IMLebanon

الأباتي نعمان: يا ليت اللبنانيين والمسيحيِّين يُساندون أهلَ القاع

استنفرَ الهجومُ الانتحاري غير المسبوق على بلدة القاع روحَ المقاومة المسيحية، تلك الروح التي شكّل الرئيس العام للرهبنة اللبنانية المارونية الأسبق الأباتي بولس نعمان أحدَ أهمّ أعمدَتها الى جانب الرهبان والقيادات المسيحية السياسية والفكرية.

لم يَغب عن بال أهالي القاع، وفي عزّ هجوم يوم الإثنين الدامي، تاريخ النضال الطويل الذي قادته الشخصيات المسيحية وعلى رأسها الأباتي نعمان، فتذكّروه، خصوصاً عندما وقعت المجزرة عام 1978. ففي تلك المرحلة كانت الرهبنة اللبنانية المارونية الى جانب أهلها وشعبها في كلّ المناطق اللبنانية لإعطائهم دفعاً ليصمدوا في أرضهم.

يجلس الأباتي نعمان في جامعة الكسليك، يراقب مشكلات الوطن عن بعد، من دون الانغماس في «التفاصيل المرضيّة» التي تضرب الوطن. إختار الصلاة والكتابة لتنجوَ السفينةُ من الغرق، لأنهما في رأيه مقاومة من نوع آخر خصوصاً أنّ بعض السياسيين ابتعد من لغة المنطق والعقل.

لا يدخل العمر عنصراً رادعاً في قاموس الأباتي الذي تخطّى الثمانين عاماً، وما زال يواظب على متابعة هموم البلد ومشكلاته، يقرأ الصحف يومياً من دون الاستعانة بنظارات. لا شيءَ يقهره سوى رؤية البلد الذي ناضل لحمايته ومعه آلاف الشبان الذين بذلوا دماءهم، يتمزّق وتنحلّ مؤسساته ويواجه الخطرَ الداهم.

لم تنطفئ روحُ المقاومة في شخص الأباتي نعمان لتشتعل مجدداً، وهو الذي عايش مجزرة القاع الأولى في 28 حزيران 1978 ووقف الى جانب أبنائها عندما كانوا بأمس الحاجة الى مَن يعطيهم دعماً ومعنويات للإستمرار على غرار جميع مسيحيّي لبنان.

ويقول لـ«الجمهورية» بعد التفجيرات الإنتحارية الثمانية التي هزّت سكون البلدة: «يا ليت بعد في صحّة تـ إطلع وأوقف حدّ اهالي القاع». مؤكداً «أننا نساندهم ونقف معهم قلباً وقالباً، وننحني أمام نضالهم ومقاومتهم من أجل الصمود والحفاظ على الوجود في بلدتهم».

يُذكّر الأباتي نعمان ببطولات أهل القاع، «فهم لم يواجهوا العدوان في الأمس ولا عام 1978 فقط، بل كانوا دائماً وأبداً خط الدفاع الأوّل عن المسيحيين ولبنان في وجه الغزاة والبرابرة، ولذلك نشكرهم ونتضامن معهم، وعلى كلِّ مسيحيٍّ ولبنانيّ تقدير هذه الوقفة البطولية التي يقفونها دائماً في وجه الأعداء وغزاة الوطن».

لا يتعَب الاباتي نعمان من التذكير بهذا الشعب المناضل وتاريخه الطويل، إذ يرى أنّ «هؤلاء الأبطال حملوا السلاحَ رجالاً ونساءً الى جانب الجيش من أجل الدفاع عن أنفسهم والدفاع عن الإنسانية والوطن، فهم لم يتسلّحوا من أجل محاربة إخوتهم في الوطن، لذلك كنت أتمنّى أن أقفَ الى جانبهم وأتضامن معهم لو سمح لي العمر، وأتمنّى أن يؤمّن لهم المسيحيون بعض الدعم المطلوب لمساعدتهم على الصمود في وجه الأخطار».

يقارن الأباتي نعمان بين هذه المرحلة ومرحلة 1978، ويقول إنّ «الحدود كانت مشرّعة منذ سنوات وهناك دخول سوري كبير، وبالتالي باتت مهمة ضبط الأمن اليوم صعبة ويجب أن تتّخذ الدولة خطواتٍ حازمة لحماية القاع والبقاع وكلّ لبنان».

ويختم الأباتي قائلاً: «قلوبنا معكم يا أهالي القاع الصامدين، وكلّ لبنان مستعدّ لنصرتكم متى دعت الحاجة، وعلى المؤسسات الوطنية واللبنانية أوّلاً، والمسيحية ثانياً التحرّك فوراً لتأمين كلّ ما تحتاجونه لأنكم أنتم تحمون لبنان، ونشكركم من كلّ قلبنا على صمودكم وعنفوانكم وتمسّككم بأرضكم».

لم يتغيّر المشهدُ كثيراً بين الأمس واليوم، لكنّ الثابت الوحيد في لغة الوطن هو إستعداد الشعب لدفع فاتورة دم غالية من أجل البقاء، لأنه لو فكّرت كلّ بلدة بالهجرة كلما دقّ الخطر، لكان لبنان أصبح أرضاً بلا شعب، يسكنه الغرباء، وبات شعبه الأ