IMLebanon

العبادي يناطح جبل الفساد!

موافقة مجلس النواب العراقي على القرارات الإصلاحية التي اتخذها رئيس الوزراء حيدر العبادي ليست أكثر من خطوة في رحلة الألف ميل، لكي يمكن الحديث فعلاً عن البدء بزحزحة التراكم الهرمي للفساد الذي جعل من العراق دولة منهوبة، لا تواجه خطر الانهيار الإقتصادي فحسب، بل خطر التقسيم مع ارتفاع احتمال قيام دولة شيعية في الجنوب وسنيّة في الوسط وكردية في الشمال.

خروج تظاهرات عارمة تطالب بالخدمات العامة من الكهرباء والماء والدواء وبالقضاء على دولة الفساد التي ترسخت في الأعوام الـ١٣ الماضية، لن يكون في وسع العبادي ان يستجيب مطالبها المشروعة، لأنه أعجز من ان يخوض حروباً عدة معقدة في الوقت عينه، ولن يكون في وسعه ان يصلح ما أفسد نوري المالكي الذي لم يكن أكثر من واجهة للدولة العراقية العميقة التي تديرها طهران.

العبادي عليه ان يبدأ معركة الإصلاح اولاً من داخل بيته الحكومي، حيث عليه مثلاً ان يطرد نائبه بهاء الأعرجي الذي يكاد ان يتقمص دور المالكي، وخصوصاً في قطاع الكهرباء الذي فجّر التظاهرات، وعندما يقول الأعرجي مثلاً إن المالكي نهب تريليون دولار من أموال العراق، سيجد من يرد عليه سريعاً انه هو أيضاً يسير على خطى المالكي ولكن بوتيرة أسرع!

العبادي عليه ثانياً ان يخوض معركة إصلاح معقد داخل حزبه، أي “حزب الدعوة” الذي يعمل بتوجهات ايديولوجية مذهبية تنهل مما تمليه عليه المصالح الإيرانية، التي باتت من أيام المالكي تدير الدولة العراقية من وراء الستار وحتى من أمامه، وبهذا المعنى عندما تصطدم معركة العبادي بالنفوذ الإيراني وأيضاً بقوى الفساد المترسخ في دولة بات فيها مثلاً اكثر من أربعة آلاف مدير عام بسبب التنفيعات على قاعدة مذهبية، يصبح من الصعب توقع النجاح!

العبادي عليه أيضاً محاربة غول الفساد الذي ضرب القوى العسكرية للدولة وجعل فيها من الأشباح جنوداً أكثر من الرجال، وهو ما فرض بروز وحدات “الحشد الشعبي” على خلفية مذهبية، وليس واضحاً كيف يمكن أي حكومة ان تخوض معركة ضد الفساد المستشري فيها من دون قوى أمنية لها هيبتها وصدقيتها الوطنية!

العبادي عليه كذلك ان يخوض معركة ضد الفساد الذي ينخر في السلطة القضائية التي ركّبها المالكي وفق ما يخدم سياسته وما يتناسب مع مصالح طهران، التي كانت قد فرضته رئيساً للحكومة بتفاهم مع أميركا على رغم خسارته الانتخابات امام أياد علاوي، ولا مجال لنجاح محاربة الفساد من دون قضاء نزيه.

صحيح ان المرجع الأعلى علي السيستاني ومقتدى الصدر وعمّار الحكيم يدعمون العملية الإصلاحية، لكن المعركة صعبة جداً في العراق الذي لم يتمكن بعد من استعادة الموصل والرمادي من “داعش”!