طالب الرئيس اللبناني ميشال عون الاتحاد الأوروبي بتسهيل عودة النازحين السوريين، لئلا تشتد تداعيات هذا النزوح على الأوضاع في لبنان، ونجبر على اتخاذ خطوات لتنظيم العودة مع الحكومة السورية.
وخلال لقائه وزير الخارجية الإسباني جوزف بوريل فونتييس، أعرب عون عن أسفه «لأن الاتحاد الأوروبي لا يتخذ موقفا مشجعا بالنسبة إلى عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، رغم أن أسباب العودة متوافرة بعد استتباب الأمن والاستقرار في معظم الأراضي السورية وإعلان المسؤولين السوريين ترحيبهم بهذه العودة وتقديمهم كل الرعاية للعائدين».
وأبلغ عون وزير الخارجية الإسباني جوزف بوريل فونتييس أن «لبنان أمن حتى الآن عودة 194 ألف نازح سوري من أراضيه ولم ترد معلومات عن تعرضهم لأي مضايقات، وهذا ما أكدته تقارير المنظمات الدولية الموجودة في سوريا»، مشيرا إلى أن «لبنان يتطلع إلى تغيير في الموقف الأوروبي يسهل هذه العودة تحت رعاية المجتمع الدولي، لئلا تشتد تداعيات هذا النزوح على الأوضاع كافة في لبنان، ونجبر على اتخاذ خطوات لتنظيم العودة مع الحكومة السورية».
وخلال اللقاء في قصر بعبدا، نوه عون بـ«أهمية العلاقات الثنائية بين البلدين على مختلف الصعد وضرورة تعزيزها»، شاكرا مساهمة إسبانيا في القوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل). كما أعرب عن رغبة لبنان «في أن تشارك الشركات الإسبانية في الاستثمار في لبنان، لا سيما في جولة التراخيص الثانية لاستخراج النفط والغاز».
وأكد الوزير الإسباني وقوف بلاده «إلى جانب لبنان وتضامنها معه في موضوع عودة النازحين السوريين إلى بلادهم»، لافتا إلى أن «مشاركة إسبانيا في اليونيفيل خير دليل على التزامها الأمن والاستقرار في لبنان ودعمها لتحقيق النهوض الاقتصادي».
وأكد فونتييس أن بلاده «ترى في قرارات وتوصيات مؤتمر «سيدر» فرصة للبنان، تدل على ثقة المجتمع الدولي به وبإمكاناته»، مشيرا إلى أن بلاده «تؤيد المبادرة الرئاسية اللبنانية بإنشاء «أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار»، وأن وزير الخارجية الإسباني السابق ميغيل انخل موراتينوس، عين ممثلا شخصيا للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الحوار، ما سيساعد على التعاون مع لبنان في هذا المجال».
وخلال لقاء وزي الخارجية الإسباني مع نظيره اللبناني، أكد الوزير جبران باسيل أن «النزوح الذي تعرض له لبنان ويدفع ثمنه غاليا جدا، لم ولن يسلم منه أي بلد خصوصا، إذا كان مجاورا أو قريبا مثل البلدان الأوروبية التي سنشهد فيها المزيد من التداعيات بسبب ما يحصل من أزمات نزوح في أوطاننا». وقال باسيل: «نبهت مجددا إلى أن المجتمع اللبناني ما دامت لديه المناعة والقدرة على الصمود سيبقى يستثمر الكثير من الإنسانية والحفاوة بإخواننا السوريين، ولكن إذا استمررنا في هذه الضائقة الاقتصادية فلن يستطيع أحد تحمل هذا العبء».
وقال: «على أوروبا، وخصوصا إسبانيا المتفهمة جدا للخصوصية اللبنانية أن تستدرك هذا الأمر وتسعى بسرعة إلى مساعدة لبنان على إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم حماية للبنان وحماية لأوروبا. فهناك 25 إلى ثلاثين في المائة من البطالة، وواحد في المائة من النمو و25 مليار دولار أميركي من الخسائر الاقتصادية لا يستطيع تحملها بلد صغير مثل لبنان، ولا بد أن تفيض تداعيات هذه الأزمة إلى أوروبا المجاورة».
وقال باسيل: «في موضوع سوريا، كلنا نسعى إلى حل سياسي وإلى الحل الذي يرتضيه السوريون والذي يساعد في تسريع العودة، إنما هو ليس شرطا للبدء بالعودة. كذلك لبنان متخوف مما يحكى عن صفقة العصر في موضوع الحل الفلسطيني، لأنه معني بوجود اللاجئين الفلسطينيين على أرضه ومعني أكثر بما يتهدده من أزمات مالية واقتصادية، ووضعه تحت عبء الديون أو التلميح له بإمكانات مساعدته في هذا المجال، هو أمر مهم جدا بالنسبة لنا وهو كياني ووجودي ولا بد من التنبيه منه».
وقال فونتيليس إن «إسبانيا مدركة تماما للتضامن والكرم الذي يبديه شعب لبنان وحكومته تجاه النازحين الذين تدفقوا إليه بسبب الأزمة في سوريا، ونحن نعلم تماما أن لبنان يستقبل أكبر عدد من النازحين مقارنة بعدد سكانه، وندرك تماما تبعات هذا النزوح ليس فقط من الناحية الاقتصادية بل أيضا الاجتماعية».
وأشار إلى أن إسبانيا «شاركت في مؤتمر بروكسل والتزمت ماليا تجاه لبنان من خلال تقديمها له مساعدة اقتصادية بقيمة 25 مليون يورو، ولكن نعرف أن المشكلة ليست اقتصادية فحسب. طبعا نحن مهتمون بمعرفة متى وكيف سيعود النازحون السوريون إلى بلادهم. وقد بحثنا مع الوزير باسيل في مسألة تقديم حوافز للنازحين لتشجيعهم على العودة، وندرك أهمية العمل على هذا المستوى، مع احترام كل المعايير الدولية ومعايير الأمم المتحدة، والعمل ضمن هذا السياق لتقديم الحوافز للنازحين لتشجيعهم على العودة».