IMLebanon

«عوائق مادية وقانونية» تمنع عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم

«عوائق مادية وقانونية» تمنع عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم

عون تمنى على مفوضية الأمم المتحدة أن تقدم المساعدات لهم في بلداتهم وقراهم

أطلع رئيس مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي المسؤولين اللبنانيين أمس على حصيلة زيارته إلى دمشق فيما يتعلق بعودة اللاجئين السوريين، وسط إشارات إيجابية على رغبة بعودتهم بعد سبع سنوات من الحرب وتحسن بعض الظروف، رغم وجود عقبات مادية، وأخرى مرتبطة بأمور قانونية.

ولم تصل زيارة المسؤول الدولي إلى بيروت أمس إلى مستوى منح الغطاء لمبادرات عودة النازحين التي يعيقها عدم وجود مقومات الحياة للعائدين، فضلاً عن الأمور القانونية لبعضهم، وذلك في إشارته إلى «الحذر» من «أي حلول متسرعة لكي لا يكون لها نتائج عكسية». وقالت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» إن غراندي أضفى جواً إيجابياً، وأكد رغبة المفوضية بعودة السوريين.

وطالب الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، رئيس المفوضية بأن تضطلع المفوضية بدور أكبر في تسهيل العودة الآمنة للنازحين السوريين في لبنان إلى بلادهم، خصوصا إلى المناطق السورية التي باتت مستقرة حسب تأكيدات المعنيين بالوضع في سوريا، ومنهم مفوضية شؤون اللاجئين التي أظهر مسح أجرته أن هناك 735.500 سوري في لبنان كانوا نزحوا من مناطق سورية باتت آمنة، بينهم 414250 في مناطق يسيطر عليها جيش النظام، و102750 في مناطق تحت إشراف التحالف الدولي والقوى الكردية، و218500 في مناطق فيها وجود تركي.

وأشار عون خلال لقائه غراندي إلى أن لبنان سيواصل تنظيم العودة المتدرجة للنازحين الراغبين في ذلك، متمنيا على المنظمات الدولية أن تقدم المساعدات للعائدين في بلداتهم وقراهم، أو الأماكن الآمنة داخل سوريا التي سيحلون فيها.

وفيما نفى رئيس الجمهورية أن تكون السلطات اللبنانية المعنية مارست أي ضغوط لإعادة مجموعات النازحين، أشار إلى أن هذه العودة كانت بملء إرادتهم إلى المناطق الآمنة في سوريا. وعبّر الرئيس عون عن قلق لبنان من أي ربط بين عودة النازحين والحل السياسي للأزمة السورية، داعيا إلى الفصل كليا بين الأمرين. كما جدد التأكيد على أن لبنان أيّد المبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين وهو يتابع مع المعنيين درس التفاصيل العملية التي تحقق العودة الآمنة «لأنه باستثناء الأوضاع الأمنية التي تمسّ حياة النازحين، فإنه لا يجوز أن يكون هناك أي عائق أمام رجوعهم إلى بلادهم ليعودوا تدريجا إلى حياتهم الطبيعية ويساهموا في إعادة أعمار بلدهم».

وكان غراندي أطلع الرئيس عون، في حضور ممثلة المفوضية في لبنان السيدة ميراي جيرار والوفد المرافق، على نتائج زيارته إلى سوريا والمحادثات التي أجراها مع المسؤولين السوريين والتي تناولت الأوضاع العامة والمساعدات التي تقدمها المفوضية للسوريين الذين اضطروا إلى الانتقال من أماكن سكنهم الأصلية إلى مناطق أكثر أمناً. وعرض المسؤول الدولي عمل المفوضية في لبنان معبرا عن تفهمه لموقف رئيس الجمهورية من موضوع العودة الآمنة للنازحين السوريين، شارحا موقف المفوضية من هذه العودة.

وبعد لقائه عون، التقى غراندي رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وقال غراندي: «مع تطور الوضع في سوريا من المهم التفكير فيما يحصل لمستقبل الوضع هناك، وكررت للرئيس الحريري أن أفضل حل للاجئين السوريين في المنطقة، البالغ عددهم خمسة ملايين، هو تأمين عودة آمنة وكريمة لهم إلى بلدهم». وأضاف غراندي: «الوضع كان سيئا جدا خلال السنوات الماضية في سوريا، لكننا نحاول معرفة مخاوف الناس فيما يتعلق بموضوع العودة أو عدمها. لقد ناقشنا بصراحة كبيرة مع الحكومة السورية كيفية التعامل مع بعض العقبات، وبعضها مادي وبعضها الآخر مرتبط بأمور قانونية». وتعهد غراندي بأنه «سوف يستمر تعاوننا مع لبنان، وندرك أن هناك عناصر جديدة دخلت على المناقشات، على سبيل المثال خطط روسيا التي من المهم جدا مناقشتها لأنها تلعب دورا مهما في سوريا في الوقت الراهن. لذلك يجب أن نناقش معها الأمر أيضا». وأشار إلى لقائه «مع الجهات الروسية في دمشق وجنيف ولدينا حوار وثيق معها وهي تلعب دورا مهما، كما أمل في أن يستمر المانحون بتقديم دعمهم للبنان وللأردن، الذي زرته منذ بضعة أيام، وتركيا أيضا، لذلك نحتاج إلى دعم الدول المانحة للاستمرار في دعم الدول المضيفة التي تستقبل عددا كبيرا من اللاجئين منذ سنوات كثيرة وبكلفة باهظة».

وإذ أمل غراندي في أن «نجد حلولاً»، قال: «نحن حذرون للغاية من أي حلول متسرعة لكي لا يكون لها نتائج عكسية، ولدينا مخاوف كبيرة كما سمعتم من الأمين العام للأمم المتحدة وغيره، الذين يعربون عن قلقهم من الوضع في إدلب»، لافتاً إلى أن «الوضع صعب ومعقد جدا وهو وضع مقلق للجميع بما فيهم لبنان».

وأوضح وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال معين المرعبي أن المسؤولين الأمميين «يستشفون الظروف إذا كانت ملائمة لعودة اللاجئين». وشدد على أن «ما تعمل عليه المفوضية هو محاولة إيجاد أفضل الحلول والظروف للاجئين، وأفضلها العودة إلى بلادهم».

واعتبر المرعبي الذي شارك في اجتماع الحريري مع غراندي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «أي مبادرة بحاجة لظروف أمنية ومعيشية تسمح بعودة اللاجئ»، لافتاً إلى أن الروس «عبروا بطريقة جيدة عن الحاجة لإعادة بناء البنى التحتية والمنازل». وقال: «من كلام الروس الواضح فإن الموضوع يحتاج إلى وقت وشغل وتمويل ودعم من جميع دول العالم، والجميع يحاول أن يرى كيف يساعد حسب إمكانياته».

وإذ أشار إلى أن جميع المعنيين بإعادة النازحين «يحاولون المساعدة على خلق الظروف المناسبة ضمن إمكانياتهم»، قال إن العقبة تتمثل في أن الراغبين بالعودة «لا وجود لمقومات الحياة لهم في بلادهم»، لافتاً إلى أن بطء المبادرة الروسية ومبادرات الأحزاب اللبنانية الموالية للنظام السوري مثل «حزب الله» يعود إلى أنه «لا مقومات حياة للعائدين في ظل دمار هائل طال المنازل». كما أشار إلى عقبة أخرى طالت المبادرات غير الرسمية من الأحزاب الموالية لدمشق وطهران تتمثل في أن النظام نفسه «وضع فيتو على عودة بعض العائلات وأبلغهم برفض عودتها، وهو ما دفع تلك العائلات للتواصل معنا طالبة المساعدة في إيجاد موطن ثالث لهم».