نتج عنه تسوية حول القوانين المالية واستعادة الجنسية وتأجيل البحث في «الانتخابات»
نجحت في لبنان الاتصالات المكّثفة التي تولتها شخصيات سياسية لبنانية٬ في إنقاذ الجلسة التشريعية التي دعا لعقدها رئيس مجلس النواب نبيه بّري لإقرار قوانين مالية واقتصادية مهّمة وملّحة٬ وذلك بعد التوصل إلى اتفاق أفضى إلى قبول الكتلتين المسيحيتين الوازنتين وهما «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»
بالمشاركة في الجلسة والتصويت على مشاريع القوانين المقترحة. إلا أن «حزب الكتائب اللبنانية» ظل خارج الاتفاق٬ بسبب اعتراضه على مبدأ التشريع في غياب رئيس الجمهورية.
الحّل٬ كما يبدو٬ رسا على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب»٬ بحيث لمُتكسر إرادة الرئيس بّري عبر المضي في عقد الجلسة من دون أي تأجيل لها٬ مقابل تجنب الكتلتين المسيحيتين الهزيمة عبر التزام كل الكتل بإقرار مشروع قانون استعادة الجنسية للمتحّدرين من أصل لبناني في جلسة اليوم٬ على أن يكون مطلبهم بإقرار قانون الانتخابات النيابية٬ بنًدا أولاً على جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة.
عّبر بوضوح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح»٬ النائب ميشال عون٬ عن هذه الخاتمة٬ بمسارعته إلى الإعلان عن المشاركة في الجلسة التشريعية المقررة اليوم لإقرار القوانين المطروحة٬ خصوصا المتعلقة بالاتفاقات الدولية والقروض. إذ قال عون في تصريح له: «اعتبر أن هذا اليوم نهار سعيد لأن كل الإشكالات التي كانت موجودة في جدول أعمال مجلس النواب قد زالت٬ وصار هناك اتفاق شامل عليها٬ من قانون استعادة الجنسية وتحرير أموال البلديات وقانون الانتخاب وما تبقى أمور تفصيلية».
واللافت أن هذا الاتفاق مّهد له رئيس تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري٬ الذي أكد الالتزام بعدم حضور أي جلسة تشريعية بعد هذه الجلسة لا تكون مخصصة لمناقشة قانون جديد للانتخابات بهدف التوصل إلى صيغة لإقراره٬ وذلك في بيان مشاركة تياره في الجلسة التشريعية المقررة اليوم٬ وهي جلسة مخصصة لإقرار المشاريع المالية التي تتعلق بمصلحة لبنان المالية والاقتصادية وعلاقته بالمجتمع الدولي.
وجاء في موقف الحريري «إن تيار المستقبل سيصّوت على إقرار قانون تحديد شروط استعادة الجنسية اللبنانية كما تخلص إليه اللجنة النيابية العاكفة على وضع نصه النهائي»٬ معتبًرا أن «البلاد تمّر بظروف صعبة ومعقدة تستوجب منا جميًعا كلبنانيين التكاتف والتضامن للعبور بالوطن إلى بر الأمان». ومضيًفا: «لقد كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري من أشد الحريصين على المحافظة على الشراكة الوطنية والعيش المشترك٬ وسبق لتيار المستقبل أن أعلن وفي مختلف الظروف تشبثه بهذه المبادئ وباتفاق الطائف وبالمناصفة». ومن ثم ناشد الحريري النواب في جميع الكتل النيابية حضور الجلسة على الأسس المبينة أعلاه «تكريًسا للشراكة والعيش المشترك».
وعن الترجمة الحقيقية للاتفاق٬ أوضح عضو كتلة «المستقبل» النائب عّمار حوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»٬ أن بيان الحريري «هو الذي أعطى أهمية للتشريع وإقرار القوانين المالية٬ كما أكد على السير بقانون استعادة الجنسية للمتحّدرين من أصل لبناني». وأشار حوري إلى أن الحريري كان واضًحا عندما «أولى قانون الانتخابات الأهمية التي يستحقها٬ وتعّهد بأنه سيكون في أول جلسة مقبلة٬ وهو ما أعاد المطبخ التشريعي إلى عمله».
ولم تختلف قراءة حزب «القوات اللبنانية» عن هذه القراءة٬ إذ أعلن ملحم رياشي٬ رئيس جهاز الإعلام والتواصل في الحزب٬ أن الأمور التي جرى الاتفاق عليها طمأنت الجميع وأزالت العراقيل من أمام الجلسة التشريعية». وتابع رياشي لـ«الشرق الأوسط»٬ موضًحا «هناك عدد من البنود الأساسية التي اتفقنا عليها وهي إقرار قانون استعادة الجنسية٬ وإقرار قانون أموال البلديات٬ بالإضافة إلى القوانين المالية الطارئة». وشدد على أن «ما جرى الاتفاق عليه يراعي الحقوق الطبيعية للمسيحيين»٬ مشيًرا إلى أن «قانون الانتخابات سيكون في أول جلسة تشريعية مقبلة٬ وإلا لن تكون هناك جلسة».
أما رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع٬ فأعلن أن «كتلة المستقبل لن تذهب إلى أي جلسة تشريعية إذا لم يكن قانون الانتخاب مدرًجا٬ وهكذا نكون قد أمّنا أكثرية نيابية للوصول إلى قانون انتخابي جديد». ثم أضاف: «الرئيس الحريري أنقذ الموقف من خلال تفاهم بيننا وبين المستقبل بعد التفاهم بيننا وبين التيار٬ وكان هناك تواصل مع التيار وبقية الكتل حتى نتفاهم على إدراج (استعادة الجنسية) و(قانون الانتخاب) على جدول الأعمال».
من جهة ثانية٬ دعا الأمين العام لحزب الله٬ حسن نصر الله٬ القوى السياسية إلى «البحث عن تسوية سياسية حقيقية٬ والجلوس ثنائًيا أو ثلاثًيا أو رباعًيا لمناقشة موضوع رئاسة الجمهورية٬ ورئيس الحكومة وتركيبة الحكومة وقانون الانتخاب». ودعا نصر الله إلى تسوية سياسية شاملة على مستوى الوطن٬ معتبًرا أن «قانون الانتخاب هو العامل الأساسي في إعادة تكوين السلطة وهو يعني مصير البلد. هناك عدم تحمل مسؤولية في إدارة الأزمة في لبنان والخلاف على موضوع واحد يعني كأن البلد سيفرط».
أخيًرا٬ كان السفير الفرنسي في لبنان إيمانويل بون قد أعلن بعد لقائه الرئيس بّري أنه يحمل رسالة مهمة للبنانيين٬ دعاهم خلالها «إلى مساعدة أصدقائهم لكي يتمكن أصدقاؤهم من مساعدتهم». وأضاف السفير: «من المهم لنا كفرنسيين إقرار الكثير من المشاريع المفيدة للبنان»٬ مشيرا إلى «أهمية أن يتفاهم اللبنانيون على الإجراءات الواجب اتخاذها ليتمكن لبنان في هذه المرحلة الصعبة في العمل وأن تستمر مؤسساته باتخاذ الإجراءات الضرورية وأن يستمر لبنان أيًضا بالاستفادة من مساعدة المجتمع الدولي ومن دعم شركائه الأساسيين»