سمير جعجع: نصرّ على مشاركة كاملة في الحكومة
رفض التطبيع مع النظام السوري وطالب «حزب الله» بالعودة إلى الوطن
أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أمس، إصراره على المشاركة في الحكومة، مشدداً على رفضه «أن يأخذ منا أي أحد ما أعطانا إياه الشعب».
وجاءت مواقف جعجع خلال كلمة ألقاها في قداس «شهداء المقاومة اللبنانية»، حيث تطرق للشأن الحكومي، وقال: «إننا أصبحنا مفخرة الوزارات، لهذا السبب هناك بعض، في الداخل والخارج، خائف وخائف جداً». وقال: «لم يسقط شهداؤنا في أي يوم من الأيام، من أجل حكومة أو من أجل وزير (بالطالع أو بالنازل)، لذلك نحن اليوم نصرّ على مشاركة كاملة في الحكومة من أجل المحافظة على الدولة وانتشالها من الجورة التي يضعها البعض فيها بفساده وانعدام تخطيطه واستغلاله لكل ما في الدولة». وأضاف: «تدخل القوّات الحكومة من أجل ملء الفراغ الذي تسبب به البعض بممارستهم في الدولة»، لافتاً إلى أن المسألة «جوهريّة إلى هذا الحد وليست أبدا مسألة محاصصة أو مراكز أو حقائب».
وإذ أكد أن الانتخابات النيابيّة الأخيرة «أثبتت بالدليل العلمي الملموس وبالأرقام وبشكل لا يقبل الجدل، أن القوّات وحدها ثلث المجتمع»، قال: «من المؤكد يجب أن يتم ترجمة ذلك في الحكومة، ولن نقبل بأن يأخذ منا أي أحد ما أعطانا إياه الشعب». وقال إن الإصلاح يبدأ من ملف الكهرباء، وبعدها معالجة «التهرّب الضريبي» الذي تقدّر قيمته بنحو مليار دولار سنوياً.
وحيّد جعجع التباين مع «التيار الوطني الحر» عن العلاقة مع الرئيس عون، مصوباً على رئيس التيار الوزير جبران باسيل، إذ أكد «إننا من الداعمين الأساسيين للرئيس عون وموقع رئاسة الجمهوريّة والعهد»، لافتاً إلى «إننا مساهمون رئيسيون في هذا العهد وبإيصال رئيسه إلى قصر بعبدا، لذلك نعتبر أنفسنا شركاء فيه ومعنيين بإنجاحه وبإنجازاته التي من أبرزها حتى الساعة هو قانون الانتخاب الجديد». وقال: «نحن معنيون جداً بتثبيت مفهوم (الرئيس القوي)، الضروري جداً من أجل التوازن الوطني، وكي نتمكن من ذلك يهمّنا أن يكون الرئيس ناجحاً ورئيس إدارة حلول لا إدارة أزمات وليس أن تستمر في عهده الأمور على ما كانت عليه قبله».
وقال جعجع: «ليس هناك أي مبرّر للتأخر في تأليف الحكومة سوى العرقلة التي للأسف يقوم بها من يفترض بهم أن يكونوا الأكثر اهتماماً بنجاح العهد»، نافياً أن تكون هناك «عوامل خارجيّة تعرقل التشكيل» أو «معادلات طائفيّة متعثرة»، كما نفى «أن هناك حرب صلاحيات دائرة» بالنظر إلى أن «اتفاق الطائف» قام بتحديد الصلاحيات وجميعنا وفي طليعتنا الرئيس ميشال عون، نعترف بـ«الطائف» ونتمسك به. وقال جعجع: «الصحيح الوحيد هو أن البعض متمترس بالعهد ويحاول من جهة تقليص تمثيل القوّات وغيرها، ومن جهة ثانية وضع يده على أكبر عدد ممكن من الوزارات بشكل غير منطقي، غير واقعي وغير مقبول من أحد، وهذا كلّه بحجة حصّة الرئيس». واعتبر «أن التصرفات المماثلة هي التي تضرب العهد وتقوم بعرقلته».
وأضاف أن «هذا البعض، عن دراية أو عدم دراية، يضرب جوهر التسوية الرئاسيّة التي قام عليها هذا العهد في الأساس، بدءاً من ركيزة أساسيّة لهذا العهد ألا وهي القوّات اللبنانيّة، إن لم أتكلم عن غيرها، وكل ذلك في سبيل بعض المصالح الجزئيّة الصغيرة». وأكد «إننا ننظر إلى هذا العهد كعهد التحولات والإنجازات الكبيرة، وللأسف البعض يدفع به ليكون عهد المصالح الضيقة الصغرى».
وطالب جعجع الرئيس عون «بالمبادرة إلى إنقاذ عهده بيده، بدءاً من تأليف الحكومة الجديدة، فجل ما هو مطلوب منه أن يشهد للحق ويلجم طمع البعض وينقذ التسوية الرئاسية الكبرى المهددة فعلاً في الوقت الراهن».
وتطرق جعجع إلى ملف «المصالحة المسيحية»، معلناً تمسكه باتفاق معراب، قائلاً: «تفاهم معراب إنجاز تاريخي، لا يمكن لنا أن ننظر إليه من زاوية ضيّقة أو صغيرة، ولا يمكن أن نفهمه بشكل صحيح إلا إذا قمنا بتقييمه من منظار واسع».
كما توجّه جعجع برسالة إلى «حزب الله»، قائلاً: «ماذا ينفع الإنسان لو ربح المعارك كلّها وخسر وطنه؟ نحن لدينا قضيّة واحدة لا ثاني لها وهي أن نهتم بلبنان وننهض به من أجل أن يصبح في مصاف أرقى دول العالم فيصبح اللبناني مرتاحاً في بلده، فخوراً بهويته وبجواز سفره، وليس كما هو الوضع الراهن اليوم. لذلك عودوا إلى لبنان، عودوا إليه بكل المعاني وعلى جميع المستويات. عودوا إلى لبنان ونحن جميعاً في انتظاركم».
وعن الدعوات للتطبيع مع سوريا، قال إنه ليس هناك دولة شرعية في سوريا ممثلة في جامعة الدول العربية وتقيم علاقات دبلوماسية مع الأكثرية الساحقة من دول العالم، مؤيدا في الوقت نفسه التنسيق العملاني في الملفات اليومية عبر الأمن العام اللبناني، كما أعلن تأييده السياسة التي يتبعها رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة وسعيهما الدائم مع المراجع الدوليّة المعنيّة من أجل إعادة النازحين. وقال إن «الجوهر المطروح ليس تطبيع العلاقات لإعادة النازحين السوريين إلى سوريا، التطبيع من أجل عودة النظام السوري إلى لبنان ونخسر بذلك مرتين: مرّة ببقاء النازحين هنا ومرّة ثانيّة بعودة النفوذ السوري لا سمح الله إلى لبنان من جديد». وقال إن «التطبيع مع سوريا أمر طبيعي ومنطقي ويخدم مصالح البلديّة لأبعد حدود»، لكن «علينا انتظار العمليّة السياسيّة الحقيقيّة هناك، انطلاقاً من مؤتمرات (جنيف 1) و(جنيف 2)، والوصول إلى دولة سورية شرعيّة تمثل السوريين فعلاً، وعندها تتوفر ظروف التطبيع وشروطه وتتحقق مصلحة لبنان وسوريا في آن واحد».