غادر الموفد الاميركي بيروت، لتنتهي معه لعبة الخطوط، مع اصطفاف الجميع في صف واحد، خلف القرار الرسمي للحكومة اللبنانية، وان كانت مصالح الاطراف واهدافها مختلفة، وليبان الخط الابيض من الاسود، بعدما تبين للجميع ان الرسالة اللبنانية الى الامم المتحدة «لا قيمة قانونية لها» ما لم تقترن بتوقيع المرسوم 6433، الذي يشكل نقطة دعم قانونية امام الجهات الدولية، وهو ما يبدو ان رئيس الجمهورية ليس في وارده حتى الساعة.
هكذا اذا انتهت جولة هوكشتاين، التي قادته للمرة الاولى الى لقاء مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم، التي حملت الكثير من الرسائل والمعاني المتناقضة، رغم ان دخانها لم يحجب زيارات اخرى كانت لافتة في شكلها ومضمونها وما صدر بعدها عن عوكر في تغريدتين بصيغتين مكملتين.
وبحسب المطلعين على اجواء لقاءات الموفد الاميركي، الذي ادرك ان لا مجال جدي لاحداث اي خرق، نتيجة ان العرض المقدم يرتبط عمليا بتسوية كاملة في المنطقة، فامين عام حزب الله كان اكد قبل اقل من اربع وعشرون ساعة من وصوله، على ان الحزب غير معني بالترسيم، لان حارة حريك لا تعترف اساسا بـ «اسرائيل» لتعترف بمنطق ومبدأ ترسيم الحدود معها، وهو كلام واضح المعنى والمغزى، تركيزه على الشق الثاني من جدول اعماله.
بناء على ما تقدم، تؤكد المصادر ان البند الاساسي والطبق الدسم كان بحث وناقش أزمة الكهرباء الخانقة، من باب مبادرة ضخ الغاز الطبيعي المصري عبر الأردن وسوريا التي من المتوقع أن تساعد على تعزيز إنتاج الكهرباء، والتخفيف من الأزمة، وهو ما دفع بواشنطن الى «التنازل» في موضوع عقوبات قيصر فيما خص سوريا، لافتا الى ان هذا الدعم هدفه أن يتحول الى تعاون إقليمي يجمع روابط الطاقة مع روابط تجارية اقتصادية أخرى في حال قرر لبنان السير في عملية ترسيم الحدود.
اما سياسيا، والكلام للمصادر، فكان لافتا جدا حديثه الواضح والمباشر حول «قانون قيصر»، في ظل اللغط والتحليلات التي رافقت عملية الاعفاءات المتعلقة بعبور الغاز المصري والكهرباء الاردنية الى لبنان عبر سوريا، وهي عملية معقدة وتتطلب الكثير من المراقبة، حيث اكد ان هذا القانون «مهم جدا» في الاستراتيجية الاميركية، وجزء اساسي من سياستها في المنطقة، رافضا ترجمة الاعفاءات فيما خص عبور الغاز والكهرباء بانها عملية تطبيع مع دمشق، وهو امر لن يحدث في ظل الادارة الديموقراطية، رغم كل ما يجري تسويقه، محذرا من اي خرق او انتهاك للشروط الاميركية في هذا المجال، والتي ستكون تبعاتها قاسية جدا لا قدرة على تحمل المخالفين لها.
وبحسب المصادر فان الجانب الاميركي، بات على قناعة ان اي مفاوضات غير مباشرة بين «تل ابيب» وبيروت لن توصل الى نتيجة، بل على العكس ستؤدي الى مزيد من التعقيدات والمشاكل، بناء لتجربة الاشهر الماضية، لذلك كان ايحاؤه بان المفاوضات الجدية لن تكون قبل بداية العهد المقبل، بمعنى ان هذه الورقة لن يتم بيعها للرئيس عون، والى ان يحين الوقت، «يمكن أن تستمر المفاوضات لفترة طويلة حتى تحدث لحظة حرجة عندما يفهم الجميع ويقرر أن هذا هو الوقت المناسب ليس بالنسبة الى زيادة النفوذ، وليس بالنسبة الى طرف أو آخر لمحاولة تقوية نفوذه»، بحسب ما نقل عن السفير هوكشتاين، الذي رأى انه في حال اراد لبنان الدخول في أعمال الاستكشاف، والحصول على الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد، وعلى النشاط الاقتصادي، وفي نهاية المطاف الحصول على الموارد الخاصة، عليه بكل وضوح ان يقرر ان كان يريد اتفاقا مع «اسرائيل»، «مهددا» بان الوضع الحالي ممكن ان يشكل نهاية نفق كما يمكن ان يكون بداية ازمة اكبر واقوى.