IMLebanon

سباق وزاري في لبنان على «الشؤون الاجتماعية» من باب قضية اللاجئين

سباق وزاري في لبنان على «الشؤون الاجتماعية» من باب قضية اللاجئين
«القوات» يحذّر من استغلالها للتطبيع مع النظام السوري

بيروت: كارولين عاكوم
في خضمّ السباق الوزاري لتأليف الحكومة، عادت قضية اللاجئين إلى الواجهة من باب «وزارة الشؤون الاجتماعية» التي تعد الوصيّ الأساس على هذا الملف، والتي يتولاها الوزير بيار أبو عاصي المحسوب على حزب القوات اللبنانية، علماً بأن إنشاء وزارة لشؤون النازحين وتعيين الوزير معين المرعبي المحسوب على «تيار المستقبل» على رأسها في الحكومة الحالية، كان قد أدّى إلى تضارب في الصلاحيات بين الوزارتين.
وبعدما كان رئيس الجمهورية ميشال عون قد لوّح باللجوء إلى حلّ لمشكلة النازحين السوريين في لبنان، بمعزل عن رأي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، أعلن رئيس «التيار الوطني الحر» ووزير الخارجية، جبران باسيل من بروكسل، أول من أمس، «أن وزارة الشؤون الاجتماعية «يجب ألا تُعطى هذه المرة إلا لمن يلتزم سياسة واضحة في ملف النازحين»، فيما بدا تصويباً على «القوات» عبر اتهام وزيرها بالتقصير، مؤكداً في الوقت عينه أن لبنان سيعتمد سياسة جديدة في التعاطي مع هذه القضية، بموازاة انتقاد السياسة المحلية والدولية المتبعة في قضيتهم.
وفي حين تضع مصادر «القوات» هذه الحملة من باب الردّ على انتقاد الأخيرة لـ«التيار» على سياسته في وزارة الطاقة، محذّرة من محاولة التطبيع مع النظام السوري لعودة النازحين عبر «الشؤون»، وهو الموضوع الذي كان موضع خلاف بين الأطراف اللبنانية، اتهم النائب في «الوطني الحر» حكمت ديب، الوزير أبو عاصي «بعدم اتخاذ أي موقف من هذا الملف وعدم الدفاع عن لبنان ومصلحته العليا». وبرّر رفض «التيار» منح «القوات» وزارة الشؤون، بالقول لـ«وكالة الأنباء المركزية»: «نريد تصحيح الأداء لأن هناك أموراً لا تجوز أن تبقى على حالها، لأنها تحمل ضرراً وطنياً يشمل الجميع».
من جهته، ومع تشديده على أن الحديث حول توزيع الوزارات سابق لأوانه، أكد النائب المنتخب في «التيار» سليم عون، ضرورة وضع سياسة واضحة للتعامل مع هذه القضية في وزارة الشؤون على غرار كل القضايا المتعلقة بكل الوزارات، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»: «هناك سلّة متكاملة في ما يتعلّق بالحكومة والوزارات يجب أن تكون واضحة في كل القضايا على أن يتم الالتزام بها، مع تأكيدنا أن أي فريق لا يمكن أن ينفّذ أي خطة ما لم تكن تحظى بموافقة الحكومة ككل».
وقالت مصادر «القوات» لـ«الشرق الأوسط»: «نؤكد أن القرار في هذه القضية لبنانيّ سياديّ مع تأييدنا لمبدأ عودة اللاجئين، إنما بشرط إبعاد القضية عن التسييس وعن محاولة البعض استغلالها للتطبيع مع النظام السوري»، مضيفة: «الكل يعلم أن الخلاف حول هذه القضية في الحكومة كان بين فريق يتجه نحو التطبيع وفريق يحاول معالجة الموضوع بما يضمن أمن النازحين وسلامتهم، وهو ما حال دون اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن. ورغم ذلك عمل «القوات» والوزير أبو عاصي على تقديم ورقة وخطة لعودتهم عبر التمييز بين الموالين الذين تمكنهم العودة إلى المناطق الخاضعة للنظام وبين المعارضين الذين تمكنهم العودة عبر الأردن وتركيا إلى المناطق الأخرى، وبالتالي فإن الحملة ضد عمل الوزير أبو عاصي هي محاولة للنيل من «القوات اللبنانية» ووزرائه.
وأمس، جدّد رئيس «القوات» سمير جعجع رفض إبقاء النازحين السوريين في لبنان، ولو مرحلياً، مؤكداً أن أول مهمة ستكون أمام الحكومة الجديدة هي وضع خطة واضحة لعودتهم إلى كل المناطق السورية التي أصبحت خارج إطار الصراع المسلح، وأكد «أن علاقة لبنان والأراضي اللبنانية وما يجري عليها، هو قرار سيادي لبناني خالص، مع الأخذ بالاعتبار كل تزامات لبنان خصوصاً على مستوى شرعية حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية الأخرى».
من جهته، انتقد «الحزب التقدمي الاشتراكي» كلمة باسيل في مؤتمر حماية الأقليات في بروكسل، واعتبر عضو مجلس القيادة في الحزب بهاء أبو كروم، «أنه كان حَرياً بوزير الخارجية عندما يمثل لبنان في المؤتمرات الدولية أن يتحدث باسم الحكومة اللبنانية جامعة، وأن يأخذ من روحية بيانها الوزاري والسياسات الحكومية المتوافق عليها، وليس بالضرورة أن يطرح إشكاليات وجودية تعكس وجهة نظر فريقه السياسي وتعاكس المناخ العام الذي تكون في لبنان بعد اتفاق الطائف». وحذّر «من سياسة التحريض الدائم على النازحين واللاجئين التي يقوم بها وزير الخارجية»، معتبراً أنها تخفي نيات مبيّتة تمهد لإجراءات «قسرية» بحقهم وإلحاق الضرر بكرامتهم وسلامتهم الشخصية، بما يتناقض مع كل الشرائع والقوانين والحقوق الإنسانية، داعياً «الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها انطلاقاً من قواعد التوافق الوطني التي تشكلت حول هذا الملف».
كانت توصيات مؤتمر حماية الأقليات الذي عُقد في بروكسل، أول من أمس، لافتةً إلى جهة التعاطي مع النازحين، بحيث دعت كي تكون عودة النازحين واللاجئين الآمنة إلى بلادهم من الأولويات الأساسية للمجتمع الدولي والدول المعنية. وأتى هذا المؤتمر بعد أسابيع على مؤتمر بروكسل حول اللاجئين السوريين، الذي استدعى بيانه ردود فعل مستنكرة وبشكل أساسي من قبل الرئيس عون وباسيل الذي انتقد الوزراء المشاركين فيه برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، لعدم اعتراضهم على البيان الختامي الذي ربط العودة بالحل السياسي في سوريا وتحدث عن حرية البقاء أو المغادرة، مطالباً كذلك بتسهيل الإقامة والحركة والعمل.