ماذا فعل نوري المالكي بالعراق، وماذا يستطيع حيدر العبادي ان يفعل لتطهير العراق من الاشباح وحلّ الأزمة المصيرية التي تواجهه؟
الاثنان من “حزب الدعوة”، ولأن العبادي كان نائباً للمالكي فهو يعي جيداً صعوبة مهمته في محاربة الفساد الذي دمّر العراق وإعادة تصحيح الأوضاع، ولأنه يعرف اي جدران سيناطح، لم يتردد في الوقوف امام الصحافيين ليعلن إقالة قياديين في وزارتي الداخلية والدفاع عيّنهم المالكي، مؤكداً ان “الحملة على الفساد لن تتوقف حتى لو كلّفتني حياتي”!
يدرك العبادي جيداً انه لا يقاتل سلفه الذي أفسد العراق بل يقاتل تركة ثقيلة على شكل مؤسسة من الفاسدين، الذين يقبضون على عنق الدولة ويمتصون دمها، وما قيل ويقال عن “الفضائيين”، ليس كافياً لإظهار صعوبة المهمة التي يخشى العبادي ان تكلّفه حياته.
ذلك انه يخوض معارك صعبة وثقيلة على جبهات كثيرة، أولاها المعركة ضد “داعش”، التي تتقاطع فوقها حسابات وتناقضات، الى درجة انه عندما طالب اميركا بمزيد من الدعم لمواجهة الارهابيين، جاءه الرد سريعاً من حسن روحاني:
“ندعمكم لمواجهة الإرهاب فلستم في حاجة الى قوات اميركية”، والى درجة ان العشائر السنيّة في الأنبار، التي تشكو من تلكؤ بغداد في تسليمها السلاح لمواجهة “داعش”، والتي تخشى ان تواجه الذبح كما حصل مع عشيرة البونمر، تهدد الآن بوقف القتال ضد الارهابيين.
واضح أيضاً ان العبادي يواجه محاذير ايرانية من ان تتحول العشائر “بشمركة سنيّة” مقتدرة بما يرسّخ اللامركزية ويعيد التوازن، وواضح أيضاً ان التصريحات الاميركية قبل اسابيع عن تشكيل جيش من مئة ألف من العشائر واجه بدوره محاذير وعراقيل في بغداد وطهران على السواء.
معركة العبادي ضد الفساد الذي حوّل العراق لقمة سائغة امام الإرهابيين لن تكون سهلة، فبعد فضيحة “الفضائيين” وأعلان رئيس البرلمان سليم الجبوري عن الإتجاه لاستجواب المالكي بشأن السقوط الكارثي للموصل، جاء تصريح المرشد علي خامنئي مباشرة ليشيد بدور المالكي “الشجاع والمقتدر” في الحفاظ على العراق والذي منع انسياقه الى الإضطراب والفوضى!
ورغم الدعم الذي يعطيه المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني لمعركة العبادي على الفساد، فان اجتثاث تركة المالكي الثقيلة داخل دولة المسخرة، لن يكون سهلاً على العبادي الذي زار دولة الإمارات في بداية تحرك خارجي لإصلاح علاقات العراق مع الدول الخليجية، التي كان المالكي قد أفسدها بمواقفه وسياساته.
في مواجهة “داعش” لم يكن هناك جيش عراقي إلاّ في قيود المالكي الدفترية، ولم يكن هناك دولة إلاّ على ورق فواتير بعشرات المليارات، دولة اشباح تبيّن ان فيها مثلاً قوائم باسماء ٧١٦ وكيل وزارة و٤٥٣٥ مديراً عاماً… لكنها دولة المالكي الشجاع والمقتدر!