين، وفقاً لوسائل الإعلام التابعة للحزب في حينه، أن محمد حمدان «تبوأ أخيرا منصباً كبيراً مهمّاً في حماس»، وأنه «كان ملاحقاً من إسرائيل». وفي ذلك الوقت، وبعد بضعة أيام من محاولة الاغتيال، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أن «حماس» التي لا تريد مهاجمة إسرائيل من غزة، تجد صعوبة في العمل من الضفة الغربية، ولذلك تسعى «لإقامة خط مواجهة جديد» في جنوب لبنان.
وعلى هذه الخلفية، قدرت مصادر استخباراتية غربية ولبنانية أن حمدان كان المسؤول عن هذه الخطة ومن قرر اغتياله أراد تشويش مساعيه. وسميت الخطة في إسرائيل «جبهة حماس الشمالية».
وكان رئيس المخابرات الإسرائيلية العامة نداف ارغمان كشف العام الماضي أمام الوزراء في جلسة الحكومة عن «خطة تعد حماس لتنفيذها في لبنان، هدفها إقامة بؤرة استحكام». وفي مركز الخطة المزعومة «محاولة تخزين كمية كبيرة من الصواريخ» وإطلاقها في «يوم الأمر» باتجاه إسرائيل، أي إذا اندلعت حرب أخرى بين إسرائيل و«حماس» في غزة، لتحدي إسرائيل بفتح جبهة ثانية في لبنان، وإجبار «حزب الله» على دخول الحرب.
وحسب مصادر في استخبارات غربية فقد أقامت الحركة الفلسطينية «بنيتها التحتية في جنوب لبنان من دون علم (حزب الله)، وبذلت جهوداً كبيرة لإخفائها عنه»، مستفيدة من مخيمات اللاجئين الكبيرة في صور وصيدا. ومع ذلك «نجحت حماس في تضليل (حزب الله) وإخفاء خطواتها عنه. ولم تنكشف إلا في أعقاب محاولة اغتيال حمدان. ففي أعقاب الانفجار، شرع جهاز الأمن الداخلي في (حزب الله) بالتحقيق، ومع أنه توصل إلى الاستنتاج بأن إسرائيل تقف خلف محاولة الاغتيال، اكتشف خطة حماس السرية».
وتشير المصادر إلى أن «(حزب الله) لم يحب ما حصل من تحت أنفه، وفهموا في التنظيم أن الهدف النهائي لحماس كان جرهم إلى حرب ضد إسرائيل».
ويقول الإسرائيليون إنه «بعد كشف (حزب الله) لعبة حماس المزدوجة، جرت محادثات قاسية وشديدة بين الطرفين». وأوضح قادة الحزب، بمن فيهم أمينه العام حسن نصر الله، لزعماء «حماس» أنهم «لن يحتملوا مساساً آخر بمكانتهم، وأن كل خطة عمل ضد إسرائيل من لبنان يجب أن تلقى مصادقتهم مسبقاً».
وأطلع «حزب الله»، بحسب المصادر الإسرائيلية، قائد «فيلق القدس» الإيراني المسؤول عن العمليات الخارجية لـ«الحرس الثوري» الجنرال قاسم سليماني، على المحادثات التي أجراها مع «حماس». ومنذ ذلك الحين «تحاول الأطراف الثلاثة المصالحة وإعادة التعاون إلى المستوى الذي كان عليه من قبل، بل وتعميقه».
يُذكر أن التحقيق في محاولة الاغتيال توصل إلى نتيجة مفادها أن ضابطين إسرائيليين، رجلاً وامرأة، نفذا العملية. وزرعت المرأة العبوة الناسفة في سيارة حمدان، فيما شغلها الرجل، قبل مغادرتهما لبنان بجوازات سفر أجنبية. وكشفت الاستخبارات اللبنانية صورهما ووثائقهما.
وبين الجهود التي بذلها اللبنانيون كانت أيضاً محاولات للكشف عن العملاء المحليين الذين تعاونوا مع الإسرائيليين. وأحدهم هو محمد ح. الذي فر إلى تركيا بعد محاولة التصفية، واعتقلته قوات الأمن هناك، بعد اتصالات بين مسؤولين في البلدين. كما ظهر في التحقيق عميل آخر هو محمد ب. الذي كان عميلاً للاستخبارات الإسرائيلية لخمس سنوات، ولاحق حمدان سبعة أشهر، واستأجر مخزناً قرب منزله ونصب كاميرات لمتابعة نشاطاته، قبل أن يرافق الضابطة الإسرائيلية إلى مطار بيروت عشية العملية، لتواصل رحلتها إلى قطر ومنها إلى مقصد غير معروف، ثم ينتظر مع زميلها الإسرائيلي بجوار سيارة حمدان كي يشغلا العبوة.