IMLebanon

من هو عباس ابراهيم … ؟

 

 

هل يعلم أولئك الذين في الأبراج العاجية ـ التوابيت العاجية ـ من هو عباس ابراهيم؟

 

الذي يعلم كيف ينظر الأميركيون، وكيف ينظر الروس، وكيف ينظر الفرنسيون، وكيف ينظر السعوديون، وكيف ينظر «الاسرائيليون»، الى ما ينتظر لبنان …

 

الذي يعلم كيف تدار لعبة الدهاليز، اياها لعبة الثعابين أو لعبة الذئاب، في المنطقة. لا نتحدث هنا عن السوبرمان، ولا نتقن التزلف. نتحدث عن رجل يدرك ما هي مهمة المدير العام للأمن العام، دون أن يكون، وكما جرت الأعراف، رجل فلان، أو اليد اليمنى لفلان أو فلان. مهمته أن يكون رجل لبنان فقط، وللبنان فقط.

 

في واشنطن يعلمون ذلك، وفي طهران، وفي دمشق، يعلمون ذلك. القريب من الجميع، البعيد عن الجميع. ما يقوله الآن حين يقرع ناقوس الخطر ما يقوله ديبلوماسيون عرب وأجانب، وخبراء في المؤسسسات المالية الدولية، ناهيك بقادة أجهزة أمنية في بلدان حريصة على لبنان أكثر بكثير من حرص أهل السلطة في هذه الأرض التي طالما تغنينا بذكرها في الكتب المقدسة.

 

لأنه يعلم من يبيع لبنان من أجل كرسي لم يعد يليق بذبابة، ومن أجل أن يشتري الأحذية المرصعة لزوجته، أو لعشيقته، التي ترعرعت حافية القدمين وحافية الرأس، ومن أجل أن يبقى على أكتاف الماعز، الماعز من كل الأطياف، ومن كل الطوائف .

 

وهل يعلم هؤلاء ما يعنيه حين يقول «نحن أمام أخطار مهولة» ؟ يعني أخطاراً هائلة، وتثير الهلع مثلما تثير الذعر. ولا شك أنه اطّلع على الكثير من التقارير حول ما يقوله القادة «الاسرائيليون» حول اللبنانيين الذين تنتظرهم المخيمات ان عثروا على أمكنة لهذه المخيمات.

 

لعل اللواء عباس ابراهيم فكر في الاستقالة التي قد تحدث الصدمة، أو تحدث الزلزال، في رؤوس من حُرنا في وصفهم. أهم ديناصورات الجمهورية، أم حفارو القبور، أم مصاصو الدماء، أم أكلة عظام البشر ؟

 

التقارير الديبلوماسية والاستخباراتية، بما فيها التقارير الأميركية و»الاسرائيلية»، والكثير منها على طاولته، توحي أو تؤكد، بأن لبنان أمام أيام أشد هولاً، وأكثر كارثية، لأن ثمة أيد خارجية (وداخلية بالدرجة الأولى) تدفع بهذه العربة الى أقصى مكان في الجحيم. خطوة لا أكثر ونكون في أقصى مكان في الجحيم .

 

ماذا تجدي الاستقالة، وكيف لها أن تزعزع رؤوس وضمائر، من احترفوا ثقافة الأدغال، وثقافة الأقبية، وثقافة التبعية، وثقافة هز البطن أمام كل قناصل الدنيا، ولوردات الدنيا، وعرابي المافيات في الدنيا ؟

 

مشكلتنا أننا لسنا دولة التغيير، ولا مجتمع التغيير. دول داخل الدولة، أو فوق الدولة، مجتمعات داخل المجتمع، أو فوق المجتمع. لا مجال لكي ننتج امرأة مثل الباسيوناريا بل امرأة مثل ليلى عبد اللطيف، ولكي ننتج رجلاً مثل ارنستو غيفارا، أو مهاتير محمد، أو نلسون مانديلا، بل رجلاً على شاكلة أولئك الكذبة الذين يقرؤون ميكانيكياً الغيب، كما لو أننا لا نستلقي على تخوم الغيب التي هي، بشكل أو بآخر تخوم العدم !

 

يضحكنا كثيراً، ويبكينا كثيراً نواب «التغيير»، وقد تحولوا بدورهم، الى ببغاءات الشاشات التي تبحث عن أي شيء، عن أي شيء يعكس لغة المراوحة، ولغة الاجترار، لكي تملأ الهواء اياه الذي لم يعد هواء لبنان، ولا هوى لبنان. هواء الهاوية.

 

قنبلة صوتية في ساحة النجمة اذا كانت تتناهى اليكم قهقهات الديناصورات الذين يظنون أنهم خلقوا ليحكمونا الى الأبد، وليطحنوا أزمنتنا الى الأبد.

 

الوقت قد يكون بحاجة الى ببغاءات «التغيير» الذين يفترض أن يرقصوا حول كومة الحطب. الكل يرقصون عراة، حول كومة الحطب، بمن في ذلك نحن الماعز. البشري اعتدنا، ونحن دولة «الهوارة»، ومجتمع «الهوارة» مثل تلك الظواهر الفولكلورية، أو الفقاعات الثورية، التي سرعان ما تنطفئ في لعبة الضوء والضوضاء .

 

اللواء عباس ابراهيم أطلق صرخته (اللهم لقد بلّغت). كيف للرؤوس الصدئة أن تهتز، أو أن تستشعر لحظة، ما ينتظرنا من ويلات. ما نخشاه أن تكون كلمته كلمة الرثاء الأخيرة لجمهورية تلفظ أنفاسها الأخيرة …