IMLebanon

لبنان يتحضّر لـ«باريس ـ 4» وسط مخاوف من محاولة إفشاله

لبنان يتحضّر لـ«باريس ـ 4» وسط مخاوف من محاولة إفشاله

على خلفية تحذير «حزب الله» من إغراق البلد في الديون

 

يشكّل مؤتمر «باريس – 4» أو ما بات يعرف بـ«سيدر-1» الذي ينعقد يوم الجمعة المقبل في العاصمة الفرنسية باريس، الاختبار الأهم للدولة اللبنانية وقدرتها على تحقيق الإصلاحات المالية والإدارية المطلوبة ومحاربة الفساد لقاء حصولها على دعم دولي يمكنها من مواجهة الأزمات الاقتصادية والمالية، وتحقيق نموّ كفيل بمعالجة الركود وارتفاع نسبة الدين العام، لكنّ البرنامج الطموح دونه معوقات داخلية ومخاوف تسبق انعقاده، وفي الخطاب الأخير لأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، برز تحذير من الأبعاد السياسية والمالية للمؤتمر، ورأى فيه «مجرّد إغراق لبنان في الديون، ورهن قراره للخارج»، وهو الأمر الذي يهدد بإفشال نتائجه، كما أفشل الفريق نفسه نتائج مؤتمرات «باريس – 1 و2 و3» على مدى عقدين.

ويستعدّ رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري وفريق عمله الوزاري والإداري، للتوجه إلى باريس يوم الخميس المقبل للمشاركة في «سيدر-1»، الذي ينعقد في العاصمة الفرنسية برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبحضور ممثلي دول عربية وغربية بالإضافة إلى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والصناديق العربية. وكشف نديم الملا مستشار الرئيس الحريري لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «ذاهب إلى المؤتمر الذي سيكون عبارة عن تظاهرة دولية داعمة للبنان، ببرنامج استثماري يمتد لعشر سنوات ومقسم على مرحلتين»، مشيراً إلى أن «القطاع الخاص اللبناني والعربي والأجنبي سيكون له دور أساسي فيه، عبر استثمارات في البنى التحتية مثل شبكات الكهرباء والطرقات وغيرها من المشاريع المنتجة».

لكن المراقبين خففوا من وهج الأجواء التفاؤلية التي تسبق المؤتمر، متخوّفين من نتائج قد تكون أقلّ بكثير من الطموحات. وإذ شدد الخبير المالي والاقتصادي غازي وزنة على أهمية المؤتمر، حذّر من البرنامج الاستثماري الكبير والفضفاض. وكشف لـ«الشرق الأوسط»، أن الحكومة «ذاهبة إلى المؤتمر ببرنامج كبير وطموح وتفاؤلي، لكنّه فضفاض للغاية لأنه يتضمّن 250 مشروعاً بكلفة 23 مليار دولار، مقسّم على 12 عاماً وينفّذ على ثلاث مراحل». وتوقّع أن «لا تتعدى المساهمة الدولية عتبة الـ6 مليارات دولار، 90 في المائة منها ستكون قروضاً ميسرة وبعيدة الأمد، و10 في المائة منها عبارة عن منح وهبات». وقال إن «البنك الدولي أعلن صراحة أن على لبنان قروض منه ومن الصناديق العربية بقيمة ملياري دولار، وبالتالي فإن البنك الدولي هو من سيحدد أولويات المشاريع اللبنانية ويتكفّل تمويلها».

ولا يزال الاقتصاد اللبناني يتأثر إلى حدّ كبير بالتجاذبات السياسية والاختلاف حول مقاربة الأطراف لمعالجة الأزمات المالية وزيادة الدين والتضخّم المالي، ولفت غازي وزنة إلى أن «هدف الحكومة من هذا البرنامج، الحصول على قروض خارجية تحفّز الاقتصاد اللبناني وتعزز النمو والاقتصاد والاستقرار النقدي، وترفع من مستوى توفير فرص العمل للشباب اللبناني». لكنّه لفت إلى أن تحقيق هذا البرنامج «يفرض على لبنان الذهاب إلى المؤتمر برؤية أكثر واقعية، لا تتعدى الـ8 مليارات دولار، وتكون أولويتها واضحة، بدءاً من معالجة أزمة الكهرباء والمياه والنفايات والطرقات، وببرنامج يقبله المشاركون في المؤتمر ويوافقون على تحقيقه».

هذه المقاربة، اختلف مع جزء منها مستشار الحريري نديم الملا، الذي أوضح أن «كلفة المرحلة الأولى للمشاريع تقدّر بعشرة مليارات دولار، ينتظر أن يساهم القطاع الخاص اللبناني والعربي والأجنبي بنحو 3 أو 4 مليارات، فيما سيطلب لبنان من المشاركين في المؤتمر تأمين الـ6 مليارات دولار المتبقية». ولفت إلى أن «الكلفة الإجمالية للمشاريع تقدّر بـ17 مليار دولار، ونحن ذاهبون لتمويل المرحلة الأولى فقط، ومتفائلون باستجابة المجتمع الدولي لرؤيتنا». وأضاف أن هذه المشاريع مدروسة بدقة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، «الذي سيعطي شهادة للبنان بأنه ماضٍ في إصلاحاته المالية، وضبط الدين العام مقابل تعزيز النمو».

وعزز كلام نصر الله الأخير المخاوف من عرقلة نتائج «سيدر – 1»، خصوصاً لجهة تحذيره من أن المؤتمر «سيغرق لبنان بمزيد من القروض، ويجعل سقف الدين العام يتجاوز الـ100 مليار دولا، وبالتالي يجعل لبنان مرتهناً للجهات الدولية المشاركة في المؤتمر»، ما يفسّر أن تؤدي هذه المعارضة إلى الإطاحة بنتائج المؤتمر، خصوصا أن «حزب الله» كان له دور أساسي في إفشال المشاريع الإصلاحية التي لحظتها مؤتمرات باريس السابقة. وهنا ذكّر نديم الملا بأن هذا البرنامج «وافقت عليه الحكومة اللبنانية بالإجماع، وبحضور وزراء حزب الله» الذين لم يعترضوا على أي من بنود البرنامج». وقال «إذا كان السيد نصر الله يرفض هذا المؤتمر، فليقدم البديل وليقل لنا كيف سيحلّ المشاكل الاقتصادية؟ وهل لدية حلّ أفضل لزيادة الاستثمارات في لبنان؟ وما هي الخيارات القادر على تقديمها؟»، مؤكداً أن «الحكومة اللبنانية هي المسؤولة عن إدارة البلد ومن لديه ملاحظات أو اعتراضات، عليه أن يناقشها داخل الحكومة».

من جهته، ورأى غازي وزنة أن تحذير نصرالله من نتائج المؤتمر، مردّه إلى «المشاريع العشوائية الواردة في برنامج الحكومة، والخوف من أن يكون جزءاً كبيراً منها غير منتج». لكنه لفت إلى «أهمية المشاركة الأوروبية في المؤتمر، والتي تعوّل على القطاع الخاص ودوره الناجح في تنفيذ المشاريع الواعدة والمنتجة».