لبنان يتحدى الأمم المتحدة وأوروبا ويهدد بـ«خطة» لإعادة النازحين
عون: نصف السكان من السوريين والفلسطينيين
بيروت: نذير رضا
أطلق لبنان خطة عمل تصعيدية لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، تشمل المستويات السياسية والتنفيذية، وتتبع نظام العمل «التدريجي» لكن «بمقاربة إنسانية»، وسط تصعيد رسمي تجاه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومفوضية اللاجئين؛ إذ قالت مصادر رسمية، إن هناك «تحفظاً» من الإجراءات التي تتبعها المفوضية وتؤدي إلى تخويفهم من العودة إلى بلادهم، وهو ما سيدفع وفداً من وزارة الخارجية لزيارة عرسال اليوم لتقصي الحقائق.
وصعّد الرئيس اللبناني العماد ميشال عون أمس من لهجته تجاه المجتمع الدولي، متهماً الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بـ«الممانعة في عودة النازحين». ودعا عون دول الاتحاد الأوروبي إلى «مساعدة لبنان من خلال إقناع الدول الأوروبية بالعمل لتحقيق عودة النازحين السوريين إلى بلدهم، والحد من الخسائر الكبيرة التي أصابت لبنان اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً نتيجة استمرار بقائهم على أراضيه».
وأشار عون خلال استقباله رئيس حزب «التحالف من أجل السلام والحرية» روبيرتو فيوري مع وفد برلماني أوروبي، إلى أن «هذه الأزمة طال أمدها، وزادت من معاناة لبنان الاقتصادية، وفي حال تطورت واستفحلت، فقد يندفع النازحون نحو أوروبا. لذلك، لا بد من حل لهذه المشكلة يكون من خلال عودة النازحين إلى سوريا التي قمتم بزيارتها وعاينتم وجود الكثير من المناطق الآمنة فيها، إلا أن قرارات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي أخيراً أثارت استغرابنا بسبب الممانعة في عودة النازحين وربطها بإرساء حل سياسي قد يطول أمده. وهناك أمثلة كثيرة تؤيد هذا الكلام، ومنها التجربة القبرصية، والقضية الفلسطينية التي لا يزال لبنان يعاني من تداعياتها، حيث يستقبل على أرضه منذ 70 عاماً عدداً كبيراً من اللاجئين الفلسطينيين».
وقال عون، إن نتائج الحرب السورية «انعكست عبئاً على لبنان، خصوصاً من خلال النزوح السوري الكثيف الذي بات يشكل مع اللاجئين الفلسطينيين، نسبة 50 في المائة من عدد السكان في لبنان، وأدى إلى تضخم هائل للكثافة السكانية، في حين يعاني لبنان من مساحة جغرافية صغيرة وموارد متواضعة».
وأطلق لبنان الخطة التصعيدية بعد أكثر من عامين من المطالبة بإعادة النازحين، وفشل استئناف الخطة التي انطلقت في الصيف الماضي لإعادة النازحين عبر وسيط سوري، وفي ظل تراجع أعداد اللاجئين التي خرجت من لبنان إلى توطين ثالث وتضاؤلها وتناقصها سنوياً.
وكشف مدير الشؤون السياسية والقنصلية في الخارجية اللبنانية، السفير غادي الخوري، عن أن لبنان «وضع خطة عمل جدية تنفذ تدريجياً بسقف مرتفع جداً، وتراعي المعايير الإنسانية وسلامة اللاجئين وأمانهم بالكامل، لحل معضلة اللاجئين»، مشيراً إلى أن مفوضية اللاجئين إذا لم تتحرك خلال 15 يوماً «فإن الدولة اللبنانية ستبدأ تنفيذ خطتها على مراحل».
وأكد الخوري لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان لم يقفل باب التعاون و«نحن مستعدون للتعاون شرط أن تكون النتيجة عودة اللاجئين وليس بقاءهم». وقال الخوري إنه أبلغ المفوضية بتحضير خطة العودة، وإلا سيبدأ لبنان في تطبيق خطته.
وكانت المفوضية ردت بأن عملها ينحصر بالشقّ الإنساني فقط، واستعرضت ممثلة مكتب المفوّضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان، ميراي جيرار، جوانب المفاوضات التي تقوم بها مع الجانب السوري لضمان توفير ظروف مواتية لهم من الناحية الإنسانية حين تتوفر شروط العودة.
ونسق لبنان عبر المديرية العامة للأمن العام مع السلطات في دمشق لإعادة النازحين الراغبين بالعودة طوعياً إلى بلادهم، كان آخرها دفعة مؤلفة من نحو 500 شخص خرجت من بلدة شبعا في جنوب شرقي لبنان، إلى بيت جن السورية. وقال الخوري، إن «ممثلين عن مفوضية اللاجئين قابلوا بعض الراغبين بالنزوح، وطرحوا عليهم أسئلة وطالبوهم بالانتباه، وأكدوا لهم أن ظروف الحياة ليست مضمونة»، مشيراً إلى أن أسئلة من هذا النوع «تزيد المخاوف في صفوف النازحين، علماً بأننا لا يمكن أن نرسلهم إلى مناطق غير آمنة ومن غير ضمانات، ونصرّ على عودتهم إلى مناطق توفرت فيها ظروف الأمان، وهو الأمر الذي يتكرر في عرسال أخيراً»، لافتاً إلى أن وفداً من المديرية سيذهب إلى عرسال اليوم الخميس لتقصّي الواقعة.
ويمارس موظفو المفوضية مهمتهم بتقديم شرح وافٍ عن الانتقال وظروف الانتقال؛ منعاً لأن يكون هناك أي إكراه، وهو أمر لا ينكره لبنان بوصفه «وظيفة إنسانية، وهذه مهمتهم». لكن تكرار الأسئلة ونتائجها التي دفعت الكثير من السوريين للتراجع عن العودة، زادت بعض الشكوك، بحسب مسؤولين لبنانيين.
من جهة أخرى، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، أمس، بأن لبنان أبدى تحفظاً على سياسة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة تجاه هذا الملف؛ إذ «تعمد المفوضية على تسجيل أسماء الراغبين بالعودة بعد لقاء الأب والأم والبالغين من كل عائلة، وتوجيه سلسلة أسئلة إليهم تثير ريبتهم وتدفعهم إلى عدم العودة»، بحسب ما ذكرت الوكالة. وقالت الوكالة، إنه «بعد طرح الأسئلة على النازح الراغب بالعودة، تغيّر الغالبية رأيها»، لافتة إلى أن «النازحين شعروا بأن المسؤولين في المفوضية لا يريدون أن يعود النازحون إلى سوريا، كما أنهم ليسوا ضد عودتهم، وهي تعمل بأسلوب أممي حول تأمين حقوق النازح لدى عودته، لكن الطريقة المستعملة لن تحرك أي نازح من لبنان».